جامع الصالح.. تحفة معمارية تدنسها أنشطة الحوثي الطائفية
جامع الصالح باليمن، إنجاز معماري فريد، يختزل جمال فنون العمارة العربية والإسلامية، إلا أنه تعرض في الفترة الأخيرة لتهديد خطير.
يقع الجامع الذي بناه الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، على نفقته الخاصة وافتتحه عام 2008 في الجهة الجنوبية للعاصمة اليمنية، ويعتبر أكبر صرح إسلامي في تاريخ اليمن المعاصر، وأبرز المعالم الإسلامية بمساحة تمتد لنحو 222 ألف متر.
يضم الجامع الذي يتسع لنحو 45 ألف مصل، كلية علوم القرآن والدراسات الإسلامية، و25 فصلا للدراسات ومكتبات وقاعات اجتماعات، ومتحفا ومصلى للنساء.
زخرفة بديعة
يتسم الجامع بنقوش هندسية على جوانبه وسطحه، صممت كخلاصة للنقوش الموجودة في سقف الجامع الكبير في صنعاء، أقدم المساجد التاريخية في البلاد والذي يعود بناؤه إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة للهجرة.
كما يحتوي سطح الجامع، على خشب السنديان الأحمر المطرز بالنقوش والزخارف والأشكال الهندسية البديعة، حيث تتألف تلك المطرزات من طبقات متدرجة من الأعلى إلى الأسفل، تم إنجازها بدقة عالية من أمهر الصناع والحرفيين.
يبلغ عدد النقوش الموضوعة على السقف نحو 30 ألف قطعة زخرفية الألوان ومعتقة بالذهب الخالص، ومثبتة بارتفاع 23 مترًا، فيما يصل عدد الآيات المكتوبة في المسجد، 708 آيات من 62 سورة قرآنية.
وقال القيادي في المكتب السياسي للمقاومة الوطنية محمد محمد عبده أنعم، إن جامع الصالح هو أكبر جامع في اليمن بني حديثًا وجاء اسمه نسبة إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح ويقع في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء ساحة العروض".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن جامع الصالح يشمل مبنى الجامع وكلية علوم القرآن والدراسات الإسلامية، والباحة ومواقف السيارات، والمساحات الخضراء بينما يتألف مبنى الكلية من 3 طوابق ويضم 25 فصلاً دراسيًا، إضافة إلى قاعات صلاة ومكتبات وقاعات اجتماعات.
وأشار إلى أن توجيهات الرئيس السابق علي عبد الله صالح في بناء الجامع قضت بوجوب المحافظة على الطابع العمراني اليمني، لاسيما في المنارات والواجهات الحجرية، فكان الجامع الكبير بصنعاء الملهم الأساسي للمهندسين في ذلك.
ويصل ارتفاع مبنى الجامع إلى 24 مترا ويتسع لأكثر من 45 ألف مصل، إضافة إلى مصلى خاص بالنساء يتسع لـ4000 امرأة فضلا عن الباحات الجانبية.
وأوضح أنعم الذي عمل رئيسا لتحرير صحيفة حزب صالح "المؤتمر الشعبي العام" أن الجامع يتكون من صالة الصلاة الرئيسة بمسطح 13 ألفا و596 متراً مربعاً ولها ارتفاعان، ويوجد لها 10 أبواب رئيسية، وكذلك 5 أبواب من الجهة الجنوبية تؤدي إلى الرواق الخلفي للجامع وصحن الكلية الشرعية.
وأوضح أنعم أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح كان يهدف من تشييد الجامع والكلية إلى أن يتحول الجامع إلى مركز لتعليم ديني بقيم وسطية بعيداً عن الغلو والتطرف ومواجهة الأفكار الهدامة لتيارات الإرهاب والدعوات الطائفية.
ويغطي المنطقة الوسطى لسقف الجامع خمس قباب، أربع قباب بقطر 15.60 متر وارتفاع 20.35 متر من سطح الجامع، والقبة الوسطية وهي الأكبر بقطر 27.40 متر وارتفاع 39.60 متر كما أن هناك 4 قباب صغيرة في الأركان الأربعة لسطح الجامع بقطر 8.90 متر وارتفاع 12.89 متر، إضافة إلى 6 مآذن 4 على جانبي الجامع بارتفاع 100 متر ومأذنتين على جانبي الكلية الشرعية بارتفاع 80 مترا.
كليه القرآن والعلوم الإسلامية
وتوجد بالجامع حسب أنعم كلية القرآن الكريم والعلوم الإسلامية وتتكون من 3 أدوار وتحتوي على 20 فصلاً دراسياً وقاعات للمحاضرات ومكتبة خاصة للرجال وأخرى للنساء وقاعة لحفظ المخطوطات ومرافق صحية.
ويشمل الجامع على مرافق وخدمات متكاملة ومواقف للسيارات تتسع لحوالي ألف و900 سيارة كما تحيط بالجامع مجموعة من الحدائق والمسطحات الخضراء.
لكن الجامع الذي شكل خلاصة ملامح العمارة اليمنية والعربية والإسلامية، تعرض لهجمات حوثية متكررة منذ انقلاب مليشيات الحوثي على السلطة أواخر العام 2014، غيرت من مكانته الروحية، وحولته إلى وكر لنشر أفكارها الطائفية المستوردة من إيران.
شملت تلك الجرائم، نهب مقتنيات الجامع النفيسة، من تحف وقطع أثرية تنتمي لمختلف عصور الدول اليمنية القديمة، لا سيما وأن الجامع كان يحتوي على متحف يضم آلاف القطع المهمة.
وإضافة إلى ذلك عمدت مليشيات الحوثي إلى تغيير اسم الجامع من جامع الصالح إلى جامع الشعب في محاولة لفصل ارتباط الاسم بماضيه، ومهندس فكرة إنشائه، وهو الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وإلى جانب ذلك بدأت مليشيات الحوثي، في السنة الأولى من سيطرتها على صنعاء، في إضفاء طابع خاص على أنشطة المسجد الدينية، لتقتصر الأنشطة التي كانت تقام فيه على أنشطة المليشيات المذهبية والتعبوية.
ويعتبر سكان في العاصمة صنعاء في حديثهم مع "العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي هدفت إلى الاستفادة من الصرح الكبير للجامع ومنشآته الواسعة، للترويج لأفكارها بما يضفي مزيدا من الخلافات الدينية في المجتمع اليمني الذي لم يشهد انقساما كما هو حاصل اليوم.
وسعت مليشيات الحوثي إلى استقطاب أجيال جديدة لا سيما من النشء لغرس أفكارها المذهبية، بما يؤدي إلى زيادة الصراع وتعميق الانقسام في أوساط المجتمع اليمني، بحسب أنعم.
ويرى السكان أن مليشيات الحوثي حاولت ولا تزال توجيه بوصلة الخطاب الديني بشكل سلبي في جامع الصالح، بما يتماشى مع معتقداتها الجديدة ويقوض من تماسك المجتمع وتوسيع الشرخ الطائفي بين أبنائه.
وأفاد ناشط سياسي بصنعاء لـ"العين الإخبارية" بأن مليشيات الحوثي حولت الجامع إلى مقر لنشاطاتها العسكرية حيث تقوم بعقد ما تسمى دورات ثقافية داخل الجامع لعناصرها الجدد وكذلك يتم عقد اجتماعات حوثية في مرافق الجامع.
وأضاف أن محمد علي الحوثي القيادي في صفوف المليشيات الحوثية يعقد اجتماعات داخل الجامع مع عديد قطاعات يتم استهدافها بالتعبئة الحوثية وكان آخر هذه القطاعات الأطباء وقبلهم خطباء المساجد وذلك قبل شهر رمضان.
كما حولت المليشيات الجامع إلى ساحة اجتماعات كبيرة غالبا ما يتخللها إلقاء زعيم مليشيا الحوثي خطابات موجهة للمجتمعين عبر دائرة تلفزيونية.
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg جزيرة ام اند امز