محلات الحلويات في الجزائر.. مهنة "مرتبطة بالشرف" (صور)
عيد الفطر، أو كما يسمى في الجزائر "العيد الصغير" هي مناسبة متعددة الأبعاد بالجزائر بعناوين وقيم دينية وتقليدية.
ومن مميزات عيد الفطر المبارك بالجزائر أنه "عيد للحلويات بامتياز"، ومنذ القدم، اشتهرت هذه المناسبة الدينية باحتفال الجزائريين بانتهاء شهر رمضان الكريم واستقبال عيد الفطر المبارك بأجود أنواع الحلويات التي يزخر بها المطبخ الجزائري.
- إلهام.. جزائرية تتحدى نظرة مجتمع بمحل "الكسرة والمحاجب"
- الجزائرية شهناز.. "علامة منزلية" للشوكولاتة والحلويات الأمازيغية
وعكس عيد الأضحى، فإن عيد الفطر بهذا البلد العربي تزينه الحلويات بمختلف أنواعها التقليدية والعصرية، إذ تفوح رائحة الحلويات في الأسبوع الأخير من رمضان من كل البيوت الجزائرية.
أجواء خاصة تصنعها تلك الروائح قبيل عيد الفطر، أما عندما يحل يوم العيد فتجد صينية متنوعة بمختلف الأشكال والألوان من حلويات تتنافس ربات البيوت على من تكون الأفضل، ويفوق عددها في الغالب 5 أنواع.
لكن، هل بقيت عادة صناعة الحلويات التقليدية في المنازل كما كانت خصوصاً مع ارتفاع أسعار مواد صناعة الحلويات هذا العام، وزيادة نسبة النساء العاملات في الجزائر؟
تساؤل حاولت "العين الإخبارية" البحث عن إجابة عنه، خصوصاً مع الانتشار الواسع لمحلات صناعة الحلويات بمختلف أنواعها ولمختلف المناسبات.
محلات لا يقتصر دورها على الأعياد الدينية، بل حتى في المناسبات الاجتماعية، خصوصاً حفلات الأعراس والختان والنجاح وغيرها، إذ تجدها تصنع مختلف أنواع الحلويات الجزائرية، وتعتبرها كثير من النسوة "ملاذا آمناً لها" سواء من ناحية جودة الحلويات، أو مختلف أنواعها التقليدية والعصرية، أو حتى ربحاً للوقت.
"لبعل".. لقب عائلي وعلامة حلويات
ومن عاصمة الثورة الجزائرية "باتنة" الواقعة شرقي البلاد، تنقلت "العين الإخبارية" إلى أقدم محل لصناعة الحلويات بهذه المدينة التاريخية، وأحد أقدم محلات صناعة الحلويات بالجزائر.
بمجرد سؤالك عن اسم العائلة ستجد أي مواطن في باتنة يعرفها، الكل يعرفها على أنها أقدم عائلة مختصة في صناعة الحلويات بولاية باتنة، وهي عائلة "لبعل" التي تملك بعض محلات صناعة الحلويات بهذه المدينة الجميلة.
وبقلب المدينة، زارت "العين الإخبارية" محل "عبد الرحيم وجلال" وهما أبناء عم من العائلة الأم "لبعل"، لهما محل لصناعة الحلويات، والذين يمثلان "الجيل الثالث" من عائلة "لبعل لصناعة الحلويات".
وجدنا عبد الرحيم في استقبالنا بابتسامة عريضة واستقبال يعكس طيبة أهل هذه المدينة، حتى إنه خلال استقباله كان بتذوق "الكنافة" لكن بوصفة خاصة من المحل وتحديدا من صاحبه "جلال".
يقول عبد الرحيم إن عائلة "لبعل" دخلت عالم صناعة الحلويات منذ 1967، بدأها جدهم وعمه الأكبر عندما كانا يعملان في محلات عائلة أخرى مختصة في صناعة الحلويات وهي عائلة "ملاّل".
وفي 1967 فتحت عائلة "لبعل" أول محل مختص في صناعة مختلف أنواع الحلويات بما فيها التقليدية، واختاروا لها اسم "بالواز" نسبة إلى مدينة "بال" السويسرية، تكوّن بها أحد أفراد العائلة في ستينيات القرن الماضي، متعلقة بالشوكولاتة وصناعة الحلويات بكل تخصصاتها.
ومما كشفه أيضا عبد الرحيم أن محل "لبعل" لصناعة الحلويات هو ملك لعائلة كبيرة بدأت من الجد و5 الأبناء وأبنائهم، وقد تكون واحدة من الميزات الخاصة أيضا بهذه العائلة التي حافظت مختلف أجيالها على صناعة الحلويات، ويعتبرونها "إرثاً وعملا مقدساً أكثر منه مهنة تجارية تهدف للربح".
قصة عائلة "لبعل" مع صناعة الحلويات في ولاية باتنة الجزائرية تختلف أيضا بشكل كبير عن بقية القصص، إذ تحدث عبد الرحيم عن "تلك العلاقة الوطيدة بين أفراد العائلة وصناعة الحلويات".
وقال: "في منزل العائلة الكريمة كان هناك محل لصناعة الحلويات، ما يعني أنك تفتح عينيك منذ ولادتك على مهنة صناعة الحلويات، على رائحة الحلويات، على تقنيات وفنون صناعتها، على أسرارها، بإرادتنا أم بدونها هي شيء يكبر معنا، رغم أن بعضا من أفراد العائلة الذين اختاروا مهناً أخرى على غرار الطب، إلا أن أغلبية أفراد العائلة اختاروا هذه المهنة".
مصنع حلويات
ووفق ما كشف عنه عبد الرحيم لـ"العين الإخبارية" فإن محلهم يعمل على صناعة "كل أنواع الحلويات، وكل أصنافها".
وذكر بأن عائلة "لبعل" تختص بصناعة "كل أنواع الحلويات وأصنافها، من التقليدية إلى العصرية إلى الحديثة، حتى إن المحل يبدع في صناعة حلويات بوصفات خاصة بنا، حافظنا على الحلويات التقليدية كما هي، وحلويات أخرى قمنا بتجديدها".
عبد الرحيم وهو يشرح ويفصل طبيعة عمل المحل، ذهب أبعد من ذلك، عندما اعتبر بأن حرفة صناعة الحلويات بالنسبة لعائلتهم "تشبه الشرف"، وقال إن "هذه الحرفة شريفة لدينا ومقدسة، وهي جزءا لا يتجزأ من سمعة العائلة، وإذا ما قال الزبون إن هذه الحلوى ينقصها شيء فإن ذلك يمس بسمعتنا، هي ملاحظة لن تنقص من قيمة الحلوى لكن قيمة العائلة، وهذه الحرفة أصبحت مرتبطة بالشرف".
وعن مدى إقبال العائلات الجزائرية على محلات صناعة الحلويات في الأعياد وإن غابت أجواء صناعة الحلويات عن منازل الجزائريين، رد عبد الرحيم بالقول: "لا زالت العائلة الجزائرية تصنع حلوياتها بمنازلها، لكن هناك أنواع لا يمكن صناعتها في المنزل، وهناك بعض ربات البيوت ليس لديهن الوقت لذلك، نظرا لتغير الظروف الاجتماعية، ومحلنا يوفر للزبون كل ما يحتاجه وبأسعار مناسبة ونوعية وجودة لا تختلف عن المصنوعة في المنزل بإتقان".
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuOCA= جزيرة ام اند امز