من إدلب إلى عفرين.. شمال سوريا برميل بارود عصي على الهدنة
جيش النظام السوري يسعى لحشر القاعدة في إدلب والأتراك يدفعون بتعزيزات عسكرية قبالة عفرين في الشمال السوري العصي على التهدئة
من بين أربع مناطق جرى التوافق على إعلان خفض التصعيد العسكري بها، في حوار الأستانة الذي ترعاه روسيا وإيران وتركيا، أقرت الهدنة في ثلاث منها، فيما ظل الشمال السوري في القوس الممتد من إدلب وحتى الحسكة مرورا بعفرين أقرب إلى برميل بارود عصيّ على التهدئة.
- الجربا من القاهرة: روسيا أقصر طريق لحل أزمة سوريا
- ترامب وماكرون يبحثان التعاون في سوريا والعراق ومواجهة إيران
وكان حوار الأستانة ذو الطابع الأمني قد رسم حدود مناطق التهدئة، لكنه فشل في الدفع باتجاه إدخالها حيز التنفيذ، ما دفع موسكو للعمل مع شركاء دوليين وإقليميين على إقرار التهدئة عبر اتفاقات منفصلة بدأتها في الجنوب السوري بشراكة أمريكية.
وراهنت روسيا على الدور المصري في الملف السوري، وكسبت الجولة بإدخال الغوطة الشرقية وحمص في ضمن مناطق خفض التصعيد رغم الخروقات التي أسقطت هدنة الغوطة عمليا، فيما ظل دوي الانفجارات وزخات الرصاص تطارد الأمل في الشمال السوري بتعقيداته.
إدلب.. حشر القاعدة في الزاوية أم بؤرة انطلاق جديدة؟
ومنذ بدء الحرب الأهلية في سوريا قبل 6 سنوات ظل معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا شريان حياة لإدلب وفصائل المعارضة السورية، أفشل كل محاولات النظام لحصارها، ما جعل السؤال يدور عن الأسباب التي دفعت جيش الأسد خلال الأسابيع الماضية إلى السعي بقوة نحو حشر الفصائل المناوئة له في المحافظة الحدودية، سواء فصائل المعارضة المعتدلة أو التنظيمات الإرهابية وأبرزها حركة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا التابعة لتنظيم القاعدة).
ويرى مراقبون أن الهدف الأساسي للنظام السوري تأمين ما أطلق عليه "سوريا المفيدة"، التي تضم المدن الكبرى، والساحل، ووسط سوريا.
فيما يعتقد آخرون أن النظام دفع عناصر القاعدة دفعا باتجاه إدلب التي تسيطر على جانبها الأكبر فصائل معارضة لتبرير تحرك حاسم يقضي على القاعدة ويضعف القوى الأخرى المناوئة للنظام.
وكان الجيش السوري ومليشيات حزب الله اللبناني قد توصلا مطلع الشهر الجاري لاتفاق في جرود عرسال يقضي بانسحاب عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي إلى إدلب، ليكرس رغبة جيش النظام في حشد عناصر التنظيم في المدينة.
وشهد معبر باب الهوى قتالا عنيفا قبل نحو ثلاثة أسابيع بين جبهة فتح الشام (القاعدة) وهيئة تحرير الشام التي تجمع طيفا واسعا من الفصائل المعارضة الموالية لتركيا، انتهى بالتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين، وانسحاب الفصائل من المعبر وتسليمه لإدارة مدنية.
وتعرضت أماكن في منطقة الموزرة الواقعة في جبل الزاوية بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب، لقصف من قوات النظام اليوم الأحد، ما تسبب بأضرار مادية، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبينما تتواصل المناوشات في إدلب هنا وهناك تترقب المدينة التي باتت بوصلة لمعركة قادمة انفجارا محتملا يلوح في الأفق.
عفرين.. صداع تركي مزمن أم جبهتها المقبلة
نشر الجيش التركي السبت قطعا مدفعية عند الحدود السورية في محيط عفرين حيث تدور بانتظام اشتباكات بين قواتها وفصائل كردية.
ووصلت بالفعل خمسة مدافع على الأقل ليلا إلى محافظة كيليس الجنوبية المحاذية لسورية التي شهدت مؤخرا تبادل إطلاق نار متكرر بين الجيش التركي ووحدات حماية الشعب الكردية، بحسب وكالة الأناضول التركية.
وتقع كيليس قبالة مدينة عفرين معقل المقاتلين الأكراد في شمال غرب سورية، والخاضعة لسيطرة "وحدات حماية الشعب" التي تدعمها قوات التحالف الدولي، وتحظى برعاية أمريكية ما أثار خلافات عالقة بين أنقرة وواشنطن.
ونقلت الوكالة التركية على لسان مصادر عسكرية قولها إن الدفع بآليات ومدافع على الحدود السورية لا يروم رفع عدد الجنود الأتراك المنشرين في المنطقة، بل يهدف إلى تعزيز ما لديهم من عتاد، في مسعى على ما يبدو للتقليل من شأن التحرك العسكري.
لكن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بددت أي احتمال لقراءة مغايرة لطبيعة ودور التعزيزات التركية على الحدود.
وأعلن أردوغان، السبت أيضا، أن بلاده عازمة على تنفيذ عمليات عسكرية جديدة لتوسيع المناطق التي نجحت عملية "درع الفرات" في تطهيرها من الإرهابيين شمالي سوريا.
وقال إن "عملية درع الفرات شكلت خنجرا في قلب مشروع تشكيل منطقة إرهابية في شمال سوريا". لكنه أضاف أن "تركيا تتعرض لهجمات مكثفة على كافة الأصعدة، خاصة أن جهود تشكيل دولة إرهابية جنوب الحدود التركية (شمالي سوريا) ما زالت مستمرة"، بحسب وكالة الأناضول.
ورأى أن "جهات عدة تحاول تطويق تركيا" عبر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كـ"منظمة إرهابية". وقال: "قريبا سنقضي على هذه المنظمة في تركيا وسنواصل ملاحقتها في سوريا والعراق".
وأضاف الرئيس التركي قائلا إن "التخلص من البعوض لن يتحقق ما لم يتم تجفيف المستنقع، وأكبر مستنقع بالنسبة لتركيا والمنطقة في أيامنا هذه هو حالة الفوضى التي تعم سوريا والعراق".