محللون جزائريون: تعهدات بوتفليقة تدشن مرحلة انتقالية لتداول السلطة
محللون سياسيون يعتبرون أن تعهدات الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تخضع لاختبار ردة فعل الشارع والمتظاهرين.
حالة من الترقب تعيشها الجزائر، بعد أن قدّم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة المرشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل/نيسان تعهدات بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة حال إعادة انتخابه، وما تبعها تقديم الوزير الجزائري السابق سيدي فروخي استقالته من عضوية البرلمان عن الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني).
وأجمع محللون ومراقبون جزائريون على أن هذه التعهدات تعد "مفاجأة" أربكت الحسابات لدى السياسيين والشعب الجزائري عموما.
- بوتفليقة يتعهد بترك الحكم وانتخابات رئاسية مبكرة حال فوزه
- مدير حملة بوتفليقة يقدم أوراق ترشحه للرئاسة الجزائرية رسميا
وقال محللون سياسيون جزائريون لـ"العين الإخبارية" إن توقيت وظروف إعلان بوتفليقة البالغ من العمر 81 عاماً، عن تلك التعهدات، خاصة فيما يتعلق بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، "غيّرت قواعد اللعبة السياسية في البلاد، وجعلت المعارضة تتريث في اتخاذ موقف حولها"، وأن "تمريرها أصبح مرتبطا بمدى ردة فعل الشارع الجزائري".
ومنذ أسبوعين، شهدت مختلف الولايات والمدن الجزائرية مظاهرات حاشدة، خرج خلالها آلاف الجزائريين رافضين الولاية الخامسة، ومطالبين "بوتفليقة وحكومته بالرحيل".
وفي رسالته التي قرأها نيابة عنه أمس الأحد، عبدالغني زعلان مدير حملته الانتخابية بعد إيداعه ملف ترشح بوتفليقة للاستحقاق الرئاسي المقبل، اعترف الرئيس الجزائري "بوجود رفض شعبي لترشحه لولاية خامسة".
وقال بوتفليقة في رسالته: "لقد نمت إلى مسامعي، وكلّي اهتمام، دعوات المتظاهرين، لا سيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا، أولئك شباب عبّروا عن قلقهم المشروع والمفهوم تجاه الريبة والشكوك التي حرّكتهم".
6 تعهدات
قدم بوتفليقة برنامجاً من 6 خطوات كانت بمثابة تعهدات قدمها للمتظاهرين الرافضين ترشحه، تضمن أنه في حال إعادة انتخابه سيتم تنظيم ندوة وطنية "شاملة وجامعة ومستقلة لإعداد واعتماد إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تُرسي نظاماً جديداً للدولة الجزائرية".
إضافة إلى تنظم انتخابات رئاسية مبكرة طبقاً للأجندة التي تعتمدها الندوة الوطنية، وتعهد في المقابل بعدم الترشح فيها وأن تكون في "ظروف هادئة وجو من الحرية والشفافية"، على أن تحدد الندوة تاريخها.
أما التعهد الثالث لبوتفليقة كان إعداد دستور جديد عن طريق استفتاء شعبي، "يكرس جمهورية جديدة ونظاماً سياسياً جديداً"، مع وضع سياسات جديدة "تضمن إعادة توزيع عادل للثروات الوطنية" كتعهد رابع.
وخامس تعهدات الرئيس الجزائري في حال إعادة انتخابه كما ذكر في رسالته، فهي اتخاذ إجراءات فورية لصالح الشباب الجزائري بشكل "يصبح فيها فاعلاً أساسياً في الحياة العامة".
وختم بوتفليقة متعهداً بمراجعة قانون الانتخابات وإنشاء آلية مستقلة تتولى "دون سواها تنظيم الانتخابات".
قراءات مختلفة قدمها محللون سياسيون جزائريون لـ"العين الإخبارية"، التقت عند خطورة وحساسية المرحلة التي تمر بها الجزائر، وأن ما تعيشه البلاد اليوم هو مخاض عسير أربك المعارضة والسلطة معاً، وأن الامتحان الحقيقي لأي فترة انتقالية يبقى في شوارع الجزائر.
مرحلة انتقالية
في حديث مع "العين الإخبارية"، قال سليمان أعراج أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر: "أعتقد أن رسالة الرئيس الجزائري تسعى لقيادة مرحلة انتقالية في البلاد، ومن ثم انتقال سلسل للسلطة، لأن الحديث اليوم عن إجراء انتخابات في أقل من عام وتغيير طبيعة النظام ودستور جديد، تدفعنا للقول إن المسألة متعلقة بالمضي نحو فترة انتقالية تؤسس لجمهورية جديدة كما وصفها بوتفليقة في رسالته".
مضيفاً: "الحكم على مدى قوة هذه الرسالة ستحدد من خلال ردة فعل الشارع الجزائري خصوصاً الشباب منهم، فاليوم أصبح الشارع صاحب زمام المبادرة وليس السواعد السياسية الكلاسيكية التي رأيناها تمارس مفهوم المعارضة شكلياً".
وفيما يتعلق باحتمال انقسام الرأي العام والمعارضة في الجزائر حول مضمون رسالة بوتفليقة، قال المحلل السياسي إن "المسألة اليوم تخضع حقيقة لاختبار الشارع والمعارضة، حتى إن كانت الأخيرة أراها تبارك هذه الرسالة، من منطلق انسحاب بعض المرشحين التي اعتبرها رسالة ضمنية تبارك ما جاء في رسالة بوتفليقة".
حلٌّ مؤجل
الدكتور سليم قلالة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، اعتبر أن ما تضمنته رسالة بوتفليقة "هي حل لكنه مؤجل".
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قدم المحلل السياسي قراءة لرسالة بوتفليقة خاصة ما تعلق منها بتنظيم رئاسيات مبكرة، وقال "أعتقد أن ما جاء في رسالة بوتفليقة حل مؤجل"؛ بمعنى أن الحل الأمثل الذي قدمه بوتفليقة هو إجراء انتخابات بلجنة مستقلة لمراقبتها في شفافية كاملة، لكنه حل مؤجل لسنة كاملة.
وأضاف أن "المشكلة في هذا الحل التأجيلي هو أنه سيجرى في الجزائر استحقاقان رئاسيان في أقل من عام، والمشكلة الحالية هي العهدة الخامسة، كما عبر عن ذلك الجزائريون في مظاهراتهم، وتعهدات الرئيس في تقديري هي حل للمرحلة الحالية، لكنه تأجيل للمشكلة الرئيسية، وهو ما قد يترتب عليه تداعيات خطرة، ولا يمكننا أن نتصور في هذه الظروف المشحونة أن يجلس الفرقاء جنباً إلى جنب في ندوة واحدة".
وتابع: "ما تضمنته رسالة بوتفليقة من تعهدات أيضاً، ليست مطالب المعارضة فقط، بل هي مطالب كل الفئات الاجتماعية، ولا أتصور أن تتأثر المعارضة سلباً أو إيجاباً بموقف بوتفليقة الأخير، لكن مشروع الحل هو الذي سيتأجل، ولا يمكن النظر للموضوع من وجهة نظر المعارضة أو السلطة، بل من وجهة نظر مصلحة الدولة الجزائرية التي تقتضي ألا نمدد في فترة حرجة".
aXA6IDMuMTcuMTY2LjE1NyA= جزيرة ام اند امز