ذكرى وفاة أحمد زكي.. "البريء" في أرض الخوف
من التلفزيون انتقل أحمد زكي إلى شاشة السينما وقدم عبر شاشتها 65 فيلما منها "أرض الخوف، لا أكذب ولكني أتجمل، الهروب"
من قرية فقيرة جاء الفتى الأسمر أحمد زكي إلى العاصمة القاهرة، كان رأسماله الوحيد موهبة حقيقية وطموحا يمتد لأطراف الدنيا الواسعة.
بخطوات هادئة تارة ومرتبكة تارة أخرى طاف الشوارع والميادين، وكانت أفيشات السينما التي تزين الجدران تستوقفه كثيرا، وفي لحظات كان يتحدث مع نفسه ويسألها، هل تأتي اللحظة وتتصدر صورتي الأفيش؟ هل يوجد على الساحة مكان لشاب أسمر رصيده من علامات الوسامة صفر؟
لم يستسلم الفتى الأسمر الذي ولد في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1949 ليأس البدايات، قرر أن يعاند ويعافر من أجل الوصول لحلمه الكبير.
وقف بجانبه ناظر المدرسة الصناعية التي تعلم فيها، ونصحه بالسفر للقاهرة والالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، رحب "البريء" بالفكرة لا سيما أنه كان يتيم الأب، وتركته والدته وتزوجت، كان يشعر أنه بلا أهل، وأن حلمه هو الخيط الوحيد الذي يربطه بهذا العالم الذي وصفه في أحاديثه بالعالم المخيف.
في عام 1973 حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية، وتم ترشيحه للمشاركة في عدد من الأعمال المسرحية منها "هاللو شلبي، مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، أولادنا في لندن".
حققت هذه الأعمال نجاحا جماهيريا كبيرا، لكنها لم تشبع طموح أحمد زكي، صاحب الموهبة الاستثنائية، ولم يستمر عناد الحظ له كثيرا، إذ رشحه المخرج يحيى العلمي لتجسيد شخصية عميد الأدب العربي طه حسين في مسلسل "الأيام" إنتاج 1979، استثمر الفرصة جيدا وأعلن عن نفسه بشكل أبهر النقاد ودفع شركات الإنتاج للرهان عليه.
من التلفزيون انتقل إلى شاشة السينما وقدم عبر شاشتها 65 فيلما منها "أرض الخوف، لا أكذب ولكني أتجمل، الهروب، ضد الحكومة، البيه البواب، الراقصة والطبال، النمر الأسود"، كما قدم السيرة الذاتية للرئيس الراحل جمال عبدالناصر في فيلم "ناصر 56"، وجسد شخصية الرئيس أنور السادات في فيلم "أيام السادات" للمخرج محمد خان، وكان فيلم "حليم" آخر عمل قدمه عبر شاشة السينما.
تزوج ملك الأداء مرة واحدة وكان من الفنانة هالة فؤاد وأنجب منها "هيثم"، ثم انفصل عنها ولم يكرر التجربة، وكثيرا ما برر عزوفه عن الأمر بأن حياة الفنان صعبة ويتأثر بالشخصيات التي يجسدها على الشاشة ولا تستطيع امرأة أن تتحمل طباعه.
نال أحمد زكي عددا كبيرا من الجوائز، وتم تكريمه من مصر والخارج، فقد كرمه مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1989 عن دوره في فيلم "امرأة واحدة لا تكفي"، كما حصل على جائزة مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990 عن فيلم "كابوريا".
عام 2004 عرف المرض طريقه إلى أحمد زكي، وظل يتغلب على الأمر بالمسكنات، وعندما اشتد الألم قرر أن يسافر للعاصمة الإنجليزية لندن، وكانت المفاجأة أن أخبره الطبيب بأن أيامه في الحياة معدودة بسبب السرطان الذي احتل الرئة والكبد.
رحل الفتى الأسمر عن عالمنا في 27 مارس/آذار 2005، لكنه في الحقيقة ما زال حيا يتنفس في قلوب محبيه.
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA= جزيرة ام اند امز