كورونا يقسم "حراك الجزائر" بين مؤيد ومعارض للتظاهر
خروح مظاهرات في محافظتين فقط، الجمعة، بالجزائر والعاصمة تستجيب لنداءات التحذير من "مغامرة الخروج في ظل استمرار وباء كورونا"
كشف يوم الجمعة عن حجم التباين بين نشطاء الحراك في الجزائر، الذين انقسموا إلى جبهتين، واحدة تطالب بضرورة عودته، وأخرى تحذر من خطورة استمرار تفشي وباء كورونا على المتظاهرين.
شوارع العاصمة الجزائرية، كانت الجمعة، واحدة من أوجه ذلك الاختلاف، إذ حافظت على سكونها وهدوئها منذ قرار السلطات شهر مارس/أذار الماضي منع المظاهرات والتجمعات ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي جائحة كورونا.
- أغنى محافظة جزائرية تتظاهر للمطالبة بالتنمية
- "الدفاع الجزائرية" توضح حقيقة مقتل متظاهر خلال احتجاجات حدودية
في مقابل عودة المظاهرات الشعبية للمرة الأولى منذ قرابة 3 أشهر بعد توقفها الاضطراري بسبب جائحة كورونا في محافظتين، مستجيبة لنداءات "مجهولة" عبر منصات التواصل دعت إلى الاستفادة من تخفيف تدابير كورونا الاحترازية، والعودة إلى المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير الجذري.
"عواقب كارثية"
"نداء 19 يونيو" الداعي إلى عودة الحراك الشعبي، سرعان ما أخرج أصواتاً من داخله، حذرت مما أسمته "المغامرة"، ودعت الجزائريين إلى التزام بيوتهم وعدم المخاطرة بوضعهم الصحي.
ويبدو أن توجيه أبرز نشطاء الحراك نداءات لـ"التعقل والتحذير" كانت وراء خلو شوارع العاصمة من مظاهر المسيرات الشعبية التي بات البؤرة الثانية لتفشي فيروس كورونا، ووصل إجمالي المصابين بها، الجمعة، 1273 إصابة مؤكدة، فيما احتلت المركز الأول بين المحافظات الجزائرية في عدد الوفيات بـ145 حالة وفاة.
ومن أبرز نشطاء الحراك الذين وجهوا نداء للجزائريين "من سجنه" لعدم الخروج في مظاهرات 19 يونيو، الناشط السياسي سمير بلعربي، الذي دعا إلى عدم تشويه صورة الحراك السابقة بسلميته وامتداده إلى جميع محافظات البلاد.
واعتبر في برقية نشرها نشطاء عبر مواقع التواصل أن "أكبر حراك للجزائريين بعد انتشار كورونا هو الحفاظ على الأنفس والأرواح"، وشدد على أن "الحكمة تقتضي منا جميعاً المزيد من الحيطة والحذر".
وطالب النشاط السياسي الموقوف منذ أزيد من شهرين إلى تأجيل عودة المسيرات إلى غاية زوال وباء كورونا عن البلاد.
بدوره، انتقد سيف الإسلام بن عطية أحد أبرز نشطاء الحراك بالجزائر، الدعوات التي أطلقت في الأسابيع الأخيرة التي دعت إلى استئناف المظاهرات الشعبية بهدف الضغط على السلطة الجزائرية، ووصفها بـ"المغامرات والعنتريات".
وأشار بن عطية في منشور له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أن "معظم تلك الدعوات مصدرها شخصيات وتنظيمات مقيمة بالخارج"، وتساءل إن كان لهذه الأطراف المعلومات الصحيحة والكافية حول الوضعية الوبائية في العاصمة على الأقل؟
وكشف الناشط السياسي الذي يعمل أيضا طبيباً بأحد مستشفيات العاصمة الجزائرية، أن الوضع الصحي والوبائي غير مستقر مع تزايد في حالات المرضى الوافدين على المستشفيات.
وطالب بما أسماه "حتمية العودة إلى مبدأ أولوية الداخل على الخارج في تحديد المسارات الرئيسية"، وإبعاد الحراك الشعبي عن أي تأثيرات أجنبية.
"أولوية الحرية"
تحذيرات النشطاء السياسيين والحقوقيين لم تجد صدى لها في محافظتي تيزيوزو وبجاية الواقعتين في منطقة القبائل الأمازيغية شرق البلاد.
حيث خرج، الجمعة، مئات المتظاهرين للمرة الأولى منذ مارس/أذار الماضي، معلنين ما أسموه "تحدي النظام وكورونا".
وردد المتظاهرون الشعارات القديمة للحراك والمطالبة بالتغيير الجذري، بينها "دولة مدنية وليست عسكرية"، "جزائر حرة ديمقراطية"، وأخرى "تطعن في شرعية" السلطة الجديدة الممثلة في الرئيس عبد المجيد تبون الذي انتخب نهاية العام الماضي.
غير أن إطلاق سراح سجناء الرأي كان المطلب الأبرز والأكثر ترديداً في هتافاتهم وظهوراً في لافتاتهم، على رأسهم الناشط والمعارض السياسي البارز كريم طابو المسجون منذ نحو 9 أشهر بتهم عدة أبرزها "إهانة هيئة نظامية وإحباط معنويات الجيش في وقت السلم".
غير أن الشرطة الجزائرية سارعت إلى تفريق مظاهرة محافظة بجاية، حيث نشر رواد منصات التواصل مشاهد لمواجهات بين الأمن والمتظاهرين، استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع والحجارة، فيما تحولت بعض شوارعها إلى ساحات للتخريب.
واتهم المتظاهرون السلطات الجزائرية بـ"قمع الحراك" واستغلال جائحة كورونا لـ"اعتقال عشرات النشطاء والحقوقيين" والعودة إلى ما أسموه "القبضة الأمنية التي كانت سائدة في عهد النظام السابق".