الجزائر تسقط "الحصانة القضائية" عن كبار المسؤولين
تعديل مادة قانونية تسقط الامتياز القضائي عن كبار المسؤولين في الجزائر عقب فضائح الفساد الموروثة عن عهد نظام بوتفليقة.
ألغت الجزائر، الأحد، رسمياً "حق الامتياز القضائي" الذي كان حصراً لكبار المسؤولين في الدولة، عقب ما عرف بـ"زلزال فضائح الفساد" التي فتحها الأمن والقضاء منذ العام الماضي مع أركان النظام السابق.
وكشف آخر عدد للجريدة الرسمية الجزائرية بأن الرئيس عبد المجيد تبون أمر بإلغاء "حق الامتياز القضائي"، من خلال تعديل المادة 537 من قانون العقوبات، وأن يتابع كل المسؤولين في محكمة "سيدي أمحمد" بالعاصمة "على غرار المواطنين"، وتسقط عنهم "تلقائياً الحصانة" في حال ثبوت تورطهم في قضايا فساد أو أخرى تتعلق بـ"الخيانة العظمى".
- للمرة الأولى.. شقيق بوتفليقة أمام محكمة مدنية بقضايا فساد
- رسائل نارية من رئيس الجزائر لفلول بوتفليقة وعصابة "المال الفاسد"
وجاء في المادة المعدلة أنه "إذا كان أحد أعضاء الحكومة أو أحد قضاة المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو محكمة التنازع أو أحد الولاة أو رئيس أحد المجالس القضائية أو إحدى المحاكم الإدارية أو النائب العام لدى مجلس قضائي أو محافظ الدولة لدى محكمة إدارية، قابلا للاتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرة مهامه أو بمناسبتها، يحيل وكيل الجمهورية الذي يخطر بالقضية، الملف بالطريق السلمي على النائب العام لدى المحكمة العليا الذي يخطر الرئيس الأول للمحكمة العليا الذي يعين محكمة أخرى لمباشرة إجراءات المتابعة والتحقيق والمحاكمة".
ومن المرتقب أن تحال "كل ملفات الفساد المتبقية" على محكمة "سيدي محمد" في العاصمة، وتنتقل قضايا كبار المسؤولين من المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد) إلى مجلس قضاء الجزائر، ويكون الجهة المختصة الوحيدة في التحقيقات في ملفات الفساد.
تدارك أخطاء عهد بوتفليقة
وكشف وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي بأن تعديل المادة القانونية يهدف لـ"تدارك واستدراك الماضي" في إشارة إلى عهد النظام السابق.
وأكد بأن تلك الأخطاء "سمحت للمنتمين للنظام السابق بسرقة ونهب المال العام وفلتوا من العقاب، وقاموا بتهريب أموال ضخمة إلى الخارج".
وكشف بأن تعديل المادة يعني "إسقاط الحصانة" على المسؤولين المتورطين في قضايا فساد "مهما كانت مناصبهم"، مشيراً في السياق إلى أن إسقاطها يتم عقب ثبوت تورطهم في قضايا فساد"، على أن يتم بعدها مباشرة سحب جوازات سفرهم وحجز ممتلكاتهم وتقديمهم للعدالة.
واعتبر وزير العدل الجزائري في تصريح صحفي بأن "القانون الجديد سيجعل المسؤول مثل المواطن مُعرضاً للحساب والعقاب، مع تكريس مبدأ القانون فوق الجميع".
ويرى حقوقيون بأن تعديل النص القانوني جاء عقب "العراقيل التي واجهتها العدالة الجزائرية مع بعض كبار رموز نظام بوتفليقة" بالنظر إلى تمتعهم بالحصانة بينهم رئيسا الوزراء الأسبقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزراء سابقين.
وعقب سقوط نظام بوتفليقة الذي حكم الجزائر لـ20 سنة بعد أضخم حراك شعبي شهدته البلاد في 2019، فتحت الأجهزة الأمنية والقضائية ملفات فساد أركان النظام السابق، والذين فاق عددهم الـ50 من كبار المسؤولين.
ومن أبرزهم: السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعدد كبير من الوزراء السابقين ورجال الأعمال.
وكذا مسؤولين عسكريين وبارزين، على رأسهم الفريق المتقاعد محمد مدين رئيس جهاز المخابرات الأسبق، والجنرال بشير طرطاق منسق الأجهزة الأمنية السابق، واللواء عبد الغني هامل المدير العام الأسبق للشرطة الجزائرية.
وأصدرت المحاكم المدنية والعسكرية المختصة أحكامها النهائية في حق المتهمين بالفساد والتآمر على سلطتي الدولة والجيش، ترواحت بين 49 عاماً و15 عاماً.
في الوقت الذي تتواصل فيه محاكمة رئيسا الوزراء الأسبقين أويحيى وسلال ورجل الأعمال علي حداد في قضايا فساد أخرى، بينما استأنف شقيق بوتفليقة ورئيس جهاز المخابرات الأسبق الحكم النهائي الصادر ضدهما بـ15 سنة سجناً.
ومن المتوقع أن يمثل السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، سبتمبر/أيلول الجاري، أمام إحدى المحاكم المدنية للمرة الأولى كمتهم في قضية فساد مرتبطة بمنظومة العدالة.
وكشفت صحف جزائرية بأن قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد في العاصمة أمر باستدعاء شقيق بوتفليقة في قضية وزير العدل الأسبق الطيب بلعيز، وسط تضارب الأنباء حول احتمال نقله من السجن العسكري بالبليدة لآخر مدني قد يكون (الحراش).
ويواصل القضاء الجزائري تحديد جلسات محاكمة شخصيات نافذة من عهد بوتفليقة، ومن أكبر القضايا المتعلقة بالفساد توجد قضية وزير العدل الأسبق الطيب لوح ورجل الأعمال رضا كونيناف، وقضية الطريق السيار شرق – غرب المتهم فيها وزير النقل الأسبق الإخواني عمار غول، بالإضافة إلى قضايا أخرى.