أسبوع الجزائر.. الإخوان يُفشلون اجتماع المعارضة وترقب لاحتجاجات شعبية
الأسبوع الجاري بالجزائر شهد حراكا مكثفا بعد فشل اجتماع المعارضة بسبب صراع الإخوان مع عودة رشيد نكاز وكذلك ترقب لحراك الجمعة
شهد الأسبوع الجاري بالجزائر حراكا سياسيا مكثفا بعد أن ضبطت مختلف التشكيلات السياسية عقارب حساباتها على الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل/نيسان المقبل.
أسبوع كان فيه صراع الإخوان واحداً من الأحداث البارزة التي ألقت بظلالها على اجتماع بعض الأحزاب المعارضة، مع عودة رشيد نكاز، السياسي المثير للجدل، إلى واجهة الأحداث من بوابة شرق الجزائر، وكذلك الحراك الشعبي المرتقب، اليوم الجمعة، ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة الذي يستعد للتنقل إلى جنيف الأحد المقبل للعلاج.
وفي 10 فبراير/شباط الجاري، أعلن بوتفليقة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة؛ تلبية "لمناشدات أنصاره"، متعهدا في رسالة للجزائريين بعقد مؤتمر للتوافق على "إصلاحات عميقة" حال فوزه.
وعل الرغم من انتخابه لـ4 ولايات إلى جانب مرضه وابتعاده عن المشهد السياسي، إلا أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة لدى الكثير من الجزائريين.
فشل اختيار مرشح توافقي
عقدت المعارضة الجزائرية، الأربعاء الماضي، اجتماعًا حضره 18 حزبًا وشخصية معارضة وقاطعته أبرز التشكيلات المعارضة وهي جبهة القوى الاشتراكية (أقدم حزب معارض) والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني) وحزب العمال (اشتراكي)، إضافة إلى المرشح المحتمل الجنرال المتقاعد علي غديري.
- المعارضة الجزائرية تتجه لاختيار مرشح موحد.. ومحللون: مساعٍ إخوانية فاشلة
- إخوان الجزائر.. شعارات زائفة ومتاجرة بفلسطين قبيل انتخابات الرئاسة
وانتهى الاجتماع دون مخرجات تُذكر، ترجمت حالة الانشقاق المتلازمة بالمعارضة الجزائرية، معلناً فشله في الاتفاق على مرشح موحد عن المعارضة في الرئاسيات القادمة، واكتفى المجتمعون بالاتفاق على معارضة السلطة الجزائرية ومواصلة المشاورات بينهم، وفق بيانهم الختامي الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله.
فشل توقعه كثير من المراقبين، مرجعين ذلك إلى أسباب عدة، أبرزها "مرض الزعامة المزمن للأحزاب الإخوانية ومحاولتهم السطو على قرارات المعارضة وتصدر مشهدها في محاولة لركوب أي سيناريوهات غير متوقعة".
إضافة إلى عامل الوقت الذي لم يكن في صالح المعارضة الجزائرية التي "فشلت في الاتفاق على الحد الأدنى من القواسم المشتركة الموجودة بينها في السنوات الأخيرة"، وفق تصريحات سابقة للمحلل السياسي الدكتور عامر رخيلة لـ"العين الإخبارية"، حيث وصفها بـ"المعارضة السُباتية".
إخوان الجزائر.. انتهازية سياسية
يرى كثير من المتابعين للشأن السياسي في الجزائر أن الأسبوع المنقضي "كشف مجدداً عن عورة أهداف الإخوان" التي برزت بشكل واضح قبيل اجتماع المعارضة وحين انعقاده.
- مقري و"خوانجيته".. طبخة مسمومة لابتلاع انتخابات الرئاسة بالجزائر
- انتخابات الرئاسة بالجزائر.. صفعة تخلط أوراق الإخوان وتقسم صفوفهم
اجتماع جهّز لعقده الإخواني عبدالله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية الإخواني، بنوايا "غير بريئة" اشتمت رائحتها الأحزاب والمرشحون المقاطعون ليعلنوا عن تشككيهم ورفضهم لمبادرته، كُللت في الأخير باحتراق الطبخة السياسية التي سعى جاب الله لإعدادها، ولم يجد جاب الله إلا دعوة الحاضرين لتسلق الحراك الشعبي الذي أعلنوا دعمه وفق ما جاء في بيانهم.
ورأى مراقبون أن مجرد طرح الإخواني جاب الله لمبادرة باسم المعارضة عجّل بفشلها في مهدها، وسبقه في ذلك غريمه الإخواني عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية، الذي طرح مبادرة توافقية لتأجيل الانتخابات، سرعان ما انهارت بعد أن "فُجع بإعلان بوتفليقة عن موعد الرئاسيات"، كما قال المحلل السياسي عادل صياد في وقت سابق لـ"العين الإخبارية".
مبادرات توافقية في ظاهرها، لكنها تُخفي بحسب المتابعين صراعاً محموماً ومَرَضياً بين إخوان الجزائر على زعامة "تيار منبوذ ردمه أغلب الجزائريين سنوات التسعينيات"، وعلى المعارضة برمتها، وتبادل الغريمان عبارات "الكره المسموح" من "نفاق واعتراض على ترشح مقري أكثر منه ترشح بوتفليقة وقيادة خطة قذرة"، ونهجهم الوحيد في ذلك "لا حياء في المصالح" كما وصفه مراقبون.
الإخواني مقري الذي استبق "خطة جاب الله القذرة" حسبما سمّاها أتباعه على مواقع التواصل الاجتماعي بالكشف عمّا قال "إنه برنامجه الانتخابي" ساعات فقط قبل انعقاد اجتماع المعارضة، ما جعل متابعين يصفون ما حدث بأن "جسد مقري كان حاضراً في الاجتماع وأنيابه على الرئاسيات"، و"جاب الله الذي فُقأت له عينُ مرشح الإجماع فَتح الأخرى على الجزائريين"، "مثمناً الاحتجاجات الشعبية ضد ترشح بوتفليقة"، على حد زعمه.
احتجاجات
نهاية أسبوع الجزائر حددت معالم أحداثه شخصيات معارضة دعت إلى مظاهرات سلمية مناهضة لترشح الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة عبر كل محافظات البلاد الـ48 اليوم الجمعة.
- دعوات للتظاهر بالجزائر الجمعة والحكومة تحذر من الفوضى
- بوتفليقة.. أطول رؤساء الجزائر حكما يترشح لولاية خامسة
وسبق ذلك خروج عشرات الجزائريين في بعض المحافظات، حاملين لافتات رافضة "للعهدة الخامسة"، وداعية للتغيير السلمي، وذلك في عدد من المحافظات من بينها بجاية وبرج بوعريريج وخنشلة (شرق الجزائر)، وأخرى في العاصمة الفرنسية باريس.
حراك شعبي تعاملت معه السلطات الجزائرية بجدية وفق قراءات مراقبين لرسالة بوتفليقة الأخيرة التي دعا فيها إلى "تغليب مصلحة البلاد"، وكلام قائد أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، الذي فتح النار على "أعداء الداخل والخارج" كما سماهم.
حراك يقول المراقبون إنه مؤشر على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر لن تكون كسابقاتها، وهو الحراك الذي يسانده كثير من المعارضين.
إلا أنهم يخشون في الوقت ذاته من غياب نخبة سياسية، كما عبّر عن ذلك الناشط الحقوقي عبد الغني بادي، في منشور له عبر موقع "فيسبوك"، حين قال "من المُحزن أن يجد المواطن نفسه وحيداً في الساحات دون تأطير في هذا الظرف العصيب.. للأسف هناك أزمة تصحر سياسي".
غير أن اللافت بحسب الكثير من الجزائريين هو محاولة الإخواني عبدالله جاب ركوب موجة احتجاجات الجزائريين السلمية حينما دعا في كلمة له أمام اجتماع المعارضة إلى "تبني مطالب الجزائريين الرافضة للعهدة الخامسة".
كلمة أعادت، بحسب المتابعين، مشهد محاولة إخوان الجزائر الفاشلة استثمار ما سمي بـ"ثورات الربيع العربي" لقلب الأحداث في الجزائر لصالحها بدعم خارجي، بعد أن "حققت فشلاً ذريعاً" في آخر انتخابات تشريعية ومحلية في 2017.
ويؤكد العارفون بحقيقة الإخوان أن "عقيدتهم السياسية لم تُبن على صناديق الاقتراع، بل على تضحيات الشعب الجزائري" الذي "جرّب مكرهم" في تسعينيات القرن الماضي، حينما دفعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة (الإخوانية) بآلاف الجزائريين إلى الشوارع والجبال لتحقيق مطامع سياسية، وإنشاء "دولة الخلافة الإسلامية".
رشيد نكاز.. ضرب ومنع
خلال الأسبوع المنتهي، صنع السياسي المثير للجدل رشيد نكاز الحدث من جديد، عقب منعه من قبل رشيد حشوف، رئيس بلدية خنشلة (شرقي الجزائر)، من دخول البلدية، وهو أحد الراغبين في الترشح للرئاسيات القادمة.
- بالفيديو.. ظهور نادر لبوتفليقة في مراسم قسم رئيس المجلس الدستوري
- بوتفليقة يعلن رسميا ترشحه للانتخابات الرئاسية في الجزائر
الرفض تسبب في خروج مئات من سكان المدينة للتظاهر؛ احتجاجاً على قرار منعه وأزالوا صوراً للرئيس الجزائري، ما دفع بالسلطات الجزائرية إلى إقالة رئيس البلدية المنتمي إلى حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.
وخلال الأسبوع الماضي، تعرض رشيد نكاز لاعتداء جسدي من قبل بعض سكان محافظة تلمسان (غربي الجزائر) بعد أن اتهموه بمحاولة "التشويش على الانتخابات الرئاسية".
وفي الأسبوع ذاته منعته السلطات الفرنسية من مغادرة أراضيها، قبل أن تجده في الجزائر في اليوم الموالي بعد أن دخل إليها من إسبانيا، مواصلاً تنقلاته عبر المحافظات الجزائرية لجمع التوقيعات.
ويتوجب على المرشحين جمع 600 توقيع وتفويض بالترشح من المنتخبين في البرلمان والمجالس المحلية أو 60 ألف توكيل لمواطنين لدخول السباق الرئاسي رسميا وفق القانون الجزائري.
بوتفليقة في جنيف للعلاج
في سياق آخر، أعلنت الرئاسة الجزائرية، في بيان لها، مساء الخميس، أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سيتوجه الأحد المقبل إلى جنيف السويسرية لإجراء فحوص طبية دورية، وأشار البيان إلى أن هذا التنقل المبرمج في 24 فبراير/شباط القادم سيكون "لفترة قصيرة".
وسجل بوتفليقة الخميس حضوراً نادراً وفق ما نقله التلفزيون الجزائري، عند حضوره مراسم أداء الطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري الجديد، القسم بحضور رئيس مجلس الأمة والوزير الأول (رئيس الوزراء).