"القاعدة" في عهد أيمن الظواهري.. منحنى الإرهاب هبوطا وصعودا
يعتبر مقتل أيمن الظواهري خلال غارة أمريكية بطائرة مسيرة في كابول نهاية عهد لتنظيم القاعدة، المسؤول عن أكبر هجوم على الإطلاق على الأراضي الأمريكية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وتولى الظواهري قيادة "القاعدة" بعدما قتلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية مؤسس التنظيم أسامة بن لادن عام 2011.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أصاب الجمود تنظيم القاعدة خلال قيادة الظواهري، بالرغم من حفاظه على ولاء بعض الملازمين الرئيسيين وتأسيس أذرع جديدة في أماكن مثل جنوب آسيا، وإقناع حلفاء حاليين بالتركيز أكثر على استهداف الولايات المتحدة.
هذا الجمود جعل قادة القاعدة في حالة فرار واختباء، حيث ركزوا أكثر على محاولة البقاء على قيد الحياة أكثر من التخطيط لهجمات ضد الغرب.
"العدو البعيد"
وقالت "فورين بوليسي" إن تمكن الظواهري من النجاة لفترة طويلة لم يكن بالأمر الهين، بالرغم من إعلان الولايات المتحدة عن مكافأة بقيمة 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات للقبض عليه.
وقد يكون إرث الظواهري الأكثر ديمومة الأدوار التي لعبها كمنظر ومنظم، بالترويج ونشر "الثورة الجهادية" والإرهاب، بحسب المجلة الأمريكية، لافتة إلى أن تنظيم "القاعدة" هي ما أمل بن لادن والظواهري في تحقيقه؛ بتأسيس دعم للمتطرفين حول العالم لمساعدتهم في طرد ما أطلقوا عليه "الغزاة الأجانب"، والإطاحة بأنظمتهم، ومواجهة "العدو البعيد" – الولايات المتحدة والغرب الأوسع.
وبعدما قتلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية بن لادن خلال غارة عام 2011 بمخبئه في آبوت آباد بباكستان، أعلن الظواهري خلال فيديو أن رفيقه السابق سيواصل إرهاب الولايات المتحدة من خلف قبره.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن علاقة الظواهري ببن لادن، خلال فترة التسعينيات، اكتسبت قدرا أكبر من الأهمية، وكان الرجل الثاني له، حيث ساعد التنظيم في شن هجمات في تفجيرات عام 1998 التي استهدفت سفارتين أمريكيتين بأفريقيا، وأسفرت عن مقتل 224 شخصا، بينهم 12 أمريكيا.
ولا يبدو أن الظواهري نفسه لعب دورا كبيرا في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث اتخذ بن لادن القرارات الرئيسية، وأدار العملية الفعلية ملازمون مثل خالد شيخ محمد. ومع ذلك، أدت الهجمات الانتحارية المدمرة لاكتساب الظواهري سمعة سيئة أكبر.
كما كبدت القاعدة خسائر باهظة، حيث فقد التنظيم ملاذه في أفغانستان بعدما غزت الولايات المتحدة البلاد وأطاحت بسرعة بحركة طالبان.
كما أطلقت الولايات المتحدة حملة استخباراتية عالمية، بالعمل مع وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الأمن الحليفة لتحديد ومراقبة واعتقال أعضاء خلايا القاعدة حول العالم إلى جانب الحركات الإرهابية المرتبطة بها.
وبعد تلك الانتكاسات، مثّل غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة، حيث كان دليلا على ادعاء التنظيم الرئيسي بالمكيدة الأمريكية "لإخضاع الإسلام".
وحمل العراقيون وكثير من المسلمين الأجانب السلاح، ليعطوا القاعدة بذلك ساحة جديدة لشن لحرب فيها.
لكن من المؤسف بالنسبة للظواهري أن "المسلحين" العراقيين كانوا مستقلين بشكل كبير؛ حيث استخدموا في البداية اسم القاعدة لكنهم ركزوا على استهداف الشيعة، وهو ما عارضه الظواهري دون جدوى، بحسب المجلة الأمريكية.
التوسع في أفريقيا
عندما قتلت القوات الأمريكية بن لادن عام 2011، تولى الظواهري القيادة، ما منح التنظيم الاستمرارية في لحظة كان من الممكن أن ينهار فيها.
وتحت قيادته، أجرى التنظيم عدة تغييرات مهمة؛ حيث أعطى الجماعات التابعة للقاعدة مزيدا من الصلاحيات للسعي وراء أهدافهم، مبررًا ذلك بأنها وسيلة للحفاظ على قوة الحركة بشكل عام.
كما دعم أذرعا جديدة مثل حركة الشباب في القرن الأفريقي، حيث ساعدهم في تطوير المتفجرات لاستهداف الطيران الأمريكي، ومنحت تلك العلاقة القاعدة موطئ قدم أقوى في القارة السمراء.
كما واصل الظواهري علاقته مع طهران، بالرغم من العداء المتبادل بين كثير من أتباعه والمسلمين الشيعة، وحتى الوقت الحالي ما زالت طهران توفر ملاذا محدودا على الأقل لأعضاء بارزين في القاعدة، بحسب المجلة الأمريكية.
وتحت قيادة الظواهري أيضًا، بحسب "فورين بوليسي"، تعرض تنظيم القاعدة إلى ضربة كبيرة عام 2013، حينما سيطرت الحرب الأهلية في سوريا على اهتمام العالم، وأراد ذراع التنظيم بالعراق بطبيعة الحال لعب دور وأسس جبهة النصرة.
ونشأ صراع بين الظواهري وذراع القاعدة بالعراق على من يسيطر على التنظيم الوليد في سوريا، ودفع هذا الانقسام في النهاية الجماعة العراقية لإعلان نفسها تنظيم داعش في العراق وسوريا، والذي سرعان ما تفوق على القاعدة بشراسته ونجاحه في ساحة القتال، ثم أعلن خلافته المزعومة عام 2014.
لكن مارس الظواهري دوره في التعبئة والحشد، وظلت أذرع القاعدة في أماكن مثل اليمن وجنوب آسيا موالية له، في حين فقد الحلفاء الدوليون لداعش قواعدهم في أماكن بينهم شبه جزيرة سيناء في مصر وأجزاء من ليبيا، حيث سيطروا لفترة وجيزة على مناطق مهمة.
وبالرغم من عودة الظواهري، لم يكن تنظيم القاعدة قادرا على تحقيق طموحاته؛ حيث استهدف هجمات الطائرات المسيرة الأمريكية المدمرة مرارًا وتكرارًا القيادة الأساسية له، وكذلك الاعتقالات التي طالت عناصره من قبل أجهزة المخابرات لعدة دول.
وخلال مراجعته لمراسلات القاعدة التي تم الاستيلاء عليها ورفعت عنها السرية مؤخرا، وجد المحلل برايس لويدولت أن الغارات الجوية "قوضت القاعدة، وأجبرت التنظيم على تقليص الاتصالات والأنشطة الأخرى، واضطر أعضاء التنظيم للهرب من ملاذهم الآمن بالمناطق القبلية من باكستان"، حيث ذهب البعض إلى إيران وانتشر الآخرون إلى مناطق حرب مختلفة.
واختتمت "فورين بوليسي" بالقول إن أي خليفة يجب أن يتغلب على الأفخاخ التي واجهها الظواهري، لافتة إلى أن القاعدة تواجه منافسين أقوياء مثل داعش، بينما يبدو أن التابعين للتنظيم يركزون الأهداف المحلية أكثر من "الأعداء البعيدين".
aXA6IDMuMTUuMTQzLjE4IA== جزيرة ام اند امز