مسجد الحاكم بأمر الله في مصر.. حكاية جامع عمره 1000 عام
"بلد الألف مئذنة"، مقولة اشتهرت بها العمارة الإسلامية في القاهرة، لكن الواقع الآن في العاصمة المصرية يشير إلى عدد أكبر بكثير.
وفي يونيو/حزيران 2020، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية ارتفاع عدد المساجد الرسمية في القاهرة إلى 2475 مسجدًا، و2485 زاوية (مسجداً صغيراً).
وقال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة إن عدد مساجد مصر يتجاوز 140 ألف مسجد وزاوية، بينما يبلغ عدد المساجد الجامعة أكثر من 100 ألف مسجد.
ومن الأزهر والسيدة زينب والحسين إلى محمد علي والسلطان حسن والحاكم بأمر الله، تشتهر القاهرة بمساجد أيقونية تبرهن على براعة عمارتها منذ فتحها على يد المسلمين عام 20 هجرية.
جامع الحاكم بأمر الله
هو أقدم المساجد الجامعة في مصر، وثاني أكبر مساجد القاهرة اتساعًا للمصلين بعد مسجد أحمد بن طولون، أنشأه الخليفة العزيز بالله الفاطمي عام 990، وأتم بناءه ابنه الحاكم بأمر الله عام 1013.
يقع المسجد في نهاية شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية وسط القاهرة، وكان موقعه الأول خارج أسوار القاهرة القديمة، ثم أصبح داخل حدود العاصمة بعد توسعتها في عهد بدر الجمالي عام 1087.
ووفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية، يعطي المدخل الرئيسي للمسجد من الجهة الغربية أقدم مثال للمداخل البارزة في مصر، إذ أخذ الفاطميون فكرته من مسجد المهدية بتونس، وكان مركزًا لتدريس المذهب الشيعي.
ومن حيث التخطيط العمراني للمسجد، فيأتي بناؤه على شكل مستطيل، ويتكون من صحن أوسط مكشوف تحيطه 4 أروقة، وتعلو واجهته مئذنتان، وخضع للعديد من عمليات الترميم على مر السنين والعصور.
وكما فعلت في الجامع الأزهر ومسجد الظاهر بيبرس، دنست الحملة الفرنسية على مصر نهاية القرن الثامن عشر جامع الحاكم بأمر الله، حين اتخذته ثكنة ومقرًا لجنودها، واستخدمت مئذنتيه كأبراج للمراقبة.
مدرسة المذهب الشيعي
وتشير الروايات التاريخية إلى دور الجامع التعليمي، فحين أتم الحاكم بأمر الله بناءه عام 1012، قرر تحويله إلى جامع لتدريس الفقه والمذهب الشيعي ليساعد الأزهر الشريف في استيعاب الدارسين والمصلين.
وعلى مر العصور، خضع المسجد للعديد من عمليات الترميم والإصلاحات، وكان أشهرها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مصر عام 1303، ودمر مسلة الملكة الفرعونية كليوباترا وأغرق مدينة الإسكندرية.
وبعد جلاء الحملة الفرنسية عن مصر مطلع القرن التاسع عشر، أطلق الزعيم الشعبي عمر مكرم عملية ترميم كبرى لجامع الحاكم بأمر الله، وأصلح أجزاء كبيرة منه وكسا قبلته بالرخام، وأضاف إليه منبرًا ومحرابًا.
تطوير جامع الحاكم بأمر الله
وعلى مدار 5 سنوات، خضع جامع الحاكم لأمر الله لعملية ترميم كبيرة، بالتعاون مع طائفة البهرة، وتحت إشراف قطاعي المشروعات والآثار الإسلامية بوزارة الآثار ليعاد افتتاحه مطلع مارس/ آذار الماضي.
وبلغت تكلفة ترميم الجامع 850 مليون جنيه، وجاء ضمن عمليات التطوير التي تشهدها منطقة القاهرة التاريخية، التي شملت افتتاح مسجد الحسين وشارع الأشراف ومسار آل البيت ومشروع تطوير الفسطاط.
وقال رئيس المجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، إن مشروع الترميم بدأ في فبراير/ شباط 2017، وشمل حماية الحوائط من الرطوبة والأملاح، وأعمال تهوية وتدعيم ومعالجة الشروخ بالحوائط.
وشمل كذلك ترميم الأعمال الخشبية بالمسجد من الأبواب والمنبر والروابط الخشبية المزخرفة أسفل أسقف المسجد، وترميم الثريات "النجف" بإيوان القبلة، وكذلك صيانة واستكمال المشكاوات والقناديل الزجاجية بإيوانات المسجد وإضافة فوانيس جديدة كوحدات للإضاءة مطلة على الصحن.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg جزيرة ام اند امز