"كبدي" و"عفاريت" أشهرها.. السيارات المعطوبة رمز لبطولة صاحبها في ليبيا (صور)
في كل دول العالم، يدل تمثال الفارس فوق الحصان على أبطال الحروب والرموز في كل العالم، أما في ليبيا فالسيارات المعطوبة هي الدليل على هؤلاء الأشخاص.
ويكشف تمثال الفارس فوق الحصان على بطولة شخص ما باختلاف طريقة موته فإذا كان الحصان يرفع قدماً واحدة فقط ذلك يعني أن الفارس مات متأثراً بجراحه.
وإذا كان ذلك الحصان يرفع قدميه الاثنين فذلك يعني أن الفارس قتل في معركة في حين تدل أقدام الحصان غير المرفوعة أن الفارس مات بعيدا عن ساحة الحرب.
وفي حين جرت العادة في العالم أجمع على اتخاذ الحصان والفارس رمزا للبطولة والشجاعة "فمن ليبيا يأتي الجديد" كما يقول المثل الليبي القديم حيث إن السيارات المعطوبة هي من تدل على شجاعة المقاتل لكن تلك السيارات بخلاف وضعيات الحصان لا تدل إلا على أمر واحد وهو استشهاد المقاتل في ساحة المعركة.
مدينة بنغازي شرقي ليبيا التي شهدت أكبر المعارك ضد تنظيم الدولة "داعش" والتنظيمات التكفيرية الموالية له والتي استمرت لأربع سنوات هي من اخترع تلك الرمزية وذلك بوضع سيارات المقاتلين القياديين الذين استشهدوا في المعارك بمفترقات الطرق دليلا على شجاعة أصحابها.
ففي منطقة الوحيشي مثلا يزين مفترق المنطقة سيارة تويوتا محترقة يفتخر سكان المنطقة بها وكذا أهالي بنغازي كونها تعود للقيادي في الجيش الليبي رئيس عرفة "سالم النايلي " الملقب بـ"عفاريت" .
عفاريت الذي قتل يوم 15 يوليو/تموز 2015 في محور القتال بالليثي بإصابة في الصدر من قبل قناص من تنظيم "داعش" الإرهابي حينما كان متقدما لوحده لنجدة رفقائه من الكتيبة 21 صاعقة التي كان يقودها والذين كانوا عالقين تحت نيران التنظيم.
وللنايلي قصة يعلمها الليبيون جميعا فهو المقاتل الذي ضحى بوالده في سبيل وطنه حيث إن تنظيم "أنصار الشريعة" الإرهابي كان قد اختطفت والده في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2013 وقايضه على حياته طالبا منه اغتيال قائد القوات الخاصة بالجيش الليبي الفريق ونيس بوخمادة كونه الوحيد المسموح له بالدخول عليه بسلاحه.
قاهر الخوارج
"عفاريت" الذي اشتهر بلقب "قاهر الخوارج" والذي كان يرهبهم في كل المعارك رفض ذلك الطلب كونه يعلم الكارثة التي ستحل بالجيش إن فقد بوخمادة حياته فأثر وطنه على حياة أبيه الذي أرسلت التنظيمات الإرهابية رأسه في كيس من النايلون عثر عليه بالقرب من منزل عائلة عفاريت بمنطقة الوحيشي يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2013.
وفي 29 من ذات الشهر، عثر عاملو شركة النظافة خلال عملهم في منطقة الهواري في أرض فضاء قرب المقبرة العامة بضواحي المدينة على جثة دون رأس تبين بعدها أنها تعود لـ"عطية النايلي" والد "سالم عفاريت".
وقبل وبعد ذلك التاريخ، كان النايلي الابن الغصة في حلق الدواعش الذين حاولوا أكثر من مرة اغتياله عن طريق مفخخات زرعت في سيارته وذلك لكونه من أعلن الحرب على التنظيمات الإرهابية والمليشيات التابعة لتنظيم الإخوان في مدينة بنغازي قبل حتى أن يعلن الجيش تلك الحرب في منتصف عام 2014.
واستمرت محاولات الإرهابيين لقتل سالم النايلي إلى أن تمكنوا من إنهاء حياته في ذلك اليوم المشؤوم ليضع رفاقه وأهالي بنغازي سيارته المحروقة في مفترق حي الوحيشي الحي الذي ولد وترعرع فيه سالم النائلي كرمز لبطولته وإقدامه وتضحياته.
ولقصة احتراق سيارة "عفاريت" أيضا قصة أخرى حيث يروي أحد رفقائه وهو محمد الذيب لـ"العين الإخبارية " ما حدث يوم مقتل "سالم النائلي" قائلا إن "من أحرقها نحن"، نافيا ان يكون الإرهابيون أصابوها بصاروخ في ذلك اليوم كما يشاع.
وأضاف الذيب قائلا أن "سيارة عفاريت كانت تحمل منظومة اللاسلكي الرئيسية في محور القتال ذلك كونه قائد المحور وهو ما اضطرنا لإطلاق صاروخ مدفع 106 نحو السيارة بعد أن قتل عفاريت بعد ترجله من السيارة".
إطلاق القاذف وتفجير السيارة كان بحسب الذيب "كي لا يتحصل الدواعش على منظومة الاتصال التي كانت بداخل السيارة وهي المنظومة التي كنا نتواصل عبرها ونضع خططنا وتحركاتنا خلال المعركة وإن حصلت عليها التنظيمات الإرهابية وقتها كانت الأمر سيكون كارثة لأننا سنكون حينها مكشوفين لهم بجميع تحركاتنا وأماكننا".
سالم كبدي
أما في مفترق منطقة الماجوري وسط مدينة بنغازي فهناك أيضا سيارة معطوبة أخرى ترمز بدورها لبطل آخر لا يقل شراسة وتضحية واقدام عن "عفاريت" وهو "سالم العبيدي" أو كما يسميه الليبيون "سالم كبدي".
"كبدي" هو مقاتل ليبي غير عسكري انضم لقوات الجيش تلبية لنداء الوطن حين قيام الحرب ضد التنظيمات الإرهابية ذلك الوقت وقاد ما يعرف بـ"الصحوات " وهم شباب مدنيون حملوا السلاح لمؤازرة جيش بلادهم ضد التنظيمات المتطرفة التي كانت تسيطر على المدينة ذلك الوقت وأكثرت فيها القتل حيث وصلت الاغتيالات آنذاك لأكثر من 20 حالة اغتيال في اليوم الواحد.
وبعد سنوات من القتال ضد الخوارج قائدا قتل "سالم العبيدي" بتاريخ 3 أغسطس/آب 2016 متأثرا بجراحه جراء استهداف تجمع للجيش الليبي في محور الحرب بمنطقة القوارشة غربي مدينة بنغازي بواسطة سيارة مفخخة يقودها انتحاري راح ضحيتها أكثر من 18 مقاتلا من الجيش والشباب المناصر له.
وقبل ذلك كان "العبيدي" قد أصيب ثلاث مرات نجا منها أثناء مقارعته للتنظيمات الإرهابية في مدينة بنغازي التي أعلن قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر تحريرها يوم 5 يوليو/تموز 2017 وتخلصت المدينة من ذلك الإرهاب الأسود الجاثم على صدر سكانها فيما بقيت سيارة "كبدي" رمزا لبطولته حتى اليوم.
aXA6IDMuMTQ0LjExNC44IA== جزيرة ام اند امز