المؤيد شيخ.. قصة سجن تحول إلى مسجد في مصر
"بلد الألف مئذنة"، عبارة اشتهرت بها العمارة الإسلامية في القاهرة، لكن الواقع الآن يشير إلى عدد أكبر بكثير.
وفي يونيو/ حزيران 2020، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية ارتفاع عدد المساجد الرسمية في العاصمة إلى 2475 مسجدًا، و2485 زاوية "مسجد صغير".
ومن الأزهر والحسين إلى الرفاعي والسلطان حسن، تشتهر القاهرة بمساجدها الأيقونية التي تبرهن على براعة عمارتها منذ فتحها على يد المسلمين عام 20 هجرية.
جامع المؤيد شيخ
يقع جامع المؤيد شيخ في شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقرب من باب زويلة، وشيده السلطان المملوكي المؤيد شيخ عام 1415، ويتكون من صحن مكشوف تحيطه 4 أروقة، وأكبرها هو رواق القبلة.
وتزين جدران الجامع وزرات رخامية ملونة بارتفاع المحراب، وبجواره منبر كبير مطعّم بالصدف والعاج، وعليه كتابات تحمل اسم وألقاب السلطان المملوكي المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الشركسي.
ووفقًا لوزارة الآثار المصرية، يمتاز هذا الجامع بظاهرة فريدة، إذ شيدت مئذنتاه فوق باب زويلة المجاور للمسجد، والذي يرجع إلى العصر الفاطمي، ليصبح كلاهما عنصرًا معماريًا متكاملًا بشكل رائع.
وتحمل المئذنة الغربية اسم مؤسس الجامع المؤيد شيخ، والمئذنة الأخرى تحمل اسم مصممها المهندس محمد بن القزاز، ويعد باب الجامع الكبير من أبرز التحف الرائعة التي تزينه، ويحمل اسم السلطان حسن.
وتقول وزارة السياحة والآثار المصرية في تعريفها لهذا المسجد التاريخي إن مؤسسه المؤيد شيخ نقل الباب الكبير من جامع ومدرسة السلطان حسن إلى جامعه، وهو من أجمل الأبواب المصفّحة بالنحاس.
ويقال إن السلطان المؤيد شيخ توفي قبل إتمام بناء المسجد الذي اكتمل في شهر رمضان من العام 1421، إذ كانت قبة المسجد قيد الإنشاء، وكانت ملحقات الجامع لم يُشرع ختى في بنائها وفق المخطط الذي وضعه.
تصميم المسجد
تشير الروايات التاريخية إلى أن هذا المسجد أقيم على أنقاض سجن قديم كان يعُرف باسم "خزانة شمائل"، ويقع حاليًا في منطقة السكرية بحي وسط القاهرة، ويوجد به ضريحان: أحدهما للسلطان المملوكي المؤيد شيخ، والآخر لابنيه أبي الفتح موسى والصارمي إبراهيم المظفر أحمد.
ويقع المسجد في شارع المعز لدين الله الذي يعتبر متحفًا مفتوحًا في قلب العاصمة المصرية ويعج بمظاهر العمارة الإسلامية من زمن الدولة المملوكية والدولة الفاطمية، وتقع إلى جوار المسجد مساجد أثرية بارزة، منها مسجد الصالح طلائع وزاوية (مسجد صغير) الناصر فرج بن برقوق.
ولجامع المؤيد شيخ 4 إيوانات، جُددت 3 منها مؤخرًا لتأخذ طرازها القديم، أما الوجهة الرابعة الرئيسية الشرقية، فلا تزال محتفظة بتفاصيلها الأثرية القديمة، وهي وجهة شاهقة كُسيت أعتاب شبابيكها بالرخام، وللمسجد مدخل شاهق له سلم مزدوج من الرخام مغطى بالرخام الملون والمقرنصات.
قصف المسجد بالمدافع
وهناك رواية بأن المسجد تعرض للهجوم عام 1665، حين أمر حاكم مصر عمر باشا بعد حصوله على فتوى من العلماء بضرب الجامع بالمدافع لإخراج المتحصنين به من الزرب، ويقال إنها كانت "جماعة من الطغاة الفاسدين"، واستهدف المسجد حينها بنحو 12 مدفعًا حتى استسلم المتحصنون وفتحوا أبواب المسجد.
وفي فترة حكم والي مصر أحمد باشا عام 1690، خضع المسجد لعملية ترميم كبرى، وفي القرن الـ19 كان المسجد وصل إلى أسوأ حالاته، وفي عهد الخديوي إسماعيل جددت وزارة الأوقاف وجهات المسجد الثلاث بين عامي 1870 و1874، وهناك لوحة تاريخية تشير إلى ترميم المسجد عام 1884 في عهد الخديوي توفيق.
وفي مايو/ ايار 2000، بدأت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، بعملية ترميم شاملة للمسجد، شملت إزالة الإشغالات حول المسجد والعقود الخرسانية التي أقيمت داخله بالمخالفة للأصول الأثرية، وإعادة إنشاء الإيوانات الثلاثة المتهدمة، وزيادة مساحة رقعة الصلاة بالمسجد لتصل إلى 2750 مترا مربعا.
وفي عام 2016، خضع المسجد لعملية ترميم أخرى، شملت تطوير المنبر وجدار القبلة وإعادة قطع حشوات أصلية حاول اللصوص سرقتها، وإعادة إظهار وتنظيف جدار المنبر والقبلة، وما بهما من زخارف ورسوم، وإعادة نحت شباكين من الجبس كانا ضمن 7 شبابيك من المسجد تضررت بسبب انفجار مديرية أمن القاهرة.
aXA6IDMuMTQ1LjkxLjE1MiA= جزيرة ام اند امز