الحوثي والقاعدة والإخوان.. ثالوث الإرهاب يلاحق ضباط تعز بـ"الاغتيالات"
لم تكتفِ آلة القتل الحوثية والإخوانية والإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة بالحصار الخانق الذي يطول اليمنيين في مناطق مختلفة، بل عادت من جديد إلى مسلسل اغتيالات الضباط لبث الخوف والرعب.
وفي ظل انفلات أمني تشهده مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة الإخوان والخاضعة لحصار حوثي منذ 9 أعوام، وقعت سلسلة من الاغتيالات طالت ضباطا بارزين من قبل ثالوث الإرهاب.
ووفق مراقبين فإن عمليات الاغتيالات للضباط المحترفين والمعروف عنهم بـ"النزاهة" يعد سلوكا دأبت عليه تنظيمات الحوثي والقاعدة والإخوان منذ سنوات، حيث وقفت خلف تصفية القادة المؤثرين وذات الثقل العسكري والأمني الذين برزوا في التصدي لمخططاتهم المدمرة.
ومنذ مطلع العام الجاري ضربت تعز (جنوب) عدة عمليات اغتيال، منها 4 طالت ضباطا بارزين في وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات، فيما طالت عملية اغتيال أخرى المسؤول الأممي مؤيدي حميدي.
القاعدة في تعز
وأبرز الضباط الذي تم اغتيالهم في تعز مؤخرا هم ضابط المخابرات النقيب عدنان المحيا، والضابط في القوات الخاصة النقيب صلاح العمراني، والضابط في وزارة الدفاع العقيد ياسر الحاشدي، والضابط في وزارة الداخلية العميد عبدالله القيسي.
ولم تعلن شرطة تعز الموالية للإخوان أية تفاصيل بشأن ضبط هوية الجناة الذين وقفوا خلف عمليات الاغتيالات، إلا أن مصادر أمنية كشفت لـ"العين الإخبارية" أن أحد عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي هو من وقف خلف عملية اغتيال ضابط المخابرات النقيب عدنان المحيا الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى أن السلطات تجري عملية تعقب واسعة لضبطه.
وأوضحت المصادر أن ضابط المخابرات المحيا كان بالفعل عضوا في اللجنة الرئاسية المعنية بالتحقيق في عملية اغتيال رئيس فريق الغذاء العالمي مؤيد حميدي في 21 يوليو/تموز الماضي، والتي نفذت من قبل تنظيم القاعدة لصالح الحوثيين.
ويعد عودة نشاط تنظيم القاعدة في تعز إلى جانب خلايا مليشيات الحوثي التي تكتفي بالدعم اللوجستي وتوفير المعلومات تطورا خطيرا، من شأنه تحويل المدينة المصنفة عاصمة ثقافية للبلاد إلى ساحة لعمليات الاغتيالات.
وبحسب مراقبين، فإن الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة تعز، والعبث في مؤسساتها العسكرية والأمنية من قبل الإخوان، يعدان من أبرز الأسباب وراء استمرار مسلسل الاغتيالات في المدينة من قبل الحوثي والقاعدة.
ويشير المراقبون إلى تواطؤ بعض القيادات الإخوانية في اغتيالات الضباط في المدينة، كون إدارة الأجهزة الأمنية والعسكرية تقع تحت سيطرتها، وتسمح لعناصر تنظيم القاعدة وخلايا الحوثي تسرح وتمرح في تعز دون أية إجراءات ضدها.
كما أن جرائم القتل والتصفيات التي تشهدها تعز ينفذها الإخوان والحوثيون وتطول خصومهم السياسيين والعسكريين والأمنيين، إثر تقاسم سيطرة المحافظة من قبل التنظيمين الإرهابيين، وفقا لذات المصادر.
اغتيالات لا تنتهي
تعود عمليات الاغتيالات في مدينة تعز إلى عام 2015، حيث حصدت عناصر تنظيم القاعدة والتي كانت تسيطر على جزء من المدينة، بالتنسيق مع جماعة الإخوان، الكثير من ضباط الأمن السياسي، والأمن القومي، وكانت ترمي جثثهم إلى سائلة "عصيفرة" الواقعة جوار جامع السعيد.
رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري يرى أن عمليات الاغتيالات بحق ضباط تعز الشرفاء وأصحاب العزيمة العظيمة، بدأت منذ اندلاع الحرب قبل 8 أعوام، إذ قامت عناصر القاعدة وبالتنسيق مع تنظيم الإخوان في المدينة بإعدام العشرات منهم، بعمليات غادرة وإرهابية.
ويضيف الشميري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذه التنظيمات -في إشارة إلى عناصر القاعدة والإخوان- كانت تقوم بإعدام بعض الأفراد المخلصين أمام الناس، وتحت مبررات لا تطابق القوانين المحلية والدولية والشريعة الإسلامية، إذ تعد أعمالا إرهابية بحتة تعمل على ترهيب الناس وإزهاق أرواحهم ونشر الموت.
استهداف الضباط المحترفين
ويؤكد الشميري أن تتبع الضباط المحترفين هو سلوك دأب عليه تنظيما القاعدة والإخوان منذ سنوات ماضية، فيما الآن هناك لواء عسكري في محافظة تعز يقوده الكثير من الإرهابيين، مستغلاً سيطرة الإخوان على مؤسسات الجيش والأمن.
ويشير إلى أن هناك ما يسمى بـ"لواء النقل" في ريف تعز بالتربة، والذي يقوده القيادي الإخواني الإرهابي أمجد خالد، والذي حوّل مع مليشياته ريف تعز إلى وكر للعناصر الإرهابية والإجرامية، المتهمة من قبل السلطات الأمنية في العاصمة عدن بتدبير عمليات اغتيال وتفجيرات في المدينة.
وأمجد خالد يعد من أبرز قيادات الإخوان الإرهابية وذات العلاقة المباشرة مع تنظيم القاعدة في تعز، وأيضا هناك ما يسمى بـ"لواء النصر"، والذي تعود قياداته لتنظيم القاعدة الإرهابي، وفقا للشميري.
هؤلاء المجرمون، حسب الشميري، لهم تصفية مع كل ما هو أمني ومع كل ما هو دولة وجيش حكومي، واستطاعوا أن يمسكوا بتلابيب هذه المؤسسات وأن يكونوا هم رعاتها وقادتها عندما توفرت لهم القرارات وعمليات التواطؤ.
ويوضح أنه يجب على المجلس الرئاسي الآن والحكومة المعترف بها أن لا يبقيا الأمر بتعز كما هو عليه، وإحداث تغيير حقيقي وتطهير مؤسسات الدولة من تنظيمات الإرهاب والموت.
ويؤكد عبدالستار الشميري أن الحوادث المستمرة للاغتيالات، والتي كان آخرها اغتيال الضابط المحيا، أحد محققي جريمة مقتل المسؤول الأممي مؤيد حميدي أردني الجنسية، تأتي في إطار التصفيات والأعمال الإرهابية، سبقه تصفية بعض ضباط اشتركوا في تحقيق منذ سنوات في قضية حنا لحود ممثل الصليب الأحمر في تعز، والذي اغتيل قبل أربع سنوات، وغيره الكثير.
ولا يوجد إحصائيات دقيقة بعدد الذين تم تصفيتهم منذ 8 أعوام في مدينة تعز، لكنها ليست بالعشرات حتما، بل المئات وسوف تظل هذه المنظومة الأمنية ترعى كل هذا الانفلات، وفي الحقيقة هم جزء لا يتجزأ من منظومة عسكرية وأمنية يقودها مرشد الإخوان خدمة للحوثي، وفقا لمراقبين.
وكانت تعز قد عاشت هدوءا نسبيا خلال 2022، فيما شهدت أكثر من 14 حالة اغتيال ومحاولة اغتيال واحدة في 2021، راح ضحيتها 5 قيادات بارزة وأصيب 10 جنود آخرون، بالإضافة إلى سقوط عديد المدنيين الأبرياء.
وتعز هي العاصمة الثقافية، وذات أكبر كتلة سكانية باليمن، وتعد موطن أكبر القواعد الشعبية للأحزاب، وتتمتع بجغرافية استراتيجية مطلة على ممر باب المندب الدولي، وتسيطر مليشيات الحوثي على 7 مديريات شرقا وشمالا وغربا، فيما تعد 16 مديرية بحكم المحررة وتخضع غالبيتها للإخوان.