قرية الهجرين باليمن.. منازل طينية تشبه ناطحات السحاب (صور)
على قمة جبلية مرتفعة تقف شامخة منازل طينية بقرية الهجرين في محافظة حضرموت اليمنية، كما لو أنها ناطحات سحاب عملاقة.
تعبّر هذه المنازل التاريخية بتصاميمها الهندسية الفريدة عن عبقرية البناء اليمني القديم، وبراعته في بناء منازل من الطين مكونة من عدة طوابق بشكل هندسي بديع.
واللافت في قرية الهجرين هو تقارب منازلها من بعضها في محاكاة للقرى اليمنية التاريخية التي تشكل مع بعضها أسوارا طبيعية لصد الغزاة، فيما يتماثل لونها مع لون المرتفع الصخري الذي بنيت عليه لتبدو كما لو أنها قطعة واحدة.
وتقع قرية الهجرين في جنوب غرب مدينة سيئون على بعد 100 كيلومتر، وتعتبر بوابة وادي دوعن من الجهة الشرقية، وهو أحد أكثر الأودية اليمنية شهرة، نظرا لما يتميز به من إنتاج أفضل أنواع العسل اليمني، وأكثرها شهرة، وهو "العسل الدوعني".
إرث تاريخي
تشير المصادر التاريخية إلى أن قرية الهجرين، تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، وتحديدا إلى دولة حضرموت، التي ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلادي، حتى ألحقت بالدولة الحميرية التي كانت تبسط سلطتها على كافة المدن اليمنية.
وذكر اسم قرية الهجرين في نقش يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، وتعاقبت عليها العديد من الحضارات والممالك اليمنية القديمة، لعل أشهرها مملكة كندة التي حكمتها أسرة الشاعر الجاهلي امرؤ القيس، حيث تتطابق أسماء العديد من الأماكن فيها، مع بعض كلمات قصائده الشعرية.
وبحسب مدير مكتب الآثار بوادي حضرموت، حسين العيدروس، فإن الشواهد التاريخية في القرية كأدوات الزراعة القديمة والآثار تشير إلى أنها تعود إلى الدويلات اليمنية القديمة، وتحديدا إلى دولة حضرموت.
ويقول العيدروس لـ"العين الإخبارية" إن كلمة هجرين مثنى كلمة "هجر" وتعني باللغة الحميرية القديمة "المدينة" وهجرين تعني المدينتين "دمون وخيدون"، الأولى تقع شرق المدينة، والأخرى في غربها.
ويشير المسؤول اليمني إلى أن المباني القائمة اليوم، ليست القديمة التي تعود إلى العصور الغابرة، لكنها تتغير بعد كل فترة، لأن الطين لا يقاوم أكثر من 500 عام.
ويؤكد العيدروس أن قرية الهجرين هي إحدى مدن حضرموت التي ذكرها المؤرخ اليمني "أبو محمد الحسن الهمداني" في كتابه "صفة جزيرة العرب" في القرن الرابع الهجري، أي قبل ما يقارب من 1000 عام.
منازل منذ ألف عام
رغم قدم تلك المنازل، والمادة الطينية التي تتكون منها، إلا أنها قاومت عوامل الطبيعة، لتبدو اليوم غالبية منازلها بحالة جيدة، كما لو أنها بنيت من سنوات قريبة، لكن المسؤول اليمني يقول إن المباني يتم ترميمها بين فترة وأخرى من قبل الأسر التي تتوارث السكن فيها.
وتتكون القرية من نحو ألف منزل، ثلثي تلك المنازل ما تزال عامرة بالسكان، ويتكون كل منزل من أربعة طوابق، فيما يستمر البناؤون اليوم في تشييد المباني بنفس الطريقة التي بنيت بها منازل القرية قبل نحو ألف عام.
واحتفظت القرية بطابعها المعماري الفريد بعدما أدرجتها الحكومة اليمنية عام 2005، ضمن قائمة المدن التاريخية، كما منعت البناء المسلح فيها باعتبارها قرية تراثية ينبغي أن تحافظ على نمطها الخاص.
شواهد تاريخية
يوجد في أعلى القمة الجبلية التي تتربع عليها قرية الهجرين كهف جبلي نحت في الصخر على شكل غرفة، ويعتقد أنه يعود إلى الإنسان البدائي، لكن هناك من يرى أنه يعود إلى حضارة قوم عاد وثمود التي ذكرت في القرآن الكريم.
كما توجد سدود تاريخية لتخزين مياه الأمطار، عليها نقوش وزخارف قديمة تدل على الحضارات التي تعاقبت على قرية الهجرين. وما زالت هذا القرية التاريخية بحاجة إلى من يفك رموزها، ويشرح معاني الزخارف والنقوش القديمة التي تزخر بها.