فرنسا تؤكد أهمية دور الجزائر في حل أزمة مالي: شريك أساسي
أكدت فرنسا على أهمية الدور الجزائري في حل الأزمة بدولة مالي، ووصفتها بـ"الشريط الأساسي".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر في تصريحات إعلامية قناة "تي في 5"، إن "الجزائر جزء من أي حل في مالي".
- الجزائر تنتقد "إيكواس".. تحذير من إطالة الانتقال بمالي
- بعد الانسحاب من مالي.. فرنسا تكشف وجهة القوات الجديدة
كما شددت على أن اتفاق الجزائر الموقع في 2015 يعد "إحدى الركائز الأساسية لأمن واستقرار مالي"، وهو ما عده مراقبون اعترافاً فرنسياً صريحاً بأهمية الدور الجزائري لحل الأزمة السياسية والأمنية المتفاقمة في مالي خصوصاً منذ 2012.
ونبهت المسؤولية الفرنسية إلى حاجة "باريس لشركائها الجزائريين للتشاور معهم"، وكشفت عن "استئناف التعاون مع الجزائر وعلى جميع الجبهات".
وأوضحت ليجيندر أن فرنسا "أكثر إصرارا على التعاون مع الجزائر وهي شريك أساسي بالنسبة لنا ".
يأتي ذلك، بعدما أعلنت فرنسا وحلفاؤها في قوة "تاكوبا"، الأسبوع الماضي، "انسحابا منسقا" من مالي، وذلك بعد تسع سنوات من تدخل ضد المتطرفين بالمنطقة.
وهو القرار الذي جاء غداة اجتماع عقده الرئيس الفرنسي في باريس، مع عدد من المسؤولين الأفارقة والأوروبيين، في ظل أزمة حادة مع باماكو.
وجاء في بيان مشترك أن "الشروط السياسية والعملية والقانونية لم تعد متوفرة"، مشيرا إلى أن الدول قررت "الانسحاب المنسق"
وأكدت الدول- بحسب البيان- رغبتها في مواصلة التزامها في منطقة الساحل حيث ينشط متطرفون.
هواجس جزائرية
وفي الوقت الذي لم تعلق فيه الجزائر على خطوة باريس "الانسحابية" من جارتها الجنوبية مالي، إلا أن ذلك لم يمنع مراقبين من طرح فرضيات وتحليلات متناقضة، بين التباين الجزائري – الفرنسي إزاء تدخل الأخيرة العسكري في مالي، وبين التداعيات الأمنية للخطوة الفرنسية على أمن الجزائر، وكذا لعقوبات مجموعة "الإيكواس" على مالي.
وفي حديث مع "العين الإخبارية"، قدم شرفي جديد الباحث الجزائري المهتم بالشؤون الأفريقية قراءة عن الوضعين السياسي والأمني في دولة مالي وتأثيراته على الجزائر ومنطقة الساحل.
ويرى "شرفي" بأنه من الناحية الداخلية في مالي، فإن "قادة الانقلاب ليسوا معزولين، وخرجت عدة مظاهرات مساندة لهم، وهو ما يعني وجود رغبة داخلية في مقاومة الضغوط الدولية، لاسيما الفرنسية منها، وهو شعور يتجاوز مالي، نحو شعوب غرب أفريقيا عموماً".
وربط الباحث الجزائري عقوبات "إيكواس" وانسحاب القوات الفرنسية من مالي بالقول إن "الموقف الدولي من العقوبات على الحكومة المالية، يبين إلى حد ما طبيعة الداعمين للحكومة المالية ومعارضيها، بين طرف تقوده فرنسا رفقة بعض الدول الأفريقية، وطرف يستغل الرفض الشعبي وكذا بعض النخب العسكرية والسياسية في هذه الدول للنفوذ الفرنسي من أجل التموقع وتعظيم المصالح".
وأكد على أن "الجزائر تضع في الطاولة خطة طريق للمصالحة في مالي، وهي المحايد والوسيط الباحث عن حل سياسي داخلي للأزمة في البلد بعيدا عن المصالح الاقتصادية، رافضة بذلك التدخلات الخارجية، بما في ذلك التواجد الفرنسي، في حين لا ترى في التواجد الروسي تهديدا لمصالح البلد على الأقل في المدى القريب".
مضيفا أن بأن "ما يجري الآن هو فراغ يتسع جعل من المنطقة تتحول إلى ساحة للتنافس الجيوسياسي، وهو في تحليلنا بداية لهذا المسلسل، وتبقى السيناريوهات مفتوحة، كون اللعبة معقدة، غير ظاهرة، ما يظهر فيها أن قوى دولية كبرى وصاعدة وضعت المنطقة في أجندتها، وبدأت تضع إمكانيات معتبرة لتعويض النفوذ الفرنسي".
وختم حديثه بالقول: "ويبقى فهم مآلات الأزمة ليس بالأمر الهين، وخاصة مع اقتراب الرئاسيات في فرنسا، سنسمع تقييما معتبرا للدور الفرنسي في المنطقة، سيكون الأمر فرصة جيدة لفهم ما يريده الفرنسيون وكيف ينظرون للمنطقة وحدود إمكانياتهم في مواجهة القوى الأخرى، المحلية والدولية في سياق المشهد المتغير في الساحل".
ومنذ 2020، عادت الدبلوماسية الجزائرية إلى واجهة الأحداث بمالي، وتكثفت الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين للبحث عن أرضية لتطبيق اتفاق الجزائر، الذي كان وزير الخارجية الجزائري الحالي رمطان لعمامرة مهندسه في 2015،فيما ترأس الجزائر "مجموعة الوساطة الدولية في مالي".
وفي وقت سابق من العام الماضي، وأوضح الرئيس عبد المجيد تبون بأن بلاده تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في مالي، وكشف عن مقترح جزائري إلى المجلس العسكري الحاكم بمالي والسياسيين يقضي بـ"تقليص الفترة الانتقالية إلى عام ونصف تقريباً، وحل الأزمة في مالي لن يتم إلا باتفاق الجزائر".
وأعلن بأن بلاده "اشترطت أن يكون الرئيس المالي المقبل مدنياً وليس عسكرياً"، وشدد على أن الجزائر "لن تقبل بأي حل في مالي إذا لم يكن الرئيس المقبل مدنياً، والحل في مالي لن يكون إلا 90 % جزائرياً".
وأرجع ذلك إلى أن "مالي امتداد للجزائر وليس دولاً أبعد من البلدين، كما أن الحل في شمال مالي لن يكون إلا بالاتفاق الموقع عام 2015".
وقادت الجزائر خلال مراحل متفرقة جهود وساطة برعاية أممية بين الحكومة المالية ومتمردي الشمال في التسعينيات وفي 2015، انتهى إلى توقيع اتفاق سلام، اعتبرته الأمم المتحدة ناجعاً لكن تطبيقه بطيء من قبل الأطراف المتصارعة.
وبعد وساطة جزائرية دامت 8 أشهر و5 جولات، وقعت الحكومة المالية مع 6 مجموعات من متمردي الشمال اتفاق سلام تضمن إنهاء الحرب في شمال البلاد.
ووضع آلية تفاهم بين الجانبين لوضع خارطة طريق لنزع كل أشكال التسلح وبسط سيطرة الجيش المالي على شمال البلاد، مع إدراج الحركات المسلحة في الجيش والشرطة وأجهزة مكافحة الإرهاب، واتخاذ إجراءات تنموية وأخرى تتعلق بالرعاية الاجتماعية لمناطق الشمال.
aXA6IDMuMTYuMTM3LjIyOSA= جزيرة ام اند امز