انتخابات الرئاسة بالجزائر.. صفعة تخلط أوراق الإخوان وتقسم صفوفهم
انقسام كبير في صفوف إخوان الجزائر بعد إعلان موعد الانتخابات الرئاسية، و"مرشحان" عن "حركة مجتمع السلم" الإخوانية
عقب إعلان الرئيس الجزائري عن تاريخ الـ18 أبريل/نيسان المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية، ظهرت ردود الفعل الأولى من الأحزاب الإخوانية، وهي المواقف الذي ظهرت متناقضة وأبرزت حجم الخلاف داخل صفوف الإخوان التي يدور فيها "صراع الزعامة" كما يعترفون بذلك.
- مراقبون يكشفون لـ"العين الإخبارية" سيناريوهات رئاسيات الجزائر المقبلة
- الجزائر تعلن إجراء الانتخابات الرئاسية في 18 أبريل المقبل
وأعلن عبدالله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية الإخواني، عدم ترشحه للرئاسيات، زاعما في ندوة صحفية بمقر حزبه "أملك علم اليقين بأن الانتخابات المقبلة لن تكون نزيهة"، دون أن يكشف عن عما يحتويه "يقينه" من معلومات عن "تزوير الرئاسيات المقبلة"، حسب زعمه.
واتهم جاب الله غريمه التقليدي عبدالرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية بـ"النفاق" خلال ندوة صحفية أجراها، الجمعة، بمقر حزبه.
وأضاف أن "مقري لا يمثل المعارضة، وهو متناقض مع نفسه".
بدوره اختار فيلالي غويني، رئيس حركة الإصلاح الإخوانية "دعم ترشح الرئيس الجزائري الحالي" بعد سنوات من التخندق في المعارضة، وهو الموقف الذي "صدم" الرأي العام في الجزائر، خاصة أن هذه الحركة الإخوانية كانت من أكثر "المعارضين" لترشح بوتفليقة لولاية رابعة في رئاسيات 2014، ودعت إلى "إسقاط النظام" مع تنسيقية الانتقال الديمقراطي في 2015 التي ضمت حينها أحزاباً وشخصيات معارضة في البلاد.
صدمة إخوانية
يبقى موقف حركة مجتمع السلم الإخوانية من رئاسيات 18 أبريل/نيسان المقبل من أكثر المواقف التي "عجز" المراقبون وأساتذة العلوم السياسية عن فهمها أو تصنيفها.
وعقب استدعاء الرئيس الجزائري الجمعة الهيئة الناخبة لرئاسيات 18 أبريل/نيسان المقبل سارع رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية المعروفة اختصاراً بـ"حمس" إلى إعلان "حالة استنفار داخلها" لجمع التوقيعات التي ينص عليها قانون الانتخابات الجزائري، التي تسمح لرئيسها مقري بالترشح.
وعبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتب عبدالرزاق مقري "على إثر استدعاء الهيئة الناخبة، اجتمع المكتب التنفيذي الوطني في لقاء طارئ وأعلن تأهب واستعداد هياكل ومؤسسات الحركة والمناضلين والمناضلات والمنتخبين والمنتخبات لجمع التوقيعات، ولخوض غمار الانتخابات الرئاسية بمرشحها بجدارة واستحقاق".
إعلان مقري الترشح للرئاسيات فاجأ الكثير من المراقبين، خاصة أن حركة مجتمع السلم الإخوانية سعت في الأشهر الأخيرة إلى "تأجيل الانتخابات" من خلال مبادرة "التوافق الوطني" كما أسمتها، معتبرة أنها السبيل الوحيد "للتخلص من الحكم الحالي".
وطرحت المبادرة ما قالت "إنها إصلاحات سياسية تؤجل خلالها الانتخابات الرئاسية لعام أو عامين، ويعدل قانون الانتخابات وتتشكل معها حكومة وحدة وطنية لتنفيذ المشروع".
مشروع ولد ميتاً باعتراف رأس الحركة الإخوانية عبدالرزاق مقري، بعد أن توالت زياراته لمقرات الأحزاب الموالية والمعارضة، رفضتها الموالاة، وشككت في خباياها وأهدافها بعض أحزاب المعارضة، وشنت هجوماً لاذعاً عليها عبر وسائل الإعلام المحلية، إلى درجة أن وصف رئيس حزب تجمع جيل جديد الجزائري سفيان جيلالي، رئيس حركة مجتمع السلم، بـ"المنافق"، في تصريحات صحفية تناقلتها مختلف وسائل الإعلام الجزائرية والعالمية.
ورغم انتقاده الدائم لدوره، لم يتوانَ مقري في التوجه نحو السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري ومستشاره الخاص، ليعرض عليه المبادرة، وهو اللقاء الذي أحرج الحركة الإخوانية بعد تسرب أخبار اللقاء.
"صدمة الحركة الإخوانية" للرأي العام الجزائري لم تتوقف عند هذا الحد، حيث أعلن رئيس "حمس" السابق أبوجرة سلطاني اعتزامه الترشح للرئاسيات المقبلة، وكشف من أحد تجمعاته بوسط الجزائر أن "ترشحه لن يكون باسم الحركة".
وتُعرف حركة مجتمع السلم الإخوانية في الجزائر بـ"الظاهرة الغريبة" عند المحللين السياسيين، حيث تنقسم إلى ثلاثة تيارات؛ أولها التيار الذي يقوده رئيسها عبدالرزاق مقري المعارض، حسبما يصف نفسه، وجناح مؤيد للسلطة ومعارض لـ"معارضة الحركة" ويدعو إلى المشاركة في الحكومة ويقوده رئيس الحركة السابق أبوجرة سلطاني.
وتيار ثالث يقوده "المنشق التائب" عبدالمجيد مناصرة الذي انشق عن الحركة وأسس حزباً ثم عاد إليه عشية الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2017، والذي لم يعلن موقفه بعد من الرئاسيات المقبلة.
تناقضات كبيرة وحظوظ ضعيفة
ومع سعي إخوان الجزائر تأجيل الرئاسيات، أجمع المراقبون على اعتبار قرار بوتفليقة استدعاء الهيئة الناخبة بـ"الضربة الموجعة التي تلقاها إخوان الجزائر".
واعتبر آخرون أن الإجماع الذي حصل بين السلطة وأحزابها الموالية والتشكيلات المعارضة على رفض مبادرة "حمس" يدل على "حجمها السياسي المتواضع" في الساحة السياسية للبلاد، وضعف قدرتها على أي تأثير في مستقبل المشهد السياسي للجزائر.
- قائد الجيش الجزائري يوجه رسالة شديدة تفضح نفاق الإخوان
- الجزائر ترفع حالة التأهب العسكري على حدود ليبيا بعد الأسلحة التركية
ورغم حراكهم الدائم وانتقالهم من النقيض إلى النقيض، يرى متابعون للشأن السياسي في الجزائر، أن حظوظ الإخوان في الرئاسيات المقبلة تبقى "الأضعف" مقارنة ببقية المنافسين المحتملين، ويبرر هؤلاء المراقبون توقعاتهم بعدة عوامل تؤكد "خسارة الإخوان جزء كبيراً من قاعدتهم الشعبية منذ التسعينيات".
ومن بين تلك الأسباب "الظاهرة منها"، النتائج الضعيفة التي حصلت عليها "الأحزاب الإخوانية مجتمعة" في مختلف الانتخابات التي جرت في الجزائر في العشريتين الأخيريتين، إضافة إلى تجربة الجزائريين "السوداء" مع الحركات الإخوانية الممثلة في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المتورطة في جرائم الإرهاب وقتل آلاف الجزائريين في تسعينيات القرن الماضي، وعدم قدرتهم على إعادة تكرار سيناريو الإرهاب في بلدهم.
ويضاف إلى ما سبق حالة الانشقاق بين هذه الحركات الإخوانية، وتباين مواقفها وتغيير ألوان مواقفها السياسية 180 درجة، خاصة منذ 2013 إلى يومنا، وهي المعطيات التي يقول المراقبون إن "كل العالم يراها إلا الإخوان".
يذكر أنه بعد إعلان عبدالرزاق مقري الترشح للرئاسيات المقبلة، انفجر بركان التعليقات الساخرة والمتهكمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل بعضهم "يا ترى: هل أنا الغبي أم مقري الذكي".
ووجهت الناشطة الحقوقية أميرة بوراوي كلاماً لمقري عبر "الفيسبوك"، قالت فيه "يا مقري السياسة مواقف ماشي (ليست) فيستات (معطف) تتبدل (تتغير) في كل فصل"، ومنهم من اعتبر أن ممارسة حركة مجتمع السلم الإخوانية للسياسة "يحتم عليها تغيير اسمها إلى حُمُّص وليس حمس".
وعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم ومستوياتهم التعليمية إلى مبادرة "حمس" التي قالوا إنها "فضحت النفاق السياسي لإخوان الجزائر"، فمن جهة عارضت الولاية الخامسة لبوتفليقة، ومن جهة أخرى دعت إلى تأجيل الرئاسيات.
ووجه مراقبون أسئلة جوهرية إلى مقري عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصحف جزائرية، من بينها: "لم يقل لنا مقري لماذا يعادي الخامسة ويوافق على التأجيل؟ هل لأن التأجيل له فيه مآرب لا توجد في الخامسة؟ أم أن الرجل لا يعرف ماذا يفعل؟".
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA== جزيرة ام اند امز