أسبوع جزائري ساخن.. مظاهرات ضد ولاية بوتفليقة وعراك في البرلمان
أسبوع الجزائر بدأ بمظاهرات حاشدة ضد ولاية بوتفليقة لولاية خامسة وانتهى بمعركة بالأيدي بين نواب المعارضة والموالاة داخل البرلمان.
عرف الأسبوع الحالي بالجزائر تطورات متلاحقة مرتبطة باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 أبريل/نيسان المقبل، والتي يُجمع كثير من المراقبين على أنها لن تكون كسابقاتها.
- أسبوع الجزائر.. الإخوان يُفشلون اجتماع المعارضة وترقب لاحتجاجات شعبية
- شروط الترشح لرئاسة الجزائر.. الانتماء للثورة والجنسية الأكثر صرامة
أسبوع كان مثقلاً بالأحداث السياسية التي بدأت بمظاهرات سلمية حاشدة ضد ترشح الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وهو الحراك الشعبي الذي تباينت ردود الفعل حوله بين الحكومة التي حذرت من "نتائجه الوخيمة" والمعارضة التي حذرت "من عدم الاستماع لصوت الشارع"، والخروج الاحتجاجي المفاجئ لصحفيي الإذاعة والتلفزيون الحكوميين في الجزائر.
يضاف لها دخول فرنسا على خط أجواء الرئاسيات، لينتهي الأسبوع بصور نوم عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائري في القمة العربية-الأوروبية بمصر، والعراك الذي وقع داخل البرلمان الجزائري بين بعض نواب الموالاة والمعارضة.
أول حراك شعبي بمطالب سياسية منذ عقدين
عاشت مدن ومحافظات الجزائر منذ الجمعة الماضي على وقع مظاهرات سلمية حاشدة خرج فيها آلاف الجزائريين الرافضين لترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة البالغ من العمر 81 عاماً، والذي سافر الأحد الماضي إلى جنيف لإجراء فحوصات طبية روتينية كما ذكر بيان للرئاسة الجزائرية.
- بالصور.. طلاب جزائريون يحتجون على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة
- الرئيس الجزائري يقدم طلبا رسميا للترشح لولاية جديدة 3 مارس
ويعد الحراك الشعبي الأخير الأول من نوعه منذ 17 عاماً والذي يحمل طابعاً سياسياً، إذ حمل المتظاهرون ورددوا شعارات رافضة للولاية الخامسة لبوتفليقة، مطالبين بالتغيير ورحيل الحزب الحاكم وبعض الوجوه التي اتهموها بـ"تدمير البلاد"، مع ترقب لمظاهرات حاشدة أخرى اليوم الجمعة، وسط تعزيزات أمنية غير مسبوقة في العاصمة الجزائرية.
ورغم المخاوف من الفوضى، فإن الأسبوع الجاري انتهى دون وقوع ما كان يخشاه كثير من الجزائريين، وأجمع المراقبون على أن المسيرات الأخيرة أثبتت "درجة وعي الجزائريين" الذين كانوا يرددون "سلمية سلمية.. لا للتكسير".
ومنذ الجمعة الماضي أوقفت الشرطة الجزائرية أزيد من 80 شخصاً غالبيتهم في الجزائر العاصمة، ونصفهم صحفيون تجمعوا الخميس الماضي في ساحة حرية الصحافة بشارع حسيبة بن بوعلي في العاصمة الجزائرية، مطالبين بـ "عدم تقييد حرية التعبير".
تحذيرات حكومية من الفتنة
في سياق متصل، توالت ردود الفعل الرسمية في الجزائر عقب الحراك الشعبي المناهض لولاية بوتفليقة الخامسة التي وجهت أصابع الاتهام لأطراف مجهولة بتحريك الشارع، وهو ما أشار له الدكتور عبدالرحمن بن شريط في تصريح لـ"العين الإخبارية".
- الجيش الجزائري: المتظاهرون "مغرر بهم" وسنحمي الانتخابات
- رئيس وزراء الجزائر: أطراف مجهولة تسعى لإشعال نار الفتنة
وقال المحلل السياسي "إن خروج الجزائريين كان عفوياً وراقياً ومتوقعاً، لكننا لا نعلم حتى الآن من يحدد مواعيد المظاهرات والشعارات، هناك غموض كبير في هذه المسألة".
وخلال بداية الأسبوع، حذر أحمد أويحيى رئيس الوزراء الجزائري من "انزلاقات لا يحمد عقباها"، واتهم "أطرافاً مجهولة بالسعي لإشعال نار الفتنة".
وعاد أويحيى الخميس من داخل مجلس الأمة الجزائري ليصف الحراك الأخير ضد الولاية الخامسة بـ"الحقود ضد الرئيس بوتفليقة رغم كل ما قدمه للجزائر"، وأضاف أن "المسيرات في سوريا بدأت بالورود وانتهت بالدم".
وقال الوزير الأول الجزائري (رئيس الوزراء): "لماذا كل هذا الحقد ضد الرئيس؟ هل لماضيه؟، فماضيه صافٍ، أم لمساره؟ فمساره كان حافلاً بالإنجازات، وأفنى عمره وصحته من أجل خدمة الجزائر".
كما وصف الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الجزائري المظاهرات الأخيرة بـ"النداءات المشبوهة التي تدفع البلاد نحو المجهول"، والمتظاهرين بـ"المغرر بهم"، وتعهد بحماية الانتخابات الرئاسية.
كما توحّدت مواقف أحزاب الائتلاف الحاكم على دعمها لمرشحها ورفضها للنداءات المطالبة بالعدول عن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
المعارضة تحذر من الأسوأ
ومن بين أبرز ردود فعل أحزاب المعارضة الجزائرية على الحراك الشعبي، تصريحات لوزيرة حنون زعيمة حزب العمال التروتسكي لوسائل إعلام محلية، والتي دعت فيها إلى "تأجيل الانتخابات الرئاسية لفترة لا تتجاوز الشهرين"، وحذرت مما قالت "إن الجزائر تعيش أوضاع ما قبل الثورة".
- المعارضة الجزائرية تتجه لاختيار مرشح موحد.. ومحللون: مساعٍ إخوانية فاشلة
- إخوان الجزائر.. شعارات زائفة ومتاجرة بفلسطين قبيل انتخابات الرئاسة
ومن داخل البرلمان الجزائري، نظم تواب حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض وقفة احتجاجية، رفعوا خلالها شعارات "ضد تمسك السلطة الجزائرية بخيار الاستمرارية"، ومطالبين بـ"تأسيس الجهورية الثانية".
كما قاطع نواب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض (علماني) كلمة رئيس الوزراء الجزائري في البرلمان خلال عرضه بيان السياسة العامة لحكومته، وخرجوا بصيحات "منددة بكلامه ومطالبة بالتغيير".
الإعلام الحكومي يصنع الحدث
وفي سياق الأحداث المتتالية المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، شهد أسبوع خروج مئات الطلبة الجامعيين في مظاهرات سلمية ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، كما خرج عشرات الصحفيين العاملين في الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين في وقفات احتجاجية، مطالبة بحرية التعبير، ورافضين لما أسموه "سياسة تكميم الأفواه".
وبمقر "أثقل الوسائل الإعلامية" في الجزائر، رفع الصحفيون المحتجون شعارات كثيرة أبرزها "إذاعة حرة ديمقراطية"، و"الإذاعة.. التلفزيون وطنية.. خدمة عمومية"، و"لا للرقابة.. نعم للمسؤولية"، في سابقة لم تشهدها الجزائر حتى في سنوات التسعينيات التي عرفت بداية الانفتاح الإعلامي بالبلاد.
فرنسا تدخل على خط رئاسيات الجزائر
وفي الوقت الذي تترقب فيه عواصم عالمية كثيرة نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر، دعت باريس إلى "انتخابات شفافة ونزيهة في الجزائر".
- فرنسا: عودة "الحركى" إلى الجزائر تحتاج إلى وقت وإقناع
- محللون: تكريم ماكرون لـ"خونة ثورة الجزائر" ورقة ضغط وحسابات فرنسية
ورغم وصفه الجزائر بـ"البلد الصديق والشريك المهم"، فإن بنجامين جريفو المتحدث باسم الحكومة الفرنسية قال إن "فرنسا تابعت قرار بوتفليقة الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ونريد إجراء هذه الانتخابات في أفضل الظروف الممكنة، وبشفافية كاملة في الحملات الانتخابية".
وفي الوقت الذي لم يصدر أي موقف رسمي جزائري تجاه هذه التصريحات، رد علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات المعارض على الموقف الفرنسي.
وقال رئيس الوزراء الأسبق في تصريحات صحفية "إن الجزائريين يعرفون كيف يحلون مشاكلهم بأنفسهم"، مضيفاً أن "الجزائر دولة حرة ومستقلة وقادرة على تجاوز مشكلاتها، ولا نرغب في التدخل بشؤوننا الداخلية، مع أن الدول الأخرى حرة في التعليق".
معركة بالأيدي داخل البرلمان
ختام أسبوع الجزائر كان عراكاً بالأيدي داخل قبة البرلمان الجزائري بين نواب من المعارضة والموالاة، خلال مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة الجزائرية.
"واندلع العراك" بعد أن وصف نائب عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض نواب الموالاة بـ"الدجاج والشياتين" (المتملقين)، لتتحول قاعة البرلمان إلى ساحة معركة بالأيادي، وهي المعركة التي حدثت أمام وزراء في الحكومة الجزائرية، ما استدعى تدخل الأمن لوقف "مهزلة البرلمان" كما وصفها المتابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.