رواية "هولندا لا تمطر رطبا".. الغربة في الوطن والوطن في الغربة
هل أصبحت هولندياً الآن؟ هل أنتمي بروحي المتعبة إلى هؤلاء؟ يسأل علاء الجابر في روايته التي تناقش الثلاثاء في مكتبة الإسكندرية.
سرد للتفاصيل واليوميات والعقبات والمشاهدات يقدمه علاء الجابر في روايته "هولندا لا تمطر رطبا" التي تتم مناقشها في مختبرالسرديات بمكتبة الإسكندرية، في السابعة مساء الثلاثاء، بإدارة منير عتيبة وبحضور الناقدين الدكتور محمد عبد الحميد خليفة، وأسماء شنقار.
في روايته يأخذنا الكاتب العراقي في رحلة معه إلى هولندا التي يهاجر إليها من أجل صك الانتماء، وبضمير المتكلم يسرد علينا مواقف عدة تواجهه في رحلته، منها ما يعيده إلى بلد إقامته الكويت وأخرى إلى عراقه..
رحلة تبدو كسيرة ذاتية صريحة مشبعة بحنين الكاتب إلى الوطن وناسه وشوارعه وعائلته. رحلة مغترب يفكر بماضيه ومستقبله بين مغتربين كثيرين.. فيقول "أصدقائي المغتربون... ربما ينامون وفي حلوقهم غصة. يرون كل ما قدموه طوال سنواتهم. لم يحمهم من الغربة بقدر ما دفعهم إليها".
يقول الجابر: بين أجساد تشع احمراراً، أحشر جسدي الحنطي في بهو المبني الضخم لبلدية مدينة دن هاخ (Den Haag)، أراقب عيون المارة بمقلها الزرقاء والخضراء، أقارن بينها وبين وجوه أخري ملونة لأصول عربية، إفريقية، آسيوية... جميعا جاءت من مكان بعيد أملاً في ورقة صغيرة، وروح كل واحد منهم تهذر:"
هل أصبحت هولندياً الآن؟ هل أنتمي بجسدي الضئيل، وروحي المتعبة إلى هؤلاء؟!
بأي شيء أشبههم؟ عشوائيتي لا تتسق وروتينية خطواتهم، فورتي لا تروضها برودة محيطهم... ولغتهم فضاء لا ألتقط منه إلا ما يقضي حاجاتي الأساسية!"
منذ أن أقمت في مدينة دن هاخ ( Den Haag)، وأنا أقضي ساعة يومياً في مبنى البلدية (الخمنته (Het Gemeentehuis ، أنجز أوراقاً أتمناها لا تنتهي لأعايش المهاجرين لحظاتهم المصيرية وهم يتسلمون صك الانتماء الأوروبي الجديد.
استمتع برصد محاولاتهم تلمس هولنديتهم... كيانهم الحديث الذي لازال يزاحم مجموعة شرقية هنا، ملامح إفريقية هناك.. والعديد من الوجوه الذابلة، الممهورة بأختام دول دكتاتورية.
أتفقد نظراتهم التائهة بين البحث عن ملاذ في بلاد الورد.. والخشية من أن تلتهم الورود الزاهية هوياتهم. هل أصبحوا هولنديين الآن؟!
فكرت كثيراً في ذلك السؤال وأنا جالس في قاعة الانتظار، بعد استلام بطاقة صغيرة تؤكد (هولنديتي)، دون أن تلقب أمي ب (مفراو)، وأبي (منير).
الجابر عراقي- هولندي، ولد في البصرة، وانتقل منذ طفولته إلى الكويت حيث ما يزال يقيم حتى الآن، بدأ العمل في مجال المسرح منذ عام 1986، حيث كتب العديد من المسرحيات، والقصص، والأشعار، والأغاني، والأوبريتات، والأفلام، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية.
حصل علاء الجابر على عدد من الجوائز؛ منها: جائزة نادي القصة عن رواية "هولندا لا تمطر رطبا"، كما حصل برنامج الأطفال الغنائي "هيا نلعب" الذي كتب كلماته على جائزتين من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس ومهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون بالبحرين، وحصل على الجائزة التقديرية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون في القاهرة عن تمثيلية الأطفال "يوميات طفل غاضب".
ومن أعماله المسرحية للكبار؛ "رغم أنهم موتى"، و"الرجل الذئب"، و"العاصفة"، فضلا عن المسرحيات التي ألفها للأطفال؛ ومنها: "سالي" و"نعنوعة" و"كونان في أرض البوكيمون"، و"أليس في بلاد العجائب".