أغنى محافظة جزائرية تتظاهر للمطالبة بالتنمية
سكان ورقلة يطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية منددين بـ"التهميش والتمييز والرشوة"، كما طالبوا برحيل المسؤولين المحليين
تظاهر مئات الجزائريين في محافظة ورقلة (جنوب)، اليوم الأحد، احتجاجاً على واقع التنمية والمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية.
وتعد هذه أول مظاهرة بـ"مطالب معيشية" منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيساً للجزائر، نهاية العام الماضي.
ورفع المحتجون لافتات كبيرة ترجمت، بحسب هتافاتهم، "الواقع المتناقض لولايتهم" التي تبعد بنحو 560 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة، حيث تعد ورقلة "أغنى محافظة جزائرية"، أو كما تسمى "عاصمة النفط" لاحتوائها على أكبر آبار النفط في البلاد، وتحديداً في منطقة "حاسي مسعود".
- رغم كورونا.. مظاهرة بالجزائر تطالب بإطلاق سراح أحد النشطاء
- الجزائر تواجه انكماش الاقتصاد بزيادة أسعار الوقود
ووضع المتظاهرون في لافتة واحدة صوراً لآبار البترول والغاز في الولاية وصوراً أخرى لما أسموه "أراضٍ قاحلة وجرداء، وواقعهم الذي يصفونه بـ"المُزري".
وتحت حراسة أمنية مشددة، رفع المحتجون لافتة أخرى، عدوا فيها فرص التوظيف في منطقتهم بـ"الإنعاش" ومشاريع البنى التحتية "لمن عاش"، معتبرين أن "التعايش مع كورونا أهون من تقبل أوضاعهم المعيشية".
وظهرت مطالب المحتجين في ورقلة اجتماعية، حيث طالبوا برحيل مسؤولي الولاية وتحسين ظروفهم المعيشية وتوفير فرص تنموية و"رفع التهميش عن منطقتهم".
وندد المحتجون، الذين احتشدوا أمام مقر الوالي (الحافظ)، بما أسموه "التهميش والتمييز والرشوة" و"الحقرة" وهو مصطلح جزائري يعني "الاحتقار الذي يؤدي إلى التهميش".
وتعد مظاهرة محافظة ورقلة الأولى من نوعها في عهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "ذات مطالب اجتماعية"، وسبق لسكان المحافظة ذاتها أن "تحدوا" نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة خلال سنوات ولايته الرابعة، إذ كانت من بين أكثر المحافظات التي سُجل بها أكبر عدد من الاحتجاجات الشعبية على الظروف المعيشية.
وتزامن خروج المتظاهرين مع أول يوم لتخفيف قيود كورونا الاحترازية التي أعلنت عنها الحكومة، السبت، بما فيها رفع الحجر المنزلي عن 19 محافظة، كانت ولاية ورقلة من بينها.
غير أن القرارات لم تشمل رفع الحظر عن المظاهرات والتجمعات الشعبية، وهي المسيرة التي تزامنت مع دعوات عبر منصات التواصل لعودة الحراك الشعبي في 19 يونيو/تموز المقبل.
وسجلت الجزائر بين سنتي 2017 و2018 أكثر من "20 ألف احتجاج" وفق إحصائيات رسمية، اعتبرها الخبراء حينها "مؤشراً على ارهاصات ثورة شعبية"، تأكدت بعد ترشح بوتفليقة للولاية الخامسة، حينما شهدت الجزائر أكبر وأطول مظاهرات شعبية في تاريخها "مطالبة بالتغيير الجذري في السياسات" ورافضة لبقاء النظام السابق.
واصطدمت إدارة الرئيس الجزائري الجديد بـ"تحديات غير متوقعة" بعد تراجع أسعار النفط والتداعيات الاقتصادية السلبية لتفشي فيروس كورونا المستجد، في وقت توقعت الحكومة الجزائرية خسائر بأكثر من 10 مليارات دولار نتيجة تداعيات كورونا وأسعار النفط.
ويقول الخبراء إن تبون "بنى إصلاحاته الاقتصادية التي وعد بها في حملته الانتخابية على الإرث الثقيل لنظام بوتفليقة الناجمة عن الخسائر الكبيرة من قضايا الفساد".
إلا أن جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط أخلطت حسابات حكومته، وأجلت جزء من الإصلاحات بقرارات أخرى، كانت خلالها الموازنة التكميلية التي صادق عليها البرلمان الشهر الماضي الأكثر تقشفاً منذ 2014.
كما سارعت حكومة تبون لاتخاذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتقليص التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا على القدرة الشرائية بزيادة معاشات المتقاعدين ورفع أجور الموظفين في القطاع الحكومي وتقديم مساعدات مادية للتجار والشركات المتضررة من توقف النشاط جراء كورونا.
كما أقرت الجزائر إصلاحات وصفها الخبراء بـ"العميقة" في قوانين الاستثمار لتحفيز المستثمرين الأجانب، وزيادة رأس المال الأجنبي في السوق المحلية، بالإضافة إلى قرارات أخرى لتنويع مداخيل البلاد، بهدف الخروج من التبعية المفرطة لقطاع المحروقات، من خلال وضع خطط للمرة الأولى لفتح الاستثمار في بدائل طاقوية وفلاحية وصناعية أخرى.
aXA6IDMuMTQ0LjQ1LjE4NyA= جزيرة ام اند امز