أزمة طلاء تدفع إيرباص والخطوط القطرية إلى المحاكم.. ما القصة؟
أعلنت مجموعة إيرباص أمس الخميس أنها مستعدة للجوء إلى تحكيم مستقل لمحاولة تسوية نزاعها مع الخطوط الجوية القطرية.
وجاء ذلك بعدما أوقفت الخطوط الجوية القطرية طائرات "إيه 350" بسبب تدهور سطح جسم الطائرة، ومشكلة في الطلاء من الممكن أن تتسبب في خطر على جسم الطائرة حال ضربتها صاعقة.
وسبق أن أبدت 5 شركات طيران أخرى، مخاوفها بشأن المشاكل نفسها منذ دخول هذا الطراز إلى الخدمة، إلا أن أيا منها لم توقف تشغيلها بعكس الشركة القطرية التي أوقفت تشغيل 20 طائرة من أصل 53 طائرة لديها من طراز A350 وقالت إنها تتصرف بناء على أوامر من السلطات المحلية المعنية لحين التأكد من أسباب العيوب.
وفتح الخلاف الباب أمام معركة تعويضات قد تصل لمئات الملايين من الدولارات بعد أن أوقفت الخطوط القطرية تسلم 23 طائرة أخرى كانت قد طلبتها من الطراز A350.
وبعدما دانت إيرباص ما اعتبرته "تفسيرا خاطئا" من جانب زبونتها وحتى "تهديد للبروتوكولات الدولية للسلامة الجوية"، قالت المجموعة الأوروبية للصناعات الجوية في بيان إنها قررت الاستعداد "لتقييم قانوني مستقل".
وأضافت في البيان الذي اتسم بنبرة حادة غير معتادة حيال أحد أهم زبائن المجموعة، أن الأمر يتعلق بـ "حل الخلاف الذي لم يتمكن الطرفان من تسويته خلال المناقشات المباشرة والمفتوحة".
"دفاعا عن السمعة"
وتابع المصدر نفسه أن هذا الإجراء الذي قالت إيرباص إنها "تأسف لاضطرارها لاتخاذه" أصبح "ضروريا للدفاع عن مكانتها وسمعتها".
ولم يتم كشف شكل الإجراء الذي يمكن أن تطلقه إيرباص.
وردا على سؤال حول هذا الأمر خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف، أكد نائب الرئيس التنفيذي لبرامج وخدمات الشركة المصنعة للطائرات فيليب مون، أن العقود التجارية بين إيرباص والخطوط الجوية القطرية تنص على إمكانية من هذا النوع من دون يضيف أي تفاصيل.
وأعلنت الخطوط الجوية القطرية مطلع أغسطس/آب أنها تلقت أمرا من السلطات المنظمة في بلدها بإبقاء 13 من طائراتها إيرباص "إيه350" على الأرض بسبب التدهور السريع لأسطح جسم الطائرة.
ويضم أسطول "قطر إيروايز" 34 طائرة "ايه 350-900" و19 طائرة "ايه 350-1000" حسب وثيقة لإيرباص.
مع ذلك قالت المجموعة الأوروبية التي تعترف بتدهور في حالة الطلاء يمكن أن يعرض شبكة معدنية متكاملة تهدف إلى حماية الطائرة في حال حدوث صاعقة على جسمها المصنوع من مواد مركبة، إن هذا ليس له أي عواقب على السلامة خلال تحليقها.
وخلال مباحثاتها مع إيرباص، أكدت الخطوط الجوية القطرية عكس ذلك، بحسب المجموعة الأوروبية التي تأخذ على شركة الطيران أيضا "رفضها (...) من دون مبرر شرعي" الحلول التصحيحية التي اقترحتها المجموعة.
وأضافت إيرباص أنها "تعمل على إعادة إقامة حوار بناء مع عميلتها حول هذا الأمر ، لكنها لا تنوي قبول استمرار صدور أي تصريحات غير دقيقة من هذا النوع".
وأوضح مون أن إيرباص قررت اتخاذ هذا الإجراء وإعلانه لأن الخطوط الجوية القطرية "قطعت المرحلة الأولى من إجراءات قضائية".
الخطوط القطرية: لا تعليق
وفي اتصالات هاتفية أجرتها وكالة فرانس برس مساء الخميس، قال ناطقون باسم الخطوط الجوية القطرية إنه لا تعليق لديهم في الوقت الحالي.
وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت الخطوط الجوية القطرية بيانا أوضحت فيه أن الخطر الأساسي يكمن في "انكشاف جسم الطائرة" المصنوع من ألياف الكربون وتعرضه لتلف محتمل من جراء الطقس أو أي عامل آخر.
لكن إيرباص كررت في بيان سابق أرسلته بالبريد الإلكتروني لرويترز أن تصميم الطائرة A350، التي دخلت الخدمة عام 2015، يوفر "حماية كبيرة لمقاومة العواصف".
ولفتت إيرباص إلى أن الشقوق التي ظهرت قد تكون إحدى أسبابها "الظروف الصحراوية في قطر".
من جهتها طالبت الشركة القطرية بتحديد سبب قاطع وبإصلاح دائم للمشكلة يرضي الهيئة العامة الطيران المدني في قطر. وامتنعت الهيئة عن التعقيب.
وخرج الخلاف إلى العلن في مايو/أيار الماضي بعد مرور 6أشهر على إرسال الخطوط القطرية طائرة من هذا الطراز لتجهيزها وإعادة طلائها في إطار الاستعداد لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تنظمها قطر العام المقبل.
شكاوى من عدة شركات
وتواترت الشكاوى من تلف الطلاء من شركات كاثاي باسيفيك والاتحاد للطيران ولوفتهانزا ومن الخطوط الجوية الفرنسية بصفتها الشركة المسؤولة عن الصيانة لحساب شركة Air Caraïbes.
كما أكدت الخطوط الجوية الفنلندية وكاثاي باسيفيك ولوفتهانزا أن بعض طائراتها من طراز A350 أُصيبت بما وصفته بتلف "شكلي"، في حين أفادت شركة Air Caraïbes أنها وشركة الطيران المحلية "فرنش بي" لم ترصدا مشاكل كبرى في الطلاء أو أي مشاكل تتعلق بالسلامة بصفة خاصة.
كما قالت الخطوط الجوية الفرنسية إن طائراتها من طراز A350 تعمل بصورة "عادية" منذ بدأت تشغيلها في 2021.
وليست إيرباص وحدها التي تواجه مشاكل. فقد واجهت بوينج مشاكل في الطلاء وظاهرة تطاير قطع صغيرة من الطلاء في طائراتها من طراز 787 المنافس لطائرة إيرباص. وقال متحدث باسم الشركة إن هذه المشكلة لا علاقة لها بالسلامة وإنه يجري العمل على حلها.
وجهة نظر خبراء
ويرى محللون أن النزاع يتزامن مع مساعي الكثير من شركات الطيران لتقليل اعتمادها على طائرات الرحلات الطويلة وذلك في أعقاب جائحة فيروس كوفيد-19 والخسائر الكبرى التي فرضتها على القطاع.
لكن مصادر بصناعة الطيران في الخليج نفت بحسب رويترز "وجود دوافع تجارية وراء وقف تشغيل الطائرات" مشيرة إلى حاجة قطر "الماسة" للطائرات قبل استضافة كأس العالم.
غير أن قرار قطر وقف تشغيل بعض الطائرات يأتي في وقت حساس لشركة إيرباص التي تسابق الزمن للوفاء بالتسليمات المستهدفة بنهاية العام وفي وقت تدرس فيه الخطوط الجوية القطرية عروضا من بوينج الأمريكية "لإحلال طائرات جديدة محل أسطول طائرات الشحن المكون من 34 طائرة".
وسبق أن كانت الخطوط القطرية طرفا في نزاعات مع موردين في الماضي قبل الوصول إلى حلول وسط مُرضية. ومن آن لآخر ينتقد رئيسها التنفيذي أكبر الباكر كلا من إيرباص ومنافستها الأمريكية بوينج "بسبب أخطاء محسوسة في التصنيع والاستراتيجية".
وفي حين أن الهيئات التنظيمية الأوروبية قالت إنه لا يوجد دليل على وجود مخاطر على السلامة تواصل قطر إجراء تحليل أعمق ولا تُبدي أي بادرة على التراجع.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز