هناك تنامٍ ملحوظ لمشاعر الرفض والكراهية لكل ما له علاقة بـ"تنظيم الإخوان".
قدمت لنا تغريدة مفتي الإخوان المدعو يوسف القرضاوي حول الحج التي قال فيها: "إن الله ليس في حاجة إلى هذه الشعيرة"، نتيجة كاملة لاستفتاء شعبي حول مكانة تيار "الإخوان" لدى الرأي العام العربي والإسلامي، حيث يبدو لي أن ردة الفعل في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي كانت عبارة عن تصويت تلك الشعوب على مشروع الإخوان الفوضوي بعد مرور أكثر من سبع سنوات عجاف لـ"ربيعهم".
لم تعد الشعوب العربية بتلك السذاجة التي ما زال أمثال القرضاوي وجماعة الإخوان يتصورونها، صحيح أن هذه الشعوب احتاجت بعض الوقت والجهد لاستيعاب حيل وأكاذيب "الجماعة"، وصحيح أن هناك "بقايا" من المتعاطفين مع أفكارهم وتوجهاتهم ولكن الأغلبية هي اليوم ضدهم.
وقد تكون تلك النتيجة مفيدة للقائمين على هذا التنظيم التدميري ولكل من لديه أمل لنواياهم وخططهم المستقبلية لنجاح أي محاولة لتحريك الفوضى سواء من خلال أكاذيب وسائل الإعلام القطرية أو من خلال المنظمات الدولية ذات الأهداف السياسية صاحبة ادعاءات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم العربي، كي يقرروا استمراريتهم أو التوقف حفاظاً على ما تبقى من احترام أو تعاطف مع بعض الأفكار لهم في المجتمعات الإسلامية في العالم.
يمكن القول إن ردة فعل تغريدة شيخ الفتنة، التي أجزم أنه لم يتوقعها، حسمت أي تجاذبات إعلامية أو سياسية حول نسبة مؤيدي تيار الإخوان ومعارضيهم في العالم بأكمله، بل باستطاعتنا الاطمئنان إلى أن باب تأثير ألغامهم (فتاويهم وأخبارهم) تآكلت بشكل لافت ولم تعد بتلك القوة، وهي كما تتضح أنها في انخفاض مستمر حتى في الدول الغربية الساحة التي يفضلها "الإخوان" في تحركاتهم، حيث بدأت أصوات تطالب بخنقهم سياسياً وإعلامياً باعتبارهم أساس التطرف والإرهاب.
بلا شك أن هذه النتيجة المؤلمة للقرضاوي ومن يدعمه ستشكل نقطة تحول في مسار العقلاء وأصحاب المنطق من الذين تم التغرير بهم، وبالتالي زيادة حالات الانشقاق عنهم، كما أنها ستمثل مؤشراً للذين ما زالوا يعتقدون واهمين بأنهم يستطيعون استغلال عفوية الشعوب العربية بتخريب أوطانهم. ومع أن وعي الشعوب العربية وفطنتهم لعودة "هوايات" يوسف القرضاوي وفرقعاته الإعلامية سواء بفتاوى إجازة التفجيرات والقتل وتدمير أسس الدين الإسلامي لم تكن هي الأولى أو سابقة في هذا الموقف، وبالتالي تم التركيز عليها، وإنما لأن هذا الموقف كان جزءاً من "عاصفة فكرية" أو تسونامي إعلامي كبير تقوم به مؤسسات إعلامية ومراكز إعلامية متخصصة في ضرب أفكار هذا التنظيم وفضح مواقفه بالمعلومة، وبالتالي فكانت ردود الفعل عبارة عن نتيجة لتصويت الرأي الشعوب حول فتاوى "شيخ الفتنة".
لم تعد الشعوب العربية بتلك السذاجة التي ما زال أمثال القرضاوي وجماعة الإخوان يتصورونها، صحيح أن هذه الشعوب احتاجت بعض الوقت والجهد لاستيعاب حيل وأكاذيب "الجماعة"، وصحيح أن هناك "بقايا" من المتعاطفين مع أفكارهم وتوجهاتهم ولكن الأغلبية هي اليوم ضدهم، حيث صارت هذه الشعوب لديها قدرة على التمييز بين الخداع تحت ستار الدين وبين استغلال حاجاتهم ومطالبهم الشرعية عن طريق توظيفها لخدمة مشروعات أنظمة وتنظيمات إرهابية في العالم هدفها تدمير الوطن.
ومع أن الفتوى معروفة لدى الجميع بأنها غير بريئة وهي لدى بعض من منتسبي هذا التيار غير موفقة لا في مضمون ما يحمله من معانٍ وحقائق لأنها تلغي واحداً من أركان الدين الإسلامي الخمسة، وهو ما لا يمكن أن يصدقها عاقل كونها تتناقض مع العقيدة الإسلامية ولا هي متناسبة في توقيتها من المنطق السياسي، لأن "الإخوان المسلمين" اليوم يعيشون في أضعف حالاتهم مع المجتمع الإسلامي، لكثرة أخطائهم ويواجهون تحديات كبيرة لإنقاذ ما تبقى من مشروعهم السياسي ولو بسكوتهم، وهو ما يؤكد غبائهم السياسي وفشلهم في التفريق بين إدارة "الجماعة والدولة".
على كل فإن ما نطق به القرضاوي هو تفسير عملي لحالة الارتباك التي يعيشها "تنظيم الإخوان" بسبب الضربات المتتالية التي يتلقونها من المجتمعات العربية والغربية، وهو ما يعني أننا تقريباً في مرحلة الحسم لهذا التيار، حيث تم التضييق عليهم في كل العالم تقريباً وبالتالي فهم الآن يعيشون قلقاً حقيقياً، وعليه يكون كلام القرضاوي تأكيد على أن الإخوان والذين يدعمونهم يتراجعون إلى الوراء مع كل يوم جديد منذ عام 2013 وأنهم يسجلون بداية النهاية لمشروعهم السياسي.
هناك تنامٍ ملحوظ لمشاعر الرفض والكراهية لكل ما له علاقة بـ"تنظيم الإخوان" الذين أعتقد أنه من الأفضل نسيانهم والقفز على مرحلتهم على الأقل إعلامياً كي لا نوفر لهم فرصة "محاولة" الظهور والبقاء في الإعلام، فهذا ما يفعله القرضاوي أغلب الأحيان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة