قائد الجيش الجزائري يوجه رسالة شديدة تفضح نفاق الإخوان
قائد أركان الجيش الجزائري يهاجم حركة مجتمع السلم الإخوانية، ويرفض تدخل الجيش في اللعبة السياسية.
بقدر المفاجأة الغريبة من رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية في الجزائر عبدالرزاق مقري، خرج قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، برد وصفه المتابعون "بالعنيف والدرس في أخلاقيات ممارسة السياسة"، صدم به الحزب الإخواني وكل المتابعين للشأن السياسي في الجزائر.
- الجزائر.. بوتفليقة يقيل قائد الدرك بسبب "قضية الكوكايين"
- الرئيس الجزائري يقيل المدير العام للأمن بشكل "مفاجئ"
قائد أركان الجيش الجزائري اختار الرد على دعوة الحزب الإخواني لتدخل الجيش في الساحة السياسية، من خلال تقنية تستعمل للمرة الأولى في وزارة الدفاع الجزائرية، وخاطب جميع وحدات النواحي العسكرية الست في الجزائر بتقنية "المحاضرة المرئية عن بعد" ومن خلالها صاحب الدعوة لتدخل الجيش في رئاسيات 2019.
قايد صالح خرج عن أساليب الخطاب المعتادة عند قادة الجيش الجزائري، ووجه كلاماً "شديد اللهجة" لرئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية، أكد فيها "المهام الدستورية للجيش الوطني الشعبي، والتي لن تحيد عنها أبداً"، بحسب تعبيره.
وقال قائد أركان الجيش الجزائري: "لقد أصبح من السنن غير الحميدة، بل أصبح من الغريب وغير المعقول، بل حتى غير المقبول، أنه مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، سواء بالنسبة للمجلس الشعبي الوطني، أو المجالس البلدية والولائية، أو فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، قلت، مع اقتراب مواعيد هذه الاستحقاقات الوطنية المهمة، وعوض أن يتم الاهتمام بالعمل على كسب ثقة الشعب الجزائري من خلال الاهتمام بانشغالاته الملحة، فعوض ذلك يرى بعض الأشخاص، وبعض الأطراف يتعمدون، الابتعاد عن صلب الحنكة السياسية".
وفي رسالة على شكل درس في الممارسة السياسية وأخلاقياتها بحسب المتابعين، قال قايد صالح: "فالسياسة هي القدرة على التكيف مع مقتضيات الواقع، والقدرة هنا تعني حسن التعامل مع مقتضيات المصلحة الوطنية ومتطلبات تحقيقها، وهذا يستوجب بالضرورة مستوى راقيا من الأداء السياسي في جميع الأحوال والظروف، وفي هذا الشأن فقد سبق لي الإشارة والتوضيح وبإلحاح شديد، في العديد من المناسبات على أن الجيش الوطني الشعبي، هو جيش يعرف حدود، بل نطاق مهامه الدستورية، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إقحامه في المتاهات الحزبية والسياسية، والزج به في صراعات، لا ناقة له فيها ولا جمل".
وأضاف قائلاً: "ومع ذلك، هناك من يسمح لنفسه تنصيب شخصه وصياً على الجيش الوطني الشعبي، بل ناطقاً رسمياً باسمه، ناسياً أو متناسياً، أن الجيش الوطني الشعبي هو جيش الشعب الجزائري، هو جيش الجزائر بكل ما تحمله هذه العبارة الطيبة من معانٍ تاريخية عريقة ومن قيم سامية ونبيلة، وبكل ما تمثله من حاضر ومستقبل".
وختم نائب وزير الدفاع الجزائري بالتذكير بالمهام الدستورية للجيش الجزائري، وقال: "فليعلم الجميع، أنه لا وصاية على الجيش الـوطني الشعـبي سـليـل جــيـش التــحريــر الوطني، فهو يتلقى توجيهاته السامية من لدن المجاهد فخامة السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، ويسهر، بعيون لا تنام، وأعيد ذلك مرة أخرى، قلت، بعيون يقظة ومتحفزة لا تنام، ويعمل بمثابرة شديدة وفق الضوابط التي تمنحها له قوانين الجمهورية، ويخوله له مضمون الدستور الجزائري".
ارتباك إخواني
ارتدادات كلمة قائد أركان الجيش الجزائري على حركة مجتمع السلم الإخوانية جاءت سريعة، لكن برد "مرتبك" بحسب المتابعين، إذ سارع رئيس الحركة عبد الرزاق مقري إلى "نفي ما قاله سابقاً"، واعتبر أن "كلام الحركة كان واضحاً، لكن بعض الأطراف أوَّلته حتى فُهم بشكل خاطئ"، وأضاف بأنه "لا يريد للمؤسسة العسكرية أن تدخل في السياسة".
- مصادر لـ"العين الإخبارية": الجزائر أحبطت هجمات إرهابية على حدود تونس
- السبسي: الجزائر تحركت بحسم بعد اعتداء جندوبة
غير أن المتابعين للتصريحات التي أدلى بها رئيس حركة مجتمع السلم الأسبوع الماضي رأوا أنها "واضحة ولا تحتمل أي تأويل"، حيث دعا عبد الرزاق مقري "بشكل صريح" قائد أركان الجيش الجزائري إلى "المساهمة في الانتقال الآمن والسلس لنظام ديمقراطي، كونه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي".
وأضاف: "أن على المؤسسة العسكرية أن تكون طرفاً في حل الأزمة الجزائرية، وبأن العهدة الخامسة في تراجع نتيجة التغييرات والإقالات على مستوى أجهزة الدولة"، عقب الفضيحة المسماة في الجزائر "701" الخاصة بحجز 701 كيلوجراما من الكوكايين شهر رمضان الماضي، غرب البلاد.
وأثارت تصريحات مقري موجة استغراب وانتقادات كبيرة في الجزائر، وأجمع المنتقدون على وصف مطلب الحركة بأنه يندرج "في إطار النفاق السياسي الذي تمارسه الحركات الإخوانية"، خاصة أن حركة مجتمع السلم كانت منذ تأسيسها عام 1991 من أكثر الأحزاب الجزائرية "المطالبة بضرورة ابتعاد الجيش عن الحياة السياسية"، غير أن حساباتها الحالية والقادمة تتطلب بحسب المراقبين "تغيير اللون"، في سعي منها "لكسب ود المؤسسة العسكرية، أملاً في دور لها في مستقبل الساحة السياسية في البلاد".
احتقان سياسي
غير أن محللين السياسيين أكدوا في تصريحات صحفية لـ "العين الإخبارية" أن كلمة قائد أركان الجيش الجزائري كانت "موجهة أيضا للأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس (الحزب الحاكم) بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها بشأن دعوة حركة مجتمع السلم الإخوانية لتدخل الجيش في الساحة السياسية".
- الجزائر.. حزب رئيس الوزراء يطالب بوتفليقة بالترشح لولاية خامسة
- 14 شخصية جزائرية بارزة تطالب بوتفليقة بعدم الترشح لولاية خامسة
وقال ولد عباس الأسبوع الماضي، في ندوة صحفية: "إن قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح حسم موقفه بخصوص الرئاسيات القادمة"، وهي التصريحات التي قرأها المراقبون على أنها تحمل فرضيتين لا ثالثة لهما، وهما: "إما أن قائد الجيش الجزائري قرر دعم العهدة الخامسة للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، أو أن الإقالات الأخيرة في المؤسستين العسكرية والأمنية إشارة إلى رفض المؤسسة العسكرية استمرار بوتفليقة في الحكم".
ويرى المراقبون أن عدم إعلان بوتفليقة عن ترشحه لولاية خامسة تسبب في حدوث حالة احتقان سياسي في البلاد، رغم أن غالبية أحزاب الموالاة أعلنت دعمها لفكرة العهدة الخامسة، وسط "صمت مطبق" لأحزاب المعارضة، التي لم يظهر "موقفها الأسود من الأبيض" بحسب المراقبين من رئاسيات ربيع 2019.