الثانوية العامة بالجزائر.. السجن للغشاشين وقطع الإنترنت "عقوبة جماعية"
على خطى أركان نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذين دخلوا السجون بتهم "الغش في تسيير أمور الدولة"، عادت تلك المشاهد والأخبار إلى واجهة الأحداث بالجزائر لكن من "أروقة التعليم" هذه المرة وليس من دهاليز الحكم، بعد أن اتخذت السلطات إجراء
حيث أعلنت وزارة العدل الجزائرية توجيه الااتهام في البلاد إلى 62 شخصاً بتهم "تتعلق بالغش عن طريق مواقع التواصل" في امتحانات شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) التي جرت خلال أيام هذا الأسبوع.
- الأردن يكافح الغش في امتحانات الثانوية بحجب تطبيقات التراسل
- السودان يقطع الإنترنت لمنع تسريب امتحانات الثانوية
وقررت المحاكم الجزائرية "إيداع 28 ممتحناً" في شهادة البكالوريا إلى السجن المؤقت، ووضع 7 آخرين تحت الرقابة القضائية.
عقوبات قاسية
وسرّعت مختلف المحاكم التي تابعت قضايا "الغش بامتحانات البكالوريا" بـ16 محافظة في إصدار أحكامها، وأصدرت بحق 28 متهماً أحكاما قضائية قاسية تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات سجناً نافذا، وغرامات مالية وصلت إلى 50 ألف دينار جزائري، أي ما يعادل حوالي 373 دولارا أمريكيا.
وأشارت وزارة العدل الجزائرية في بيانها، الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، إلى أن الوقائع موضوع المتابعة جاءت في "جنحة نشر مواضيع وأجوبة امتحانات شهادة البكالوريا باستعمال وسائل الاتصال عن بعد".
وسنت الجزائر العام الماضي للمرة الأولى في تاريخ البلاد، قانوناً خاصاً ضد ظاهرة الغش في الامتحانات، تصل عقوباته إلى حد السجن والغرامات المالية، ما يعني انتقال عقوبات الغش من الإدارية إلى القضائية في سابقة لم تحدث قبل بالجزائر.
ومن بين النصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات الخاصة بالغش في الامتحانات، تضمنت عقوبات بـ"السجن من 5 أعوام إلى 10 أعوام"، مع غرامة مالية تصل إلى 1 مليون دينار جزائري (7783 دولارا أمريكيا).
ومن أبرز المواد أيضا المادة 235 مكرر 6 التي حددت طبيعة العقوبات وأنواع تهم الغش، وجاء فيها:
"يعاقب بالحبس من عام إلى 3 أعوام وبغرامة من 100 ألف دينار (778 دولارا) إلى 300 ألف دينار (2335 دولارا) من قام قبل أو في أثناء الامتحانات أو المسابقات، بنشر أو تسريب مواضيع و/أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي أو مسابقات التعليم العالي أو التعليم والتكوين المهنيين والمسابقات المهنية الوطنية".
كما برزت في الأعوام الأخيرة ظاهرة غش من نوع آخر، تتعلق بـ"اجتياز أشخاص آخرين الامتحانات في أماكن آخرين"، وكذا تورط بعض الأساتذة المشرفين على الحراسة في عمليات الغش لصالح الطلبة، وهي الظواهر التي وجدت نصيبها في قانون العقوبات الجديد.
وأشارت المادة 253 مكرر7 إلى أن "تكون عقوبة السجن من 5 أعوام إلى 10 أعوام، وغرامة من 500 ألف دينار (3891 دولارا) إلى مليون دينار، إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة من قبل الأشخاص المكلفين بتحضير أو تنظيم أو تأطير الامتحانات والمسابقات أو الإشراف عليها، أو من قبل مجموعة أشخاص أو باستعمال منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات، أو باستعمال وسائل الاتصال عن بعد".
وحددت المادة الموالية (مكرر 8) طبيعة العقوبات بالسجن من 7 أعوام إلى 15 عاماً، مع غرامات مالية تصل من 700 ألف دينار (5448 دولارا) إلى 1 مليون و500 ألف دينار (11 ألفا و674 دولارا)، إذا أدى ارتكاب الأفعال المذكورة في المادة السابقة إلى الإلغاء الكلي أو الجزئي للامتحان أو المسابقة".
الإقصاء
في سياق متصل، أعلنت عدة ثانويات في الجزائر عن ضبط حالات غش في امتحانات شهادة البكالوريا بعدد من مراكز الامتحان.
وللمرة الأولى أيضا، تقرر وزارة التربية والتعليم الجزائرية تفعيل القانون الخاص بالغش في الامتحانات، إذ تقرر "إقصاء كل الذين ضبطوا في حالات غش" أثناء امتحانات البكالوريا لمدة "10 سنوات".
وبموجب القانون، يُمنع طالب البكالوريا الذي عُثر معه على أدلة ملموسة على الغش من اجتياز امتحانات شهادة البكالوريا لمدة 10 سنوات كاملة، وهو القانون الجديد المطبق أيضا في جميع الامتحانات الكبرى التي تجرى في الجامعات والتكوين المهني، وامتحانات التوظيف والترقية.
قطع الإنترنت.. عقوبة جماعية
وانتهت، الخميس، امتحانات شهادة البكالوريا في جميع محافظات البلاد والتي شارك بها 731 ألف طالب بين نظامي وحر، عبر 2528 مركز امتحان في 58 محافظة جزائرية.
وعلى غرار الأعوام الماضية، شهدت أيام الامتحانات "قطعاً كاملا" لشبكة الإنترنت في كل البلاد، وهو الإجراء الذي أصبح ساري المفعول منذ 2016 بعد التزايد الرهيب في حالات الغش بامتحانات شهادة البكالوريا، ووسط عجز رسمي عن وضع حد لهذه الظاهرة المتزايدة.
وشهدت الجزائر طوال هذا الأسبوع، حالة من الاستياء الشعبي نتيجة لجوء السلطات لقطع الإنترنت، بهدف منع الغش في امتحانات شهادة البكالوريا (الثانوية العامة).
ومع امتحانات البكالوريا، يتخوف الجزائريون من تضرر مصالحهم وأعمالهم وتجارتهم نتيجة قطع الإنترنت، واعتبرت ردود الأفعال الغاضبة بأنه "لا يمكن الاستمرار في "مقاومة غش البكالوريا بتسليط عقابي جماعي"، بينما تؤكد السلطات الجزائرية بأن الخطوة تهدف إلى حماية مصداقية شهادة البكالوريا.
كما انتقد الجزائريون عدم تعويض شركة "اتصالات الجزائر" الحكومية لزبائنها عن ساعات قطع الإنترنت، ولا يتم احتسابها عند انتهاء فترة شحن الإنترنت.
وأعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول تصريحات للرئيس عبدالمجيد تبون، الذي تعهد بالتخلي عن سياسة قطع الإنترنت في بكالوريا 2021، وتوعد "الغشاشين" باستعمال وسائل تقنية عصرية.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون بأن خسائر الاقتصاد الجزائري من قطع الإنترنت تقدر بقيمة 50 مليون دولار عن كل ساعة قطع يتكبدها اقتصاد البلاد.
ويأتي تضرر الاقتصاد نتيجة "الشلل" العام الذي يسببه انقطاع الاتصالات، كما أن هناك شركات تعتمد أنشطتها على الإنترنت مثل شركات سيارات الأجرة والتجارة الإلكترونية والتدريب عبر الإنترنت، ناهيك عن البنوك، والإدارات المحلية.
وأظهر آخر تقرير رقمي للجزائر لعام 2021 أن عدد مستخدمي الإنترنت في الجزائر بلغ 26.35 مليون شخص، وهو ما يمثل 59.6 % من العدد الإجمالي لسكان الجزائر المقدر بـ 44.23 مليون نسمة.
بينما وصل عدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي إلى 25 مليون مستخدم، بينهم 23 مليون مشترك في موقع "فيس بوك"، و6.80 مليون مستخدم لتطبيق "أنستقرام"، و5 ملايين مستخدم على "سناب شات".
وعلى منصة "لينكد إن" يوجد 2.5 مليون مستخدم جزائري، بينما تجاوز عدد مشتركي موقع "تويتر" 625 ألف مستخدم.
aXA6IDE4LjExNi44MS4yNTUg جزيرة ام اند امز