رسائل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لفرنسا في ذكرى عيد النصر
بـ"برقية قصيرة" على غير العادة "موجهة للجزائريين" ولـ"فرنسا"، سجلت الجزائر 7 رسائل في مرمى فرنسا بذكرى عيد النصر.
وبمناسبة الذكرى الـ60 لـ"عيد النصر"، وجه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون رسالة إلى شعبه، حملت رسائل "غير مشفرة" لـ"مستعمر الأمس" وربطها بما أسماه "تغير المعطيات الدولية".
- تضميد الذاكرة.. إكليل باسم ماكرون أمام نصب "فرعون" بالجزائر
- لأول مرة منذ 4 أشهر.. عودة "دبلوماسية الهاتف" بين الجزائر وفرنسا
وتحتفل الجزائر، غدا السبت، بمرور 60 عاماً على توقيع "اتفاقيات إيفيان" التي أنهت الحرب بين "جبهة التحرير الوطني" الذي كان الممثل الشرعي للثورة الجزائرية والجيش الفرنسي، بعد 132 سنة من الاحتلال.
7 شروط ورسائل
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وضع في رسالته 7 رسائل أقرب منها إلى "شروط التقارب مع باريس" مرتبطة جميعها بـ"ملف الذاكرة".
وفي رسالة موجهة للجزائريين حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها بمناسبة يوم 19 مارس/آذار (الذكرى الـ60 لعيد النصر)، أشار الرئيس الجزائري إلى أن بلاده تحتفل "غدا بمرور 60 سنة على يوم وطنيٍّ تاريخيٍّ، خَلّدتْه تضحياتُ الشعب الجزائري وقوافل الشهداء الأبرار رمزًا للنَّصرِ، وللخَلاصِ مِن هيمنةِ الاستعمارِ البغيض".
ومؤكدا أن "إعلانُ وقفِ إطلاقِ النار، بعد مفاوضاتِ إيفيان، كان نَصْرًا وإيذانًا بدَحْر ظُلْمِ وظَلاَمِ المُعتدين على أَرْضِنا الطاهرة، الذين رَاوَدَهم وَهْمُ مَسْخِ هُويتِنا، وطَمْسِ حضارتِنا وثقافتِنا وتُراثِنا، فَخَابُوا أمامَ إرادةِ شعبٍ حُرٍّ ومُصمِّمٍ على البقاء حرًا أصيلا ".
وتابع قائلا: "إن هذه اللحظةَ التاريخيةَ في مسيرةِ الأُمَّةِ المُظفَّرة، ما كانتْ لتكون بذلك الصدى الـمُدَوِّي العظيم الـممتدِّ إلى أصقاع الدنيا، لَوْ لم تَكُن تَتْوِيجًا سَاطعًا، لثورةٍ ملحميةٍ مجيدة، ومُحصِّلةً حتميةً، لِتَضحياتٍ سَخيَّةٍ مريرةٍ، تَوالتْ مُنذ أنْ وطأَتْ أقدامُ المستعمر أَدِيمَ وطننا المفدى، عَبْر مقاوماتٍ شعبيةٍ بطولية، ترسَّختْ في سِجِّلاتِ الذَّاكِرة والتاريخ، لتَسْتلهِمَ منها الأجيالُ - اليومَ وغدًا - الوفاءَ للشهداء، وتَبْعثَ في نُفُوسِ شَبَابِنا الهِمَّةَ والنَّخْوةَ، وإرادةَ البِنَاءِ والنماء".
وشدد تبون على أن "سماء الجزائر أَشْرَقَتْ في ذلك اليوم تَباشيرُ النَّصر، واسْتمد منها الشعبُ الجزائري القوةَ والعزيمةَ، لمجابهةِ آثارِ دَمارٍ وَاسِعٍ مَهُول، وخَرابٍ شَامِلٍ فَظِيعْ، يَشْهدُ على جرائمِ الاستعمارِ البشعةِ، التي لن يَطالَهـا النسيانُ، ولن تَسقُـطَ بالتقادم".
وهنا وضع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون شروط بلاده فيما يتعلق بملف الذاكرة مع فرنسا.
ونبه إلى أنه "لا مناص من المعالجةِ المسؤولةِ المُنصفةِ والنزيهة، لملف الذاكرة والتاريخ في أَجْواءِ المصارحةِ والثِّقةِ".
وجدد تأكيده على أن "هذه المَسألةٌ ستظلُّ في صُلب اهتماماتِنا، وسَنُواصِل بدون هوادة، وبِلا تفريطٍ، استكمالَ مساعينا بالإصرار على حقِّ بلادنا في استرجاعِ الأرشيف، واستجلاءِ مصير الـمفقودين أثناء حرب التحرير الـمجيدة، وتعويضِ ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا الـمتعلقة بهذا الملف .. صَوْنًا للأمانة، وحِفْظًا لوديعةِ الشهداء الأبرار".
تحولات إقليمية ودولية
وعلى غير العادة، كانت رسالة الرئاسة الجزائرية في ذكرى "عيد النصر" مرتبطة بأحداث "آنية" مرتبطة بتطورات إقليمية ودولية.
واعتبر الرئيس الجزائري بأنه "أمام الهزَّاتِ والمِحَنِ، والجزائر اليومَ مُدْرِكةٌ للتحوُّلاتِ العميقةِ على الصَّعيدِ الإقليمي والدولي، وتَتَّجِهُ في كَنَفِ الأمنِ للعمل عَلَى تَهْيِئَةِ الأسبابِ الْتِي تَحْفظُ للجزائرِ مكانتَها وموقعها في سياقٍ عالميٍّ، تَطبعُه التقلُّبات والاضطرابات، وفي عالمٍ لَنْ يَكونَ في المستقبل، بِنَفْسِ التأثيــــرات التي تَحكَّمَتْ منذ عُقُودٍ فـي العلاقـــــاتِ الدوليـــــــة، ولا بِنَفْسِ مُرتكزات التوازناتِ السِّياسية والاقتصادية العالـمية".
واستطرد قائلا في رسالته "إنَّنا ونحنُ نعيش مع العالم في هذه الظُّروف الخاصة الـمعقَّدة مُتغيِّـراتٍ إقليميــــةٍ ودوليــــة حاسمــــة، نُؤكِّدُ أَنَّ تَطلُّعَنا إلـى بنــــاءِ جزائرَ صاعدةٍ، يَسْتوجِبُ إعادةَ الاعتبارِ لقيمة الجهد والعمل، والحرصَ على تعزيز أمنِنا القومي بتَعَدُّدِ جوانبه وفي كُلَ أبعاده، من العوارضِ والطوارئ المحتمَلَة، والسَّهرَ على وحدة صَفِّنا، وتكاتُفِ جُهودنا، وتعميق الشُّعُور بالواجِبِ الوطني، والاضطلاع بالـمسؤوليـــــات على أتمِّ وجـــــه، فـي مختلف القطاعــــــات، وفي كُل المواقع تجاه الأمة والوطن".
وتعيش العلاقات الجزائرية-الفرنسية منذ 60 عاماً حالة من المد والجزر بسبب ملف الذاكرة، إلا أنها وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من التصعيد منذ 2018، بعد أن خسرت باريس عدة مشاريع اقتصادية في الجزائر، قدّرها خبراء بأكثر من 18 مليار دولار.
وعلى الصعيد السياسي، لا تزال العلاقات بين العاصمتين تعيش حالة من التوتر الضبابي على خلفية ملف الذاكرة، وكذا فيما يتعلق بملفات إقليمية على رأسها الأزمتان في مالي وليبيا.