بعد اثنتين وعشرين سنة قضاها في لندن، عاد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إلى تونس.
تحولات وأزمات سياسية عميقة.. شهدتها البلاد منذ هذا التاريخ وما تلاه..أما الوعود التي حملتها النهضة لدى صعودها إلى الحكم عام 2011، فسرعان ما بددتها الوقائع..
انفلات أمني كبير، ترافق مع تنامي هذه الحركات المتطرفة..تطورات دفعت تونس إلى عنف وخراب، حذرت من تبعاته الأوساط السياسية، بأعلى الأصوات وأوضحها.
كانت هذه كلمات بلعيد الأخيرة.. خرج من بيته ظهيرة اليوم التالي، فكان بانتظاره وابل من النيران.. استقرت رصاصة في رأسه.. وأخرى في رقبته.. واثنتان في صدره.. فاضت روح أشد المناهضين للنهضة.. لاذ القتلة بالفرار.
بعد أقل من ستة أشهر.. أبرز المعارضين للنهضة.. الزعيم ذو التوجه القومي محمد البراهمي.. اغتيل بالسلاح نفسه والمخطط ذاته.
منفذو الاغتيالين، عناصر تنتمي إلى التيار المتطرف وأنصار الشريعة في تونس..
حركة النهضة تتصدع.. استقالات وخلافات بصفوف إخوان تونس
لم تقنع هذه الخلاصات الأوساط السياسية التونسية، ولا أهالي المغدورين.
هكذا هي الحال إذا.. علاقة حميمة بين النهضة وأنصار الشريعة.. الأولى تأمر وتخطط.. والثانية تنفذ الجرائم بحماية وتغطية كبيرتين..
من هنا، تتبين أسباب سهولة تحرك الإرهابيين المطلوبين في قضايا الاغتيال السياسي، داخل تونس وخارجها.. فزعيم أنصار الشريعة الذي طوقته قوات أمنية في جامع الفتح وسط العاصمة، تمكن من الهروب بعد أن أمر نائب الغنوشي وزير الداخلية آنذاك علي العريض، بسحب القوات المداهمة، ليظهر بعد مدة في ليبيا.
أما أبوبكر الحكيم فقد غادر إلى مدينة الرقة السورية، ليقتل فيها لاحقا في غارة أمريكية عام 2016.
أدلة جديدة تفضح تورط "إخوان تونس" في اغتيال بلعيد والبراهمي
سبتمبر عام 2018، ضبطت الشرطة التونسية مئات الوثائق الخاصة بوزارة الداخلية، لدى ملازم سابق في الجيش، يدعى مصطفى خذر..
ظل مصير هذه الوثائق مجهولا إلى أن شرعت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد والبراهمي، بتسريبها واحدة تلو الأخرى.
تبين أخيرا بأن اغتيال بلعيد والبراهمي تم بتنسيق مباشر بين المتهم الرئيسي مصطفى خذر وراشد الغنوشي، الذي كان يقود الجهاز السري للنهضة في ذلك الوقت..
جهاز أدواته موزعة في أروقة الوزارات الأمنية وغيرها، وقراره لدى زعيم حركة النهضة..
أمام هذه الوقائع والوثائق.. ما الذي ينتظر تونس؟ وكيف الخلاص من ضنك ما تعيشه البلاد وأهلها؟؟