دعوات لتجميده.. شظايا "فتنة الريسوني" تحرق "اتحاد القرضاوي"
لا تزال تداعيات تصريحات أحمد الريسوني رئيس ما يسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" تتصاعد، وتصيب شظاياها الاتحاد ورئيسه.
وأثارت التصريحات "المستفزة"، التي طالت الجزائر وموريتانيا، غضب عدد من علماء الجزائر والأحزاب الإسلامية إلى حد المطالبة بتجميد عمل "الاتحاد" الذي اعتبروه "لا يصلح بين المسلمين، بل يؤجج النار بينهم"، مستنكرين بشدة ما وصفوه بـ"الانحراف الخطير في دور الاتحاد".
- الريسوني على خطى القرضاوي.. غضب بالجزائر وموريتانيا من "فتنة الإخوان"
- ملك المغرب بعيد العرش: لن نسمح لأحد بالإساءة إلى أشقائنا بالجزائر
وقال الريسوني إن قضية الصحراء "صناعة استعمارية"، مؤكدا أن "العلماء والدعاة والشعب المغربي" على استعداد للمشاركة في مسيرة شبيهة بالمسيرة الخضراء لـ"الإقامة في الصحراء وفي تندوف".
وحاول الريسوني تبرير دعوته بأنها من أجل "قطع آمال من يفكرون في فصل الصحراء عن المغرب"، مطالبا الملك محمد السادس بـ"التدخل".
وتمادى في محاولات قطع أحبال الوصال بين المغرب وأشقائه العرب، معتبرا أن "اعتراف المغرب باستقلال موريتانيا كان خطأ"، على حد تعبيره.
وكان العاهل المغربي محمد السادس، قد شدد في 31 يوليو/تموز الماضي على رفضه لأي إساءة إلى الجزائر وشعبها، مؤكدا حرصه على تعزيز التقارب والتفاهم بين الشعبين.
"الاتحاد" يتبرأ منه
ودفعت حملة التنديد والاستنكار الواسعة في الداخل الجزائري والمغربي والموريتاني على حد سواء، علي القرة داغي، أمين عام ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (مقره الدوحة)، ويعرف باسم "اتحاد القرضاوي"، إلى التبرؤ منها.
وقال "داغي" إن "موقف الاتحاد من تصريحات رئيسه أحمد الريسوني في مقابلة تلفزيونية، حول إقليم الصحراء، يمثله وحده، ولا يمثل الاتحاد".
وأوضح داغي، في بيان أن "ما قاله الريسوني في مقابلته التلفزيونية أو في غيرها، حول الصحراء هذا رأيه الخاص قبل الرئاسة، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد".
وأوضح أن "دستور الاتحاد ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق، والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد، وبناء على هذا المبدأ فإن المقابلات أو المقالات للرئيس، أو الأمين العام تعبر عن رأي قائلها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد".
بيان القرة داغي ومن قبل الاتحاد الذي يمثله، لم يوقف سيل الهجوم على الريسوني، والذي وصل لحد المطالبة بتجميد "الاتحاد".
وقال الدكتور عبدالسلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، عبر حسابه الرسمي على موقع "فيسبوك": "حين تدخل الأمين العام (القره داغي) للرد على تصريحات الريسوني، زاد الطين بلة، وبدلا من توضيح ما يتعلق بكلام الأخير صب مزيدا من الزيت على النار بالحديث عن التطبيع في مجال لا يتعلق بالتطبيع ثم انتقل من التطبيع إلى الحديث عن منطقة يجهلها ولا يعرف عنها شيئا وكل ذلك لا يتعلق بالموضوع".
وأضاف المفكر والكاتب المغربي: "ثم جلد الريسوني جلدا وقرعه تقريعا ووعد نيابة عنه بتقديم اعتذار بدل تقديم توضيح ولم أسمع في حياتي من يعتذر عن أفكاره وآرائه ولم يقل شيئا عن التوضيح وهو المطلوب في مثل هذه الحالات".
إزاء ذلك، تساءل "بلاجي" عن "جدوى استمرار الاتحاد والبقاء فيه، وهو لا يستطيع تعبئة الأمة في قضاياها الكبرى، ولا يميز بين الظالم والمظلوم ولا ينصف المظلوم، ولا يصلح بين المسلمين بل يؤجج أمينه النار بينهم وينصب نفسه قاضيا وأستاذا يوزع عليهم النقاط".
وواصل: "يبدو أن علماء الأمة إلا من رحم ربي عاجزون عن معالجة قضايا الأمة رغم حملهم لهمومها وتبنيهم ظاهريا لقضاياها رغم أني أربأ بالكثير منهم عن الارتزاق أو سوء النية".
وبعد تنديده بالتصريحات الغريبة وغير المسؤولة لأحمد الريسوني، دعا حزب "تجمع أمل الجزائر" إلى "إعادة النظر في قوانين الهيئات الإسلامية والعربية المشتركة والوقوف بحزم أمام أي استغلال لخدمة مصالح أعضائها مهما كان موقعهم في سلم المسؤولية".
وطالب الحزب الاتحاد بمحاسبة الريسوني ومعاقبته على مثل هذه السلوكيات المسيئة للهيئة.
وفي السياق، تساءل حزب جبهة التحرير الوطني، عما وصفه بـ"الانحراف الخطير في دور الاتحاد".
من جهته، اعتبر حزب جبهة التحرير الوطني تصريحات الريسوني "غير مسؤولة، ولا تأتي إلا من حاقد جهول متنكر لقيم الإسلام ومتجاوز لطموحات الأمة ومستغل لمنصبه في الدعوة للفتنة والاقتتال بين المسلمين".
كما نددت "جبهة المستقبل" الجزائرية، في بيان لها اليوم، بتصريحات الريسوني، قائلة إنه "لا يمكن أن نصنّفها إلا في خانة المراهقة المتأخرة، والفراغ الروحي الذي يعاني منه البعض".
بدوره، استنكر رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبدالرزاق قسوم، تصريحات الريسوني، مشيرا إلى أنها "لا تخدم وحدة الشعوب ولا تحافظ على حسن الجوار".
الفكر المتطرّف
الريسوني، الذي لم يخف إظهار ميله الفكري المتطرّف والعنيف، وشخصيته ذات التوجه المتعصب، أصبح مادة خصبة في الصحافة والإعلام العربي والغربي منذ أن تقلد منصبه كرئيس للاتحاد، إحدى أذرع التنظيم الدولي للإخوان، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، خلفا ليوسف القرضاوي، بسبب فتاويه المثيرة للجدل.
ومن قبل، شن الريسوني هجوما عنيفا على عدد من العلماء المسلمين في عدد من الدول العربية وهاجم اتفاقيات السلام.
ودفعت ميول وتوجهات الريسوني بعض المراقبين إلى التساؤل حول دوافع وجوده في عضوية هيئات دولية منوط بها خدمة الإنسانية من خلال قيم الإسلام الداعية إلى السلم والإصلاح والتسامح والتعايش.
aXA6IDMuMTMzLjEzNy4xMCA= جزيرة ام اند امز