تحركت الدبلوماسية الإماراتية على أكثر من مسار وذلك لاحتواء الأخطار المحدقة بمنطقة القرن الأفريقي.
تنطلق الدبلوماسية الإماراتية من أساسيات تعتمد على لغة العقل ورجاحة الفكر والضمير القومي ومبتغاها أن تصل إلى وضع يرقى إلى مستويات لائقة خاصة حيال ما يعتمل منطقة الشرق الأوسط من تحديات مصيرية وتناقضات مخلة بأمن المنطقة وتحديداً موقع القرن الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية لدول المنطقة المطلة على باب المندب والبحر الأحمر.
التوجه الإماراتي في القارة السمراء أوجد ارتياحاً عاماً لدى حكومات وشعوب القارة السمراء، وترحيباً واسعاً من الجميع، بعد أن نجحت الدبلوماسية الإماراتية الداعية للسلام في إنهاء أطول حرب في المنطقة تراكمت فيها اشتباكات مستمرة وصراعات قائمة أثرت على طبيعة دول وشعوب القارة الأفريقية.
تحركت الدبلوماسية الإماراتية على أكثر من مسار، وذلك لاحتواء الأخطار المحدقة بمنطقة القرن الأفريقي وبغية العمل على إحياء مفهوم الأمن القومي العربي القائم على وحدة الهدف والمصير، فكانت نتائج ما أفضت إليه تلك التحركات النشطة والفعالة في رأب التصدعات القائمة في هذا الموقع هو التوصل إلى إنهاء الخلاف الإرتيري والإثيوبي الذي امتد لأكثر من عشرين عاماً، وكانت المساعي الإماراتية تتجه نحو الرغبة الأكيدة في الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها وإحياء العمل العربي المشترك، كي يكون حل المشاكل بأيدي دولها بعيداً عن تدخلات الأطراف الخارجية.
التوجه الإماراتي في القارة السمراء أوجد ارتياحاً عاماً لدى حكومات وشعوب القارة السمراء، وترحيباً واسعاً من الجميع، بعد أن نجحت الدبلوماسية الإماراتية الداعية للسلام في إنهاء أطول حرب في المنطقة تراكمت فيها اشتباكات مستمرة وصراعات قائمة أثرت على طبيعة دول وشعوب القارة الأفريقية والدول المطلة على البحر الأحمر، وبذلك أكدت الإمارات دعمها لكل جهد أو تحرك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أي بقعة من العالم، ما يؤكد نجاعة الدور التاريخي للإمارات في المصالحة بين أديس أبابا وأسمرا.
المصالحة الإثيوبية الإرتيرية تمثلت في اتجاهات محورية جديدة لإثيوبيا في الإقليم ولشعوب البلدين، وتعكس واقعاً نحو مصالح دولية وإقليمية التي ترسم توازنات قوى جديدة في مواجهة تمدد قوى أخرى أبرزها تركيا وإيران وقطر، وظلت تعبث في أمن منطقة البحر الأحمر وتشكل تحديات أساسية لأمن المنطقة.
ميناء عصب الإرتيري الذي يعتبر من أهم الموانئ الحيوية في إريتريا الذي يقع على بعد بضعة كيلومترات قليلة من مضيق باب المندب وخليج عدن، تتضح أهميته من أنه قريب من باب المندب الذي يعد أكثر المناطق حساسية في البحر الأحمر، حيث ينظر إليه على أنه موقع استراتيجي مهم، فهو يبعد عن باب المندب حوالي 20 ميلاً بحرياً وبين ميناء عصب والميناء اليمني "المخا" حوالي 40 ميلاً بحرياً، ومن نتائج المصالحة فتح الطريقين المهمين المؤديين إلى مرفأي عصب في جنوب إريتريا ومصوع في شمالها، وستعود بالنفع على المنطقة برمتها تجارياً واستراتيجياً، ويسهم الوصول إليهما بكل يسر وسهولة وفي مسعى إثيوبيا لزيادة صادراتها ودخلها من العملة الصعبة.
المصالحة مع إريتريا انعكست على الداخل الإثيوبي بتبني سياسة الانفتاح الداخلية ورد الاعتبار للسياسيين المعارضين للدولة، عبر إطلاق سراحهم وتوفير ضمانات للمعارضين في الخارج، وبناء توافق وطني سينقل البلاد إلى التعددية الديمقراطية التي ينشدها رئيس وزراء إثيوبيا الجديد، الذي يسير بخطوات متسارعة لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية لطي المشاكل مع الجيران خصوصاً مع إريتريا، واحتواء المشكلات السياسية الداخلية والانفتاح على المعارضة، وتلك ستساعد على إحداث تحول سياسي كبير في إثيوبيا يكون نموذجاً للمنطقة.
وفي ضوء الدبلوماسية الإماراتية الناجحة تحركت إثيوبيا للقيام بكل ما هو ضروري للمساهمة بتطبيع العلاقات بين إريتريا وجيبوتي، وذلك لإنهاء الصراع القائم بينهما وبذل المساعي الحثيثة بين البلدين انطلاقاً من التزامهما الراسخ بضرورة أن يعم السلام والاستقرار في دول المنطقة والسعي إلى جعل منطقة القرن الأفريقي خالية من النزاعات، وألا توجد فيها دولة معزولة عن التقدم والتغيير الذي تشهده المنطقة، وتعود التوترات بين جيبوتي وإريتريا إلى عام 1996م حين اندلعت مواجهات بين البلدين بسبب جزيرة رأس دوميرة المتنازع عليها وتجددت الاشتباكات مرة أخرى عام 2008 م عندما رفضت جيبوتي إعادة بعض الهاربين الإرتيريين.
المفارقة واضحة بين دور الدوحة وبين الدور الإماراتي في القرن الأفريقي، فالإمارات تحضر في المشهد باستراتيجية معلنة هدفها تحقيق مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، على قاعدة ترسيخ الأمن والاستقرار وتوفير عوامل انطلاق التنمية والبناء، وعلى أسس تهتم بالتركيز على تحقيق نهضة تنهي الفقر والتخلف وتدمج شعوب المنطقة، لتكون شريكة في التطلع العالمي نحو تحقيق الرخاء والازدهار.
علاقة الإمارات بالقرن الأفريقي بدأت عام 1978 عندما دعمت أبوظبي العديد من المشاريع التنموية والاقتصادية في الصومال؛ منها مشروع بربرة- برعو، ومشروع سكر جوبا عام 1977م، كما قادت أبوظبي مبادرة المصالحة بين الأطراف الصومالية، والتي تمثلت بميثاق دبي 2012 م الذي يعد الاتفاق الأول من نوعه بين الحكومة الصومالية وأرض الصومال منذ أكثر من عشرين عاماً ،في حين الدور القطري في منطقة القرن الأفريقي وغيرها ينحصر في التحول إلى اختراقٍ يسبب الأذى للشعوب، ويرهن مستقبل الصومال للأحلام الإخوانية والأوهام العثمانية والتشجيع على الإرهاب ودعم المنظمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة، من خلال تركيز الإعلام القطري على تغطية أخبار المجموعات الإرهابية في الصومال وغيرها.
وبذلك تعمل أبوظبي على نزع فتيل الخلافات واحتواء الأزمات منعاً لتصعيدها، حرصاً منها على دور الإمارات المستقبلي في القارة الأفريقية، يقول محمد بن راشد: "علمتني الحياة أن الخوض الكثير في السياسة في عالمنا العربي هو مضيعة للوقت ومفسدة للأخلاق ومهلكة للموارد، من يريد خلق إنجاز لشعبه فالوطن هو الميدان، والتاريخ هو الشاهد، إما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها وإما خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة