"تل رفعت".. هل تحسم آخر المعارك في حلب السورية؟
مفاوضات تركية روسية أمريكية لتأمين سيطرة فصائل الجيش الحر على ريف حلب الشمالي وسط تحركات إيرانية جنوبها
في وقت بدأت فيه عواصم غربية وإقليمية الحديث عن خطط إعمار سوريا التي مزقتها حرب مستعرة منذ 6 سنوات، ما يزال في الأفق نذر لمعركة أخيرة في حلب، التي كانت لحظة مفصلية في الصراع قبل عام.
وتترقب حلب أكبر محافظات سوريا من حيث عدد السكان مفاوضات تجري حاليا بين الجانبين التركي والروسي لاستعادة مدينة تل رفعت من يد "وحدات حماية الشعب" (الكردية)، وعودة سكانها إليها في الأيام المقبلة، في محاولة لتفادي تفجر الأوضاع الميدانية في المحافظة التي شهدت أسوأ حلقات الصراع السوري خلال العام الماضي.
وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية سورية قال القيادي في الجيش الحر مصطفى سيجري، أمس الأحد، إن مفاوضات روسية - تركية تجري حاليا لاستعادة مدينة تل رفعت والمناطق المحيطة بها، لتكون تحت سلطتنا.
وأضاف أنه "حتى اللحظة لم يتم التوصل لاتفاق كامل بخصوص المدينة (…) المفاوضات جارية حتى الآن".
وتقع حلب على بعد نحو 300 كيلومتر شمالي العاصمة دمشق، في موضع استراتيجي بالنظر للصراع السوري في بعده الإقليمي.
ويرى مراقبون أن تركيا التي تحشد قواتها قبالة عفرين السورية، تسعى إلى ضمان سيطرة فصائل موالية لها على تل رفعت، لتستحوذ على مثلث قاعدته في الشمال بين أعزاز وعفرين، من أجل تشكيل حائط صد في وجه طموح أكراد سوريا لتأسيس دولة لهم جنوبي الأناضول.
ولم يصدر أي توضيح من تركيا أو روسيا حول ماهية المفاوضات التي تدور في المنطقة بخصوص المناطق التي سيطرت عليها الوحدات الكردية.
وتأتي المفاوضات بعد يومين من هبوط مروحيات روسية في مطار منغ العسكري جنوب مدينة أعزاز شمالي حلب، وعقبها وصول رتلين عسكريين للقوات الروسية إلى مدينة تل رفعت.
وحسب تقارير سورية محلية أنزلت القوات الروسية رايات وحدات حماية الشعب وجيش الثوار من مناطق التماس والحواجز شمال حلب، ورفعت بدلا عنها العلم الروسي.
وتأتي المفاوضات الروسية التركية بعد يوم واحد من بدء مفاوضات بين موسكو وواشنطن كشف عنها نائب رئيس هيئة الأركان في الحكومة السورية المؤقتة، العقيد هيثم العفيسي في تصريحات لموقع جيرون، السبت، قائلا إن هناك مفاوضات مع الجانبين الأمريكي والروسي، من أجل تسليم المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي إلى أهلها.
وأشار إلى أنه في حال فشلت المفاوضات "فسنلجأ إلى الحل العسكري لاستعادتها".
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد سيطرت على تل رفعت في فبراير/ شباط 2016، بعد هجوم ضد فصائل المعارضة، تزامنا مع معارك جرت بين الأخيرة وقوات النظام، كما سعت إلى الوصول إلى مدينة أعزاز لكن الجيش الحر حرمها من التقدم.
وتزامنت التحركات الروسية التي بدأت الجمعة الماضية شمال حلب مع تحليق الطيران التركي في أجواء مناطق سيطرة "درع الفرات" العملية التي أطلقتها أنقرة العام الماضي، لدعم الفصائل الموالية لها في الشمال السوري، وسط أنباء عن زيارة قائد في القوات التركية إلى المنطقة.
وكان الجيش التركي عزل عسكريا منطقة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب عن مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري.
ويُبقي الجيش التركي تفاصيل تحركاته حول عفرين طي الكتمان، إلا أنه أكد دخوله بموجب اتفاق تخفيف التوتر، لكن مراقبين يرون أن أنقرة تعمل جاهدة على إنهاء انتشار الفصائل الكردية المسلحة، في محيط حدودها مع سوريا، ومنعها من الوصول إلى البحر.
وتقاطعت التحركات التركية الروسية مع زيارة رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، الجمعة الماضية، لخطوط القتال في ريف حلب، حسب وكالة إرنا الإيرانية.
وأظهرت صورة بثتها وكالة الأنباء الإيرانية ومواقع تابعة لمليشيا حزب الله اللبناني باقري وهو يتفقد على رأس وفد عسكري مناطق العمليات في ريف حلب، لكنها لم تحدد المنطقة.
وكانت قوات النظام السوري قد سيطرت على الأحياء الشرقية في حلب، أواخر العام الماضي، بمساندة مليشيات إيرانية وعناصر حزب الله.
ويثير ظهور القائد العسكري الإيراني مخاوف من جولة جديدة للصراع في حلب ترسم سوريا المستقبل التي يبدو أن خارطتها الجديدة قد رسمت بالفعل في الجنوب والشرق والشمالي الشرقي، فيما يظل شمالها الغربي من إدلب إلى أعزاز ساحة صراع لإجهاض مستقبل دولة كردية في سوريا.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjIyNyA= جزيرة ام اند امز