خطاب تحريضي وتعنت.. هل يؤجج "الإطار التنسيقي" أزمة العراق من جديد؟
من جديد يعود الصراع السياسي إلى الاحتدام مجدداً، بعد نحو ساعات على خطاب الصدر التاريخي الذي دعا فيه إلى وقف الاقتتال وانسحاب أنصاره من ساحات الاحتجاج وإنهاء كل مظاهر التظاهر والاعتصام.
إذ تعاملت قوى الإطار التنسيقي مع موقف الصدر على أنه خطاب استسلام وتسليم إلى الخسارة والانهزام في ظل مواقفها التي أبدت تمسكها بها عقب فض الاشتباكات المسلحة التي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى.
فقد حملت أطراف في قوى الإطار الصدر وأتباعه مسؤولية إراقة الدماء بشكل غير مباشر ووجهت الشكر للعناصر الأمنية وأفراد الحشد الشعبي على مواقف المواجهة بالدفاع عن "شرعية ومؤسسات الدولة".
ورد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، على تلك التطورات ببيان تصعيد للأزمة وعدم الرضوخ لفرص التهدئة حين قال إن "من يشعل الحرب ليس هو من يوقفها أو يتحكم بمساراتها"، في إشارة إلى أن الصدر بات ليس بمقدوره فرض السلام وإنهاء المواجهة.
ولاحقاً، تصاعدت حدة الخطاب، بعد موقف للإطار التنسيقي دعا من خلاله إلى الإسراع بتشكيل حكومة "خدمةٍ وطنيةٍ"، وانعقاد جلسات البرلمان العراقي.
وذكر الإطار التنسيقي في بيان، أنه منعاً لتكرار ما حدث ووقف نزيف الدم العراقي "نرى ضرورةَ العمل بهمة راسخة والاسراعِ بتشكيلِ حكومة خدمةٍ وطنيةٍ تتولى المهام الإصلاحية ومحاربةِ الفسادِ ونبذ المحاصصةِ وإعادة هيبة الدولة لينعم الجميع بالأمنِ والاستقرارِ والإسراع إلى تحقيقِ ما يصبو إليهِ أبناء شعبنا الكريم، وبمشاركةٍ واسعةٍ من جميعِ القوى السياسيةِ الراغبة في المشاركةِ، وندعو مجلسَ النوابِ وباقي المؤسسات الدستوريةِ للعودةِ إلى ممارسةِ مهامها الدستورية والقيام بواجبها تجاهَ المواطنين".
ورداً على ذلك، شن ما يعرف بـ"وزير القائد"، المقرب من الصدر هجوماً لاذعاً متبوعاً بالغضب، ضد الإطار التنسيقي واصفاً إياهم بـ"القوى الوقحة"، لمطالبتها باستئناف عمل البرلمان وتشكيل الحكومة في وقت لا تزال دماء الضحايا الذين سقطوا ندية وحاضرة لم تجف.
ودعا وزير الصدر ، وبشكل صريح ومباشر، إيران إلى كبح جماح "بعيرها"، ويقصد منه قوى الإطار التنسيقي المقربة لها، وبخلاف ذلك "لات حين مندم".
وكان الصدر قد دعا بعد أيام على اقتحام أنصاره المنطقة الرئاسية أواخر الشهر الماضي، إلى حل البرلمان الحالي والذهاب نحو انتخابات مبكرة بأطر ومعايير دستورية جديدة تمنع من تكرار المحاصصة والتوافق في بناء الحكومات المقبلة.
تعنت وتصعيد
رئيس مركز "تفكير " السياسي، إحسان الشمري، يرى أن مواقف الإطار التنسيقي وتحديداً اليمين منها، ما بعد كلمة الصدر بإنهاء الاحتجاجات وحفظ الدم العراقي من الإراقة، تأخذ طابع التعنت والتصعيد والاستفزاز".
وعشية وقف الاشتباكات المسلحة، خرج رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في خطاب متلفز، أنذر فيه فرقاء المشهد السياسي إذا ما استمر التأزم والتصعيد فإنه سيعلن خلو منصبه طبقاً لما ينص عليه الدستور العراقي.
الشمري وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أكد أن "قوى الإطار التنسيقي لا تزال تقرأ المشهد السياسي المحتدم بطريقة تبتعد عن إفرازات الأزمة وتطوراتها وخصوصاً ما وصلت إليه من اقتتال وضحايا، فهي مازالت تفهم الأمور على أنها قضية انتصار على الخصم".
وأضاف الشمري أنه "إذا ما استمر الإطار في تلك المواقف بإصراره على استئناف البرلمان وتشكيل الحكومة ومحاولات جر الصدر إلى اشتباك جديد، فإننا سنكون ذاهبين نحو تعقيد أكثر بإنهاء النظام السياسي الحالي".
المحكمة الاتحادية
من جانبه، توقع المحلل السياسي، نبيل العلي، في حديث مقتضب لـ"العين الإخبارية"، أنه " إذا ما أصرت قوى الإطار التنسيقي ونجحت في تفعيل جلسات البرلمان والمضي بتمرير مرشحها لرئاسة الوزراء، أن الصراع سيأخذ جانباً آخر تختلف فيه قواعد اللعبة والمواجهة من الاشتباك المسلح إلى عمليات الاغتيال وكواتم الموت".
فيما اعتبر رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن "الوضع بات مختلفاً عما كان عليه قبل أيام بما يخرج قوى الإطار من فرض رغباتها وإرادتها على المشهد السياسي".
وأوضح فيصل لـ"العين الإخبارية"، أن "هناك قرارا مازلنا ننتظره من المحكمة الاتحادية للبت في بقاء البرلمان من عدمه"، مردفاً بالقول: "أعتقد أن الإطار لن يستطيع إعادة التوازن والهيمنة على النظام بعد حصول شرخ عميق لا يمكن إصلاحه إلا بالتغيير الجذري".
وكانت المحكمة الاتحادية أرجأت النظر في دعوى حل البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، بسبب حظر التجوال الذي فرض عقب الاشتباكات الحاصلة في المنطقة الخضراء ببغداد.