مراقبون يكشفون لـ"العين الإخبارية" سيناريوهات رئاسيات الجزائر المقبلة
مراقبون يكشفون لـ"العين الإخبارية" عن أن سيناريوهات رئاسيات أبريل المقبل متوقفة على موقف بوتفليقة من الترشح للرئاسيات
أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الجمعة 18 أبريل/نيسان المقبل، موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية بعد عدة أشهر من الجدل في الجزائر حول إمكانية تنظيمها في وقتها من عدمه، وهو القرار الذي يأتي بعد يوم واحد من تأكيد وزير الداخلية الجزائري أن "بلاده مستعدة لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أي وقت".
واستند بوتفليقة في قرار تحديد موعد الرئاسيات واستدعاء الهيئة الناخبة إلى المادتين 135 و136 من القانون الخاص بنظام الانتخابات، حيث تنص المادة 135 منه على أن "الانتخابات الرئاسية تجرى في ظرف الثلاثين يوماً التي تسبق انقضاء عهدة رئيس الجمهورية".
أما المادة 136 من قانون نظام الانتخابات في الجزائر فتنص على أن "الهيئة الناخبة تُستدعى بموجب مرسوم رئاسي في ظرف تسعين يوماً قبل تاريخ الاقتراع، مع مراعاة المادة 102 من الدستور".
وستكون انتخابات 18 أبريل/نيسان المقبل سادس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ الجزائر عقب إقرار التعددية السياسية في دستور 1989، بعد رئاسيات 1995 التي فاز فيها اليامين رزوال، ثم انتخابات 1999 و2004 و2009 و2014 التي نال فيها عبدالعزيز بوتفليقة غالبية الأصوات.
وبإعلانه تاريخ 18 أبريل/نيسان موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية يكون الرئيس الجزائري حسم الجدل الذي دار في الشهرين الأخيرين من السنة الماضية في البلاد، حول إمكانية تأجيل الرئاسيات ما بين أحزاب الموالاة والمعارضة، خاصة بعد أن طرح عمار غول، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" (شريك في التحالف الرئاسي الموالي للرئيس بوتفليقة) ما أسماها "ندوة الإجماع الوطني لبناء جزائر جديدة"، والتي دعا فيها إلى "التمديد لبوتفليقة"، مرجعاً ذلك إلى "التحديات والرهانات الداخلية والخارجية التي تواجهها الجزائر التي تبقى أهم من إجراء الانتخابات الرئاسية" كما قال.
غير أن غول "تراجع" عن فكرة التمديد بعد أسبوع من ذلك، ودعا بوتفليقة إلى الترشح للرئاسيات المقبلة، مؤكداً إجراء الرئاسيات في موعدها، وهو الموقف الذي جاء عقب رفض أحمد أويحيى، الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني أكبر أحزاب الموالاة) الذي يشغل أيضاً منصب الوزير الأول في الجزائر (رئيس الوزراء)، تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرراً ذلك "بعدم وجود أزمة في البلاد تستدعي التأجيل"، وبأن "حزبه مع إجراء أي انتخابات في موعدها"، واعتبرها "مكسباً للديمقراطية في الجزائر".
وتلتقي توقعات المراقبين للمشهد السياسي في الجزائر عند احتمالين لا ثالث لهما، وهما دخول بوتفليقة معترك الرئاسيات المقبل بثقل الدعم الذي يحظى به من كبرى أحزاب الموالاة والمجتمع المدني.
أما الاحتمال الثاني فيرجح توافقاً داخل السلطة الجزائرية على شخصية جديدة تكون بديلاً للرئيس الحالي الذي يعاني منذ 2013 من متاعب صحية.
حيث استبقت أحزاب الموالاة في الجزائر إعلان تاريخ تنظيم الانتخابات الرئاسية في 18 أبريل/نيسان المقبل بدعوات متتالية ومتكررة للرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، من أجل الترشح لولاية خامسة، وشعارها في ذلك "دعم استمرارية الإنجازات التي حققها بوتفليقة في العشرين سنة الأخيرة"، كما تقول، وسط رفض من أحزاب المعارضة، رغم عدم تقدمها بأي مرشح عنها في الرئاسيات المقبلة.
غير أن إقالة جمال ولد عباس، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) نوفمبر/تشرين الماضي، التي أثارت الكثير من الجدل في البلاد، طرحت معها الكثير من التساؤلات حول إمكانية ترشح بوتفليقة للرئاسيات المقبلة، خاصة أنه كان من أكبر الداعين والداعمين للعهدة الخامسة.
كما أثارت الخرجة الأخيرة لرئيس الوزراء الجزائري الأسبق مولود حمروش (1989 – 1991) تساؤلات المراقبين حول دلالات توقيتها وأهدافها، بعد أن نشر الأحد الماضي عبر صحيفة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية "مقالاً مطولاً" قدم فيه رؤيته لتسيير الدولة وممارسة السلطة ودور الجيش.
وفسر متابعون خرجة حمروش بعد سنوات من "الاعتزال السياسي"، على أنها "إعلان بديل"، خاصة أنه كان من الشخصيات السياسية القليلة في الجزائر التي لم تؤيد أو تعارض الرئيس الجزائري منذ 1999.
وإن اختلط المشهد السياسي في الجزائر بين التمديد والتأجيل ثم دعم العهدة الخامسة من أحزاب الموالاة، ورفضها أو السكوت عنها من قبل المعارضة، إلا أن جميع المراقبين في الجزائر يجمعون على أن موقف بوتفليقة من ترشحه لولاية خامسة المقبلة سيكون المقياس الحقيقي لحرارة الرئاسيات المقبلة، وبوصلة لمستقبل المشهد السياسي للجزائر بعد 18 أبريل/نيسان المقبل.
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور عبدالرزاق صاغور قال في اتصال مع "العين الإخبارية": "يبدو لي أن هناك تضارباً في الأخبار فيما يتعلق بترشح بوتفليقة للرئاسيات المقبلة، لحد الآن يبدو أن الموالاة ما زالت مستمرة في دعوتها لترشح الرئيس والاستمرارية، وفي جميع الأحوال فإن السلطة الجزائرية لها من الإمكانيات والقدرة على الاستمرار، ولا ضرر في ترشح بوتفليقة من عدمه، والسلطة ستدرس جيداً الوضع العام للعملية السياسية من هنا تكون نتائج".
أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور حسين قادري فيرى أن "هناك العديد من السيناريوهات التي كانت مطروحة فيما يتعلق بالرئاسيات المقبلة التي تحدثت عنها مختلف وسائل الإعلام والأحزاب المتعلقة بترشح بوتفليقة من عدمه، الاحتمال الوارد في البداية كان في ترشح الرئيس الحالي بمساندة وطلب الكثير من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني المجند بشكل كبير لدعم عهدة جديدة، لكن ذلك اصطدم بوضعية الرئيس الصحية".
وأضاف في اتصال مع "العين الإخبارية" "عندما يتم الحديث عن استبعاد ترشح الرئيس فلا بد من التفكير في البديل ولمن ستكون الحظوظ، فالسلطة الجزائرية منذ الثورة التحريرية إلى الآن متحكمة في العمل السياسي إلى حد كبير، رغم انتقاد البعض لهذا التوجه من ناحيته السلبية، لكن له إيجابيات أيضاً في الحالة الجزائرية، إذ تعتبر الجزائر بلداً ناشئاً يمر بفترة انتقالية طويلة لكن لا بد منها، وصعوبة الانفلات والوضعية السياسية والاقتصادية الحالية تتطلب هذا النوع من التوجه، والجزائر ليست مستعدة للدخول في نفق سياسي واقتصادي جديد كالذي حدث في التسعينيات".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "المهم في المرحلة المقبلة هو التوافق حول الأسماء المطروحة، ومهما كان فإن الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة يمكن أن تكون له كلمة ورأي في الشخص الذي يمكن أن يترشح في الانتخابات، على اعتبار أن هناك سياسة موجودة، على الرئيس القادم أن يلتزم بها أم هل يغيرها، وهناك خطوط اقتصادية واجتماعية، والجزائر ليست من الدول التي تلجأ إلى التغييرات الراديكالية، خاصة مع وجود سياسة اجتماعية تبنتها الجزائر منذ استقلالها من الصعب التخلي عنها، هناك ملفات فاسدة وهل يملك الرئيس القادم الشجاعة المطلوبة لفتحها، صعوبات أمنية على الحدود، مصالح مع مختلف دول العالم، وبالتالي هناك تحديات كبيرة أمام الجزائر تستدعي وجود تغيير ليس في الشخص في حد ذاته، بل في وجود شخصية تتمتع بالديناميكية الكافية التي تتحرك داخلياً من أجل التماسك الاجتماعي الداخلي، وتحسين مكانة الجزائر على المستوى الخارجي والحفاظ على مصالحها".
ويغيب الرئيس الجزائري بشكل شبه تام عن المشهد السياسي للبلاد منذ آخر خطاب له في مايو/أيار 2012 بمحافظة سطيف (شرق البلاد)، وهو الخطاب الذي بقي من أشهر خطابات بوتفليقة منذ حكمه للجزائر سنة 1999.
وفي تجمع شعبي له بمحافظة سطيف، تعهد بوتفليقة "بتسليم المشعل للشباب"، وقال: "جيلي طاب جنانو"؛ أي "جيلي أكل عليه الدهر وشرب"، وهو الكلام الذي فسره المراقبون على أنه "رغبة من بوتفليقة الانسحاب من رئاسة البلاد".
وأصيب الرئيس الجزائري في أبريل/نيسان 2013، بجلطة دماغية، نقل على إثرها إلى مستشفى "فال دو جراس" العسكري في العاصمة الفرنسية باريس، وبقي فيه 88 يوماً.
ومنذ ذلك الوقت، بات ظهور الرئيس الجزائري نادراً واقتصر على استقبال قادة الدول وبعض المسؤولين الأجانب بقصر الجمهورية "المرادية" أو اجتماعات لمجلس الوزراء، وتابع بوتفليقة رحلة علاجه من خلال "فحوصات طبية روتينية" عبر محطات عدة كما ذكرت بيانات للرئاسة الجزائرية، آخرها في 27 أغسطس/آب 2018، حينما نقل إلى جنيف للعلاج.
وفي 1 ديسمبر/أيلول أعلنت الرئاسة الجزائرية عودة بوتفليقة إلى البلاد، وبأن الفحوصات التي أجراها "أثبتت أنه في صحة جيدة وعافية".
aXA6IDMuMTM4LjEwMS4yMTkg جزيرة ام اند امز