الريسوني.. بين الصعود الجدلي والسقوط في "فتنة"
صاحب فتاوى شاذة وآراء لا تختلف كثيرًا عنها، بدأ مشواره في ما يسمى "اتحاد علماء المسلمين" بجدل وأنهاه بأزمة "فتنة"، وما خفي بين المحطتين أعظم.
فرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المستقيل أحمد الريسوني، والذي يوصف بـ"ظل القرضاوي"، صعد إلى الأضواء في العام 2013 بالتزامن مع انهيار حكم الإخوان في مصر، نائبًا لرئيس الاتحاد آنذاك يوسف القرضاوي.
وسار الريسوني إلى رئاسة الاتحاد في العام 2018، خلفًا ليوسف القرضاوي، الذي اتخذه سراجًا لطريقه في قيادة الاتحاد؛ فباتت مواقف الأخير السياسية تدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين.
من هو أحمد الريسوني؟
ولد أحمد الريسوني في قرية أولاد سلطان بإقليم العرائش، بشمال المملكة المغربية عام 1953، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة القصر الكبير، وحصل فيها على الشهادة الجامعية في الآداب العصرية.
عمل محررا قضائيا بوزارة العدل في المغرب، في الفترة (1973 ـ 1978)، ثم عين رئيسا للقسم الإداري بالمحكمة الابتدائية بمدينة سوق أربعاء الغرب.
عمل أستاذا لعلم أصول الفقه ومقاصد الشريعة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة محمد الخامس، وبدار الحديث الحسنية ـ بالرباط، (1986 إلى سنة 2006)، وأستاذا بجامعة حمد بن خليفة بقطر، وبكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر.
صعود الريسوني لرئاسة الاتحاد
صعود الريسوني إلى رئاسة اتحاد علماء المسلمين، كشف عن خلافات وانقسامات داخل جماعة الإخوان، وخاصة بعد رفض بعض قياديي التنظيم أفكاره، ابتداء من نفيه وجود نظام إسلامي، وارتياحه لما جرى في مصر باعتباره صراعاً على السلطة.
فتاوى الريسوني
فعلى خطى سلفه سار الريسوني في آرائه، فملأ الدنيا ضجيجًا بفتاوى وآراء وصفت بـ"الشاذة" والمحرضة ضد الدول العربية وضد مخالفيه في الرأي.
ففي العام 2015 أثار الريسوني الجدل بفتوى حول تحريم قتال عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، قائلا: "الحرب القائمة ضدهم هي أيضا حرام في حرام، وليست حربا من الإسلام والمسلمين في شيء. بل الإسلام والمسلمون هم ضحايا لهذه الحرب ولطرفيها معا".
وبتصريحات غير مسبوقة حاول الريسوني في حوار مطول معه أجري في العام 2016، التبرؤ من تنظيم الإخوان، معبرًا عن ارتياحه للثورة التي قامت ضد الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، مشيرًا إلى أن حركة الإخوان المسلمين لديها جمود فكري، وعليها أن تتحرر من تراث حسن البنا.
وفي العام نفسه، نشر الريسوني تدوينة على صفحته في فيسبوك، اعتبر فيها تخصيص مقبرة خاصة بالملحدين أمرا "معقولا ومقبولا"، مشيرًا إلى أن "غير المسلمين لا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، وكذلك لا تجوز صلاة الجنازة على جثامينهم، ولا يجوز إدخالها إلى المساجد أصلا".
فتاوى "شاذة"
ونسبت إلى الريسوني في العام 2018 فتوى وصفت بـ"الشاذة" حول جواز نكاح الموتي، إلا أنه خرج في تصريحات صحفية نافيًا إياها، قائلا إن "كل هذه مزاعم خيالية مختلقة لا أساس لها من الصحة، بل إنني لا أدري أصلاً ما معنى فتوى نكاح الأموات".
ودخل الريسوني في العام 2015، على خط جدل الإجهاض ودعوات تقنينه، متهما من وصفهم بـ"الإجهاضيين" بالعمل على "تحرير الفروج".
وقال الريسوني، في بيان نشره في ذلك الوقت على موقعه الرسمي، إن ما وصفها بـ"معركة الإجهاض" تدور رحاها بالمغرب حاليا، وقد زاد من سخونتها الجلسات الحوارية التي نظمتها بعض الوزارات، مضيفا أن المعركة يخوضها فريقان رئيسيان هما: "فريق الإسلاميين، وفريق الإجهاضيين" على حد تعبره.
"غضب عارم"
وقبل أيام، أثار رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المستقيل أحمد الريسوني، موجة غضب في موريتانيا والجزائر، بعد تصريحات وصفت بالمستفزة حول وجود الأولى، والزحف للجهاد في الثانية.
وقال الريسوني إن "ما يؤمن به قطعا هو أن الصحراء وموريتانيا تابعتان للمملكة"، مضيفًا أن: "العلماء والدعاة والشعب المغربي" على استعداد للجهاد بالمال والنفس والمشاركة في مسيرة شبيهة بالمسيرة الخضراء والزحف بالملايين إلى الصحراء ومنطقة تندوف الجزائرية، إذا طلب العاهل المغربي ذلك".
ورغم أن الريسوني حاول التراجع عن تلك التصريحات زاعمًا أنها "جاءت في سياق تاريخي ولا علاقة له بالوضع الحالي"، إلا أن بكاءه على اللبن المسكوب لم ينفعه، وأجج من جديد الانتقادات الموجهة ضده، والتي أجبرته على الاستقالة من رئاسة الاتحاد اليوم الأحد.
وأرجع الريسوني استقالته إلى "تمسكه بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصا على ممارسة حريته في التعبير، بدون شروط ولا ضغوط"، وفقا لما نقلته صحيفة هسبريس المغربية عن رسالته الموجهة للاتحاد.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xNjYg جزيرة ام اند امز