هدنة حلب في عيون خبراء لـ"العين".. صخب أقل وموت مقيم
روسيا تعلن انتهاء هدنة حلب التي ألعنتها من جانب واحد، فيما يرى مراقبون أن ما جرى ما هو إلا محاولة لتقسيم العراق على غرار افتقاية سايكس بيكو.
قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إن "الهدنة الإنسانية" في حلب انتهت السبت، تاركا للمراقبين مهمة البحث عن موعد بدايتها.، لاسميا وأن القصف لم يتوقف.
وأعلنت روسيا من جانب واحد الهدنة الخميس، لكن معارضين ومراقبين سوريين أكدوا لـ"العين" أن "القصف لم يتوقف خلال أيام الهدنة المزعومة.. هدأ قليلا ربما لكن لم يتوقف".
وكان جيش النظام السوري وروسيا قد دعوا السكان ومقاتلي المعارضة في شرق حلب المحاصر إلى مغادرة المدينة عبر ممرات، والذهاب إلى مناطق أخرى تحت سيطرة مقاتلي المعارضة مع ضمان سلامتهم، مع تنامي الانتقادات الدولية.
وقال ميسرة بكور المحلل الاستراتيجي السوري المقيم في القاهرة لـ"العين" إن "هذا ما وضعوه على الطاولة استسلام حلب لا هدنة إنسانية.. حينما ننظر للموضع من هذه الزاوية ندرك مباشرة أن المقاصد الأساسية للروس وللنظام لم تتحقق، أنا لا أعرف أحدا خرج.. رأينا جميعا المعبر الثمانية التي لم يفتح إلا اثنين منها فقط وكانت جميعا فارغة".
وبينما تنتهي الهدنة، أطلت الأمم المتحدة مجددا لتعلن أنها لم تتمكن من تنفيذ إجلاء طبي أو توصيل مساعدات للمناطق المحاصر في حلب. وقدرت تقارير صحافية عدد من خرجوا بين 200 إلى 300 مقاتل، فيما ذهبت تقديرات المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا لتصل بالأرقام لنحو ألف مقاتل، وهو ما اعتبره بكور تقديرا "غير نزيه".
من جانبه، يعتقد المعارض والمحلل السياسي السوري تيسير النجار، أن الهدنة المزعومة جاءت لاحتواء الغضب الدولي جراء ما يحدث في حلب، وهو ما مكن الروس من أمرين الأول تبريد الاحتقان والثاني وهو الأخطر التفرغ لتغيير الواقع الديمغرافي حول دمشق.
وأوضح النجار في تصريحات لـ"العين" أن "التراجع النسبي في قصف حلب تزامن مع تشديد القصف في الزبداني وداريا والمعضمية والوعر في حمص ومناطق في القلمون.
ويتابع أن "ما يجري هو في الواقع أمر أشبه بسايكس بيكو جديد لكن بدلا من رسم حدود جديدة كان الهدف وهو تغيير البشر.. لقد أجبر كل من ترك هذه المدن أن يوقع على تنازل عن كل ما يملك.. الباصات الخضراء كانت تقلهم بلا حقائب حتى".
وقال مقاتلو المعارضة إنه لا يمكنهم قبول وقف إطلاق النار لأنهم يرون أنه لا يفعل شيئا لتخفيف معاناة من اختاروا البقاء في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة في حلب. ويعتبر المقاتلون وقف إطلاق النار جزءا من سياسة حكومية لتطهير المدن من المعارضين السياسيين.
وأشار "بكور" إلى أن فشل الهدنة في حلب يكشف عن تحول خطير في مسار القضية السورية، فلم تعد ثورة شعب على نظام مستبد، بل حركة تحرر وطني ضد الاحتلال الروسي الإيراني للبلاد.
في المقابل، يرفض "النجار" هذه الرؤية، ويرى أن الثورة على النظام ما زالت هي جوهر الصراع في سوريا، لأن الوجود الروسي الإيراني حتى اليوم يستمد شرعيته المفترضة والواهية من شرعية هذا النظام الساقط.. بل هو سقط بالفعل أو كاد في 2012 لولا تدخل حزب الله وإيران ومن بعدهما روسيا بكل ثقلها.