فرنسا: عودة "الحركى" إلى الجزائر تحتاج إلى وقت وإقناع
كاتبة الدولة لدى وزارة الدفاع الفرنسية تكشف عن زيارة لها إلى الجزائر، يناير المقبل، حاملة معها ملفي الحركى والمفقودين الفرنسيين.
بعد أيام من تكريم الرئيس الفرنسي خونة الثورة الجزائريين المقيمين في فرنسا، كشفت كاتبة الدولة لدى وزارة الدفاع الفرنسية جونفييف داريوساك في تصريحات صحفية، عن اعتزامها زيارة الجزائر، مطلع العام المقبل، حاملة معها ملفاً جديداً قد يزيد من تعقيد إشكالية الذاكرة بين البلدين.
وذكرت أنها "ستتحادث مع السلطات الجزائرية على موضوع المفقودين الفرنسيين خلال حرب التحرير الجزائرية"، الذين قدرتهم بـ1500 مدني و500 عسكري.
وذكرت الوزيرة الفرنسية أن باريس تهدف إلى الوصول إلى ما أسمته "بياناً للحقيقة" عن هؤلاء المفقودين، وإن اعتبرت أن ذلك سيسهم في تحقيق "مصالحة بين الذاكرتين"، فيما اعتبره مراقبون في الجزائر "ورقة من أوراق الضغط التي شرعت باريس في إخراجها مؤخراً".
- محللون: تكريم ماكرون لـ"خونة ثورة الجزائر" ورقة ضغط وحسابات فرنسية
- الجزائر تخفض الحماية على سفارة فرنسا ردا على قرار مماثل
وسبق للجزائر أن أعربت عن رفضها المقارنة بين شهدائها وضحاياها وبين المفقودين الفرنسيين، إضافة إلى رفضها تشبيه ما تعرض له الجزائريون من جرائم ومجازر من قبل الاستعمار الفرنسي وما تعتبره باريس "مفقودين فرنسيين وذاكرة فرنسية أليمة في حرب الجزائر"، ما يعني بحسب المتابعين للعلاقات بين البلدين، أن الوزيرة الفرنسية ستصطدم برفض جزائري جديد لمطالب الإليزيه.
وفيما يتعلق بملف الحركى، كشفت كاتبة الدولة لدى وزارة الدفاع الفرنسية، جونفييف داريوساك، أن مسألة عودة الحركى إلى الجزائر "تحتاج إلى وقت وإقناع".
وقالت في تصريحات لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية "يجب علينا التحلي بالصبر والقدرة على الإقناع للوصول إلى نتيجة، وننسق مع وزير الخارجية جون إيف لودريان الذي يواصل العمل على الموضوع".
والحركى هم جزائريون عملوا مع جيش الاحتلال الفرنسي إبان الثورة التحريرية (1954-1962)، ولهم عدة تسميات في الجزائر من بينها "الخونة، الحَرْكى، القومِيَّة، القُيَّاد، الزْواف"، وعملوا على نقل أخبار مجاهدي الثورة التحريرية وكل متعاون معهم إلى الجيش الفرنسي، وكانوا يشرفون على عمليات التعذيب والإعدامات الجماعية.
وبعد نيل الجزائر استقلالها في 5 يوليو 1962، قرر عدد كبير من الحركى "الفرار" مع جنود الجيش الفرنسي والمعمرين الفرنسيين والأوروبيين، إذ تقدر الدراسات التاريخية عددهم بنحو 60 ألفاً باحتساب عائلاتهم، وتحولوا مع مرور السنوات إلى "جالية كبيرة في فرنسا" قدرها الإعلام الفرنسي بحوالي "نصف مليون"، إضافة إلى ما بين 55 إلى 75 ألفاً حركياً تركتهم فرنسا في الجزائر، منهم من تمت تصفيته من قبل الأهالي، ومنهم من غير اسمه ومكان إقامته خشية تعرضه للقتل أو السجن.