المعارضة الجزائرية تتجه لاختيار مرشح موحد.. ومحللون: مساعٍ إخوانية فاشلة
محللون يتوقعون فشل المعارضة الجزائرية الدخول بمرشح واحد عنها في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعدة أسباب
تشهد الساحة السياسية الجزائرية في الآونة الأخيرة حراكاً سياسياً لبعض أحزاب المعارضة، بهدف الاتفاق على "مرشح إجماع " في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 أبريل/نيسان المقبل.
- الجزائر تنفي اعتقال ضباط جيش دعموا مرشحين في الانتخابات الرئاسية
- أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر ترشح بوتفليقة للانتخابات المقبلة
تحرك بدأت تتشكل معالمه مع إعلان قادة أحزاب التحالف الرئاسي عن ترشيحها الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، مبررة ذلك بـ"إكمال مسيرة التنمية" أو كما سمتها "الاستمرارية".
وفي الوقت الذي يؤكد المراقبون أنه في حال إعلان بوتفليقة ترشحه للرئاسيات المقبلة، فإن ذلك يعني تضاؤل حظوظ بقية المرشحين بالنظر إلى عدة عوامل، أبرزها "ضعف خطاب المعارضة وانقسامها".
حراك المعارضة قاده عبدالله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية الإخواني، من خلال لقاءاته المكوكية مع بعض المرشحين وأحزاب معارضة أخرى، أبرزهم علي بن فليس رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب طلائع الحريات المعارض، إضافة إلى علي غديري الجنرال المتقاعد والمرشح المحتمل لرئاسيات الجزائر المقبلة، وعبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية.
غير أن مراقبين للوضع السياسي في الجزائر لم يخفوا استغرابهم من "تناقض الإخواني جاب الله ما بين تصريحاته وأفعاله"، إذ أعلن في 18 يناير/كانون الثاني الماضي عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية، مبرراً ذلك "بأن الانتخابات محسومة لصالح مرشح السلطة ونتائجها معروفة مسبقاً" حسب زعمه.
لكنه في المقابل يسابق الزمن مع شخصيات وأحزاب أخرى للتوافق على اسم يمكنه منافسة بوتفليقة في الاستحقاق الرئاسي في حال ترشحه الرسمي، على الرغم من أن بن فليس وغديري لم يصدرا أي موقف بشأن دعوة جاب الله، وهو ما فسره مراقبون على أنه "عدم توافق مع صاحب مشروع التوافق".
وبغض النظر عن تخبط إخوان الجزائر في مواقفها، فإن فكرة مرشح توافقي للمعارضة الجزائرية لم يكن وليد الفترة الحالية، إذ سبق لقوى المعارضة في الجزائر بداية 2018 أن دعت إلى ضرورة طرح شخصية "غير مستهلكة" وتحظى باحترام الرأي العام، وطرحت حينها بعض الأسماء من بينها مصطفى بوشاشي الحقوقي والسياسي المنشق عن حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض.
غير أن الفكرة سرعان ما وئدت في مهدها، وأعيد طرحها مع اقتراب رئاسيات 18 أبريل/نيسان المقبل، لكن المراقبين يرجحون فشل مسعى الإخواني جاب الله الذي تتناقض توجهاته السياسية مع الطرح العلماني الذي ينادي به المرشح علي غديري، إضافة إلى صراعه الخفي والعلني مع غريمه التقليدي عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية، وهو ما يترجم بالمحصلة حالة التشرذم التي تتخبط فيها المعارضة الجزائرية.
معارضة سُباتية
وحسب المتابعين للشأن السياسي في الجزائر، فإن حراك المعارضة الجزائرية الأخير لاختيار مرشح توافقي يمثلهم في الرئاسيات المقبلة "يعد مضيعة للوقت"، "واستعراضاً إعلامياً أكثر منه حقيقة سياسية تُفضي إلى تكريس ثقافة ديمقراطية جديدة في الساحة السياسية للبلاد"، خاصة مع تأكيدهم على أن "المعارضة الجزائرية تعيش على هامش اهتمامات الرأي العام الجزائري" بحكم ارتباط نشاطهم الحزبي بالمواعيد الانتخابية فقط.
- انتخابات الرئاسة بالجزائر.. صفعة تخلط أوراق الإخوان وتقسم صفوفهم
- انتخابات الجزائر تعمق الصراعات داخل صفوف الإخوان
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" وصف المحلل السياسي الدكتور عامر رخيلة المعارضة الجزائرية بـ"السُباتية"، وأكد "استحالة توافقها المعارضة على مرشح واحد" في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعن مدى قدرة المعارضة الجزائرية على التوافق على مرشح يمثلها، أجاب رخيلة بالقول إن "المعارضة بمختلف أطيافها وتياراتها -إن جاز لنا القول بوجود تيارات سياسية وفكرية في الساحة السياسية الجزائرية- سيطرت عليها الأنانية وقِصر النظر في التعاطي مع المواعيد الانتخابية".
وأرجع أسباب ذلك إلى "أنها لا تريد أن تُعري نفسها في مواجهة السلطة، لأن المعارضة مجتمعة لا يمكنها أن تُنجز عملاً سياسياً دائماً، لأنه وللأسف لا انتشار لها في الساحة، هي معارضة سُباتية، تتحرك بقدوم آجال انتخابية وتعود إلى سباتها بعد ذلك".
أما العامل الثاني حسب المحلل السياسي فهو "عامل نفسي، يتعلق بالذهنية الموجودة عند قيادات الأحزاب التي لم تتفق أصلاً على رؤية موحدة أو قواسم مشتركة، للقول بإمكانية اتفاقها على شخص يمثلها بصفته منافساً في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
ويضيف أن "الذين يسعون اليوم للحديث عن وجوب الاتفاق على مترشح يمثل قوى المعارضة فلا ثقة لهم في الفكرة بحد ذاتها، هناك حزب طلائع الحريات لا يرى من مشاركة له في أي تحالف إلا إذا كان ذلك التحالف يلتف حول مرشحه، حركة حمس (الإخوانية) الممثلة في عبدالرزاق مقري ترى ألا يوجد من هو أهل منه لتلتف حوله المعارضة مثلما تراه في مرشحها، والأمر ذاته بالنسبة لعلي غديري".
ومن الناحية القانونية، ذكر الدكتور عامر رخيلة أنه "إذ حصل أن تم الاتفاق على مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية باسم مجموعة من الأحزاب، عليهم الذهاب إلى وزارة الداخلية ويعلنوا عن ترشيحهم تلك الشخصية حتى تكون استمارات الترشح واضحة، لأن هذا المترشح يمثل تلك الأحزاب الفلانية وفق القانون الجزائري".
وختم رخيلة بالقول "كانت هناك توقعات العام الماضي بأن تتفق المعارضة الجزائرية على الحد الأدنى من القواسم المشتركة الموجودة بينها والذهاب بمرشح واحد يجمعهم في الانتخابات الرئاسية، لكن يبدو أنه لا يوجد نضج سياسي كافٍ للمعارضة، حتى أن جزءاً كبيراً منها مرتاح لهذا الوضع، ومن ثم من المستحيل أن تتفق المعارضة على مرشح توافقي لأن الأنانيات الشخصية والحزبية هي المسيطرة، إضافة إلى مغازلة مرشحين آخرين تحول دون أن تلتقي قوى المعارضة الجزائرية على شخص محدد في الرئاسيات المقبلة".
للإشارة، فإن عدد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية التي ستجرى بالجزائر في 18 أبريل/نيسان المقبل توقف عند 181 مرشحاً، من بينهم 14 رسالة لرؤساء أحزاب سياسية و167 رسالة لمترشحين أحرار.
aXA6IDMuMTQ0LjQuNTQg
جزيرة ام اند امز