دمر الفساد صناعة السيارات في الجزائر لعقود طويلة، رغم مساعي الحكومة لإنقاذ هذه القطاع الاستراتيجي، فهل يحييه "الدمج"
حيث واجهت سوق السيارات في الجزائر أزمة لفترة طويلة، بعد قرار تجميد واردات السيارات للسوق الجزائرية وتوقف مصانع تركبيها محليا.
وكان قرار وقف مصانع تجميع السيارات في الجزائر قد صدر بعد تورط ملاك هذه المصانع في قضايا فساد، ومنذ صدور هذا القرار، كانت تحاول الحكومة الجزائرية بعث الحياة من جديد في المؤسسات المصادرة بقرارات قضائية، بتسريع عملية تحويل الأملاك والمصانع التي تمت مصادرتها في قطاع السيارات، إلى حيازة القطاع العام التجاري في الجزائر، مع تقديم حلول تنعش صناعة السيارات من جديد.
وحسب بيان حكومي أصدرته حكومة الرئيس تبون، فإن مجلس الدولة الجزائري، عقد 7دورات، نتج عنها اصدار توصيات بتحويل أصول وممتلكات 14 شركة لفائدة القطاع العام التجاري، مع اصدار السلطات العليا للبلاد لقرار دمج كافة مصانع تركيب السيارات والعربات الصناعية في شركة حكومية واحدة، يؤول لها تسيير عمل 40 مصنعا توقف العمل بهم بسبب ملاحقة ملاكهم قضائيا في قضايا فساد.
هذا القرار صدر بعد دراسة موافقة من جانب مجلس مساهمات الدولة، وهو الجهة نفسها التي ستتكفل بعملية بيع وتسويق ما سيتم انتاجه من سيارات عبر هذه الشركة العامة لتجميع السيارات محليا، لإنعاش السوق الجزائرية من جديد بعد فترة ركود طويلة.
ويتوقع خبراء سوق السيارات في الجزائر أن هذه القرارات من شأنها أن تنقذ ما يصل لـ 9000 آلاف فرصة عمل، في هذه المصنع المختصة بتجميع السيارات محليا.
الأزمة في أعين الخبراء
وسبق أن أعلن وزير الصناعة الجزائري أحمد زغدار، في تصريحات نشرت مطلع سبتمبر الجاري، أن وزارته تستعد لعملية جرد مؤسسات صناعة السيارات التي تمت مصادرتها بقرار قضائي.
وحسب تصريحات سابقة لـ "أماط داودي سكندر" الخبير في مجال صناعة السيارات بالجزائر، فإن السوق المحلية الجزائرية عقب ما مرت به خلال هذه الأزمة، بحاجة اليوم إلى مليون سيارة إضافية لضمان استقرار الأسواق المحلية لبيع السيارات.
هذا الكم من السيارات التي تحتاجها السوق المحلية بالجزائر، قد تكلف الخزينة العامة نحو 10 مليارات دولار، في حالة احتساب سعر كل سيارة في المتوسط 10 آلاف دولار، مع تخصيص 5 آلاف دولار لاستيراد الوقود، بالنظر لان كل سيارة تستهلك سنويا من 2000 لـ 3000 آلاف لتر، ذلك يجعل حل ملف السيارات يتطلب ما يصل لـ 15 مليار دولار من الخزينة العامة بالجزائر وفق تقديرات "أماط داودي".
في الوقت نفسه، قال "داودي" أن هناك حل إضافي يمكن اللجوء له لحل الأزمة عبر تدعيم عمليات تصدير المركبات للدول التي تستفيد بها الجزائر من إعفاءات جمركية مثل دول أفريقيا و المنطقة التفاضلية التونسية والمنطقة العربية.
وعبر عائدات هذا التصدير، يمكن استيراد أصناف أخرى من السيارات، يتحقق من خلالها الربح للوكيل والمصنّع في الخارج.
قصة فساد كبرى في صناعة السيارات بالجزائر
كانت فضيحة مصانع تجميع السيارات محور أول محاكمة فساد كبرى في عهد بوتفليقة، انتهت بسجن رئيسي وزراء سابقين (أحمد أويحيى وعبد المالك سلال) ووزيرين سابقين للصناعة ورجال أعمال مثل محيي الدين طحكوت (هيونداي) أو مراد عولمي (فولكسفاجن) .
وظهر خلال المحاكمة أن هذه الشركات حصلت على امتيازات تفضيلية مثل عدم دفع ضرائب ورسوم جمركية، على الرغم من عدم احترامها كراسة الشروط إلاّ نادرا.
واعتمدت الحكومة في آب/أغسطس من 2019 كراسة شروط جديدة تنص خصوصا على نسبة إدماج (كمية الأجزاء المصنعة محليًا) تبدأ بـ 30% عند انطلاق التشغيل.
ويرى الخبير الاقتصادي مراد سعدي أنه "من الوهم الادعاء بتأسيس صناعة سيارات بدون خبرة"، ويقول مراد الذي يتابع عن قرب سوق السيارات بالجزائر، إن فشل تجربة تجميع السيارات بشكل رئيسي تعود إلى عدم وجود صناعة مرافقة حقيقية قادرة على إمداد المصانع بأجزاء مصنوعة في الجزائر، وتحقيق الإدماج الذي تطلبه الحكومة.
وتحدّث وزير الصناعة الذي تعرّض لانتقادات بسبب التأخير في وضع كراسة الشروط، مؤخرًا، عن "محادثات مع ألمان ومتعاملين عالميين آخرين لإطلاق صناعة حقيقية للسيارات السياحية وسيارات نقل البضائع". لكن، حتى الآن، لم يتقدم أي مصنع.
aXA6IDEzLjU5LjE5OC4xNTAg جزيرة ام اند امز