"مليشيات الكواتم".. الكاظمي يبرد صفيح البصرة الساخن
زيارة الكاظمي للبصرة حملت في طياتها رسائل إلى فصائل السلاح المنفلت مفادها "كفى لا يمكن السكوت على مايحصل بعد اليوم "
بعد أسبوع دام ،وتحركات حكومية عالية المستوى، بدأ الشارع البصري الغاضب بالركون إلى الهدوء تدريجيا، فيما يرى مراقبون أن الجماهير المنكوبة بأبنائها تنتظر ولا تستقر حتى يماط اللثام عن القتلى ومليشيات الكواتم .
ولم تستطع الإقالات في الأيام القليلة الماضية للطاقم الأمني في البصرة، من طمأنة ساحات التظاهر واسترجاع ثقتهم بالسلطة حتى وصول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليل السبت الماضي وإعلانه الصريح "لا مكان للخائفين بين صفوف الأمن من مواجهة الجماعات المسلحة".
ويرى الناشط الصحفي محمد الجابري، أن تحرك الكاظمي نحو المحافظة ضمن ذلك التوقيت، وبرفقة كبار المسؤولين عن الأمن قد نزع فتيل الاشتعال الجماهيري وتبريد صفيحها الساخن بالدم ودموع الثكلى .
ورغم أن النتائج الملموسة على الصعيد الأمني تحتاج إلى وقت طويل بحسب ما يقول محمد الجابري، إلا أن زيارة الكاظمي حملت في طياتها رسائل إلى فصائل السلاح المنفلت مفادها "كفى لا يمكن السكوت على مايحصل بعد اليوم ".
وشهدت محافظة البصرة، تطبيق خطة أمنية مطلع الأسبوع الحالي ، بإشراف ميداني مباشر من قبل وزير الداخلية عثمان الغانمي الذي كان برفقة رئيس الوزراء في زيارته الليلية لمقر عمليات البصرة .
ونفذت قوة أمنية كبيرة سلسلة من العمليات في البصرة، الأحد، أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من 300 مطلوب بجرائم جنائية وعمليات إرهابية وكذلك ضبط أسلحة خفيفة غير مرخصة ومواد مخدرة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا أن "شرطة البصرة ماضية في عمليات فرض القانون لطمأنة المواطن بوجود قوات أمنية قادرة على حفظ الأمن والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار المحافظة".
ونفذت جهات مجهولة مسلحة، الأسبوع الماضي 11 عملية اغتيال ، أسفرت عن مقتل الشحماني وريهام يعقوب وزميلة لها ، فيما نجا أبرز ثلاثة ناشطين في البصرة من محاولة تصفية استهدفت سيارتهم وهم فهد الزبيدي وعباس صبحي ولوديا ريمون ، بعد إصابة اثنين منهم بجروح .
وكشفت مصادر احتجاجية في وقت سابق، عن وجود قوائم لدى المليشيات تحمل أسماء متظاهرين بارزين سيتم تصفيتهم لاحقاً من بينهم الناشطون الثلاثة الذين نجوا من محاولة الاغتيال الفاشلة الثلاثاء الماضي.
وعلى إثر تلك التطورات، غادر أكثر من 20 ناشطاً مدينة البصرة خشية الملاحقة من قبل جماعات الكواتم ، فيما أمهل متظاهرون غاضبون أضرموا النار في مبنى البرلمان في البصرة، محافظها 48 ساعة لتقديم استقالته بعد تكرار الاتهام له بتأجيج الأوضاع الأمنية.
ورداً على تلك المطالبات، ظهر أسعد العيداني محافظ البصرة - الذراع السياسي الأبرز لدولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي - ، في مقطع فيديو نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، تحيط به رجالات من أقاربه يرتدون الزي العربي ، فهمت على أنها احتماء بـ"العشيرة ".
وتوقع المتظاهرون، أن تتم إقالة المحافظ بعد وصول الكاظمي إلى البصرة، فيما تكسرت رهانات الجماهير على ذلك الأمل .
ويثير العيداني جدلًا واسعًا منذ 3 سنوات بسبب تمسكه بمنصبه، على الرغم من تسجيل نحو 18 تظاهرة ضده، 11 مرة منها تمت محاصرة ومهاجمة منزله.
وقالت مصادر، لـ"العين الاخبارية"، إن الكثير من المسؤولين الفاسدين في البصرة والمتهمين بالوقوف وراء عمليات الاغتيال يستعينون بعشائرهم خوفاً من الاستهداف أو التعريض إلى المساءلة ".
وأكد الناشط عزيز الماجد ، أن مجيء رئيس الوزراء رفع الفيتو العشائري عن المتورطين بهدر المال العام والدم البصري مما هيأ لعملية أمنية اختلفت عن سابقاتها في الوصول إلى أماكن وأسماء لم تطالها سلطة القانون منذ زمن بعيد ".
نوه الماجد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إلى أن العهود التي قطعها الكاظمي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية وزيارته إلى منزل ريهام يعقوب التي قتلت على يد مسلحين والتحدث مع ذويها، عادت بالتهدئة على الشارع وفتحت الأمل على استعادة المحافظة من سطوة الجماعات المسلحة.
وأعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول،الإثنين ، التوصل إلى خيوط مهمة تتعلق بالجناة الذين نفذوا عمليات الاغتيالات الأخيرة بحق الناشطين في البصرة.
وقال رسول، في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "هناك متابعة استخبارية دقيقة بهذا الشأن وسيتم الوصول للجناة وإحالتهم إلى القضاء ليأخذ مجراه في محاسبتهم"، لافتا إلى أن "البصرة ليست بحاجة إلى تنفيذ عملية أمنية كبيرة وإنما تحتاج لعملية استخباراتية دقيقة وأجهزة الدولة الاستخبارية قادرة على ذلك".
واستدرك في القول إن "هناك قرارات ستصدر قريباً تتعلق بتغييرات في المناصب الأمنية بالبصرة فلا مكان للخائفين من أصحاب المناصب" .
وينذر المتظاهر حسين جواد ، بالذهاب نحو التصعيد الاحتجاجي مجدداً إذا لم يكشف عن أسماء وهويات الجناة الذين فتكوا بناشطي البصرة .
ويتوقع جواد، في تصريح لـ "العين الإخبارية"، أن تعيش البصرة أجواءً صاخبة وعمليات حرق للمؤسسات والمباني الحكومية والحزبية تفوق ما حدث في الناصرية ".
وشهدت الناصرية، مركز محافظة ذي قار ،ليل الجمعة/ صباح السبت الماضي، تظاهرات غاضبة، احتجاجاً على تفجير استهدف سردقاً للمعتصمين بعبوة ناسفة .
وأضرم المتظاهرون النار في مبان تابعة لأحزاب متهمة بالولاء لإيران وضلوعها بعمليات الاغتيال، وأظهرت مقاطع فيديو محتجون يقومون بتجريف مقار المليشيات بواسطة اليات "البلدوزر".