تساؤلات في الجزائر عن المصدر والجهات التي تقف وراء تمويل الجماعات الإرهابية.
تمكنت قوات الجيش الجزائري بداية هذا الأسبوع من إلقاء القبض على 3 من أخطر الإرهابيين في مدينة قسنطينة (390 كلم شرق الجزائر العاصمة)، تابعين لما يعرف بـ"سرية الغرباء" التابعة للتنظيم الإرهابي داعش.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الوطني، فإن الإرهابيين الثلاثة كانوا ينشطون منذ عشر سنوات، حيث تم حجز كميات من الأسلحة بحوزتهم وهواتف نقالة أيضا ومعدات أخرى، وهي العملية التي سمحت أيضا بإلقاء القبض على 3 أشخاص آخرين ينشطون ضمن شبكة دعم وإسناد للجماعات الإرهابية.
وإن كانت عمليات الجيش الجزائري قد تكثفت منذ السنوات الأخيرة ضد معاقل هذه التنظيمات الإرهابية، إلا أن الجديد في هذه العملية هو حجز أكثر من 200 ألف يورو كانت بحوزة "ثلاثة إرهابيين فقط"، حيث أعاد من جديد طرح التساؤلات في الجزائر عن المصدر والجهات التي تقف وراء تمويل الجماعات الإرهابية في الجزائر، رغم الضربات الموجعة للجيش الجزائري التي تعرض لها أتباع تنظيمي داعش والقاعدة في الجزائر.
كما شكل حجز هذا المبلغ المعتبر اهتمام عدد من الخبراء الأمنيين والمحللين الذين أجمع بعضهم في حديثهم لبوابة العين الإخبارية على أن الجهات التي تمول هذه الجماعات تحاول تغيير استراتيجيتها في الجزائر عقب فشل هذه التنظيمات في إعادة الجزائر إلى سنوات العشرية السوداء، وكذا نتيجة التعامل الحازم للجيش الجزائري مع فلول هذه التنظيمات واعتماده على الضربات الاستباقية وانتقاله من سياسة الدفاع إلى الهجوم، وهي التنظيمات الإرهابية التي اعتمدت في تغيير استراتيجيتها على تدهور الوضع الأمني في ليبيا ومالي وحتى في تونس.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تحجز فيها كميات كبيرة، آخرها شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حيث حجزت قوات الجيش الجزائري على مبلغ يفوق 9 آلاف يورو كانت بحوزة إرهابيين اثنين بمدينة جيجل (شرق الجزائر)، إلا أن المبلغ الأخير الذي تم حجزه أثار تساؤلات أخرى عن قدرة هذه التنظيمات الإرهابية على تحويل مبالغ كبيرة إلى الجزائر، ومدى قدرتها على تجنيد عناصر لها وحتى شراء الأسلحة.
وفي اتصال مع بوابة العين الإخبارية، قال الخبير الأمني، عمر بن جانة، إن "قيمة المبلغ التي تعتبر كبيرة جدا، يدفعني إلى طرح احتمال اعتزام هذه الجماعة أو إتمامها صفقة لشراء الأسلحة من سماسرة السلاح الذين ينشطون على الحدود مع تونس وليبيا".
كما أشار إلى أن القيمة المالية المحجوزة "إما أنها لعدة تنظيمات أو أن جهة رسمية أرسلت لهم هذا المبلغ عبر العناصر التي تدعمها في المنطقة، لكن الأكيد أنها موجهة للداخل الجزائري بغية خلق البلبلة في الجزائر".
مضيفا "أن التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الإفريقي تحصل على الأموال من الفدية وتجارة المخدرات والأسلحة التي تعتبر مصدر دخل كبير لها، وتحول هذه الأموال إلى بقية الفروع للقيام بعملياتها الإرهابية".
كما لفت الخبير الأمني إلى "أن العمليات النوعية التي يقوم بها الجيش الجزائري التي تعتمد على الاستباقية في ضرب معاقل الإرهاب وكذا حالة الاستنفار القصوى على طول الحدود الشرقية والجنوبية قلصت من فرص إدخال الأسلحة إلى الجزائر، وبالتالي فإن الجماعات الإرهابية غيّرت من استراتيجيتها".
وعن الاستراتيجية الجديدة للجماعات الإرهابية، قال الخبير الأمني، عمر بن جانة، "إنها ترتكز بالأساس على اعتمادها على عناصر إرهابية من داخل الجزائر بهدف إيجاد مداخل سهلة للأسلحة من الحدود، لكن خبرة الجيش الجزائري في التعامل مع الإرهاب أخلطت مرة أخرى حسابات هذه التنظيمات الإرهابية".
في حين قال الخبير الأمني، عبد العزيز مجاهد، "إن عملية قسنطينة تؤكد مرة أخرى وجود تحالف قوي بين الجريمة المنظمة والتطرف في منطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي، ولا يمكن الفصل اليوم بين التهريب بمختلف أنواعه والتطرف".
مضيفا "أن هدف هذه الجماعة الإرهابية التي ألقي عليها القبض هو نفسه هدف بقية الجماعات المتطرفة في المنطقة، حيث تستعمل الأموال في شراء الأسلحة واستقطاب عناصر جديدة، وما يؤكد ذلك حجم المبلغ".
كما لفت الخبير الأمني "أن تغيير التنظيمات الإرهابية لاستراتيجيتها في الجزائر كان متوقعا، نتيجة للضربات الموجعة التي تلقتها في معاقلها وتتبع شبكات دعم هذه الجماعات الإرهابية، فشبكات الدعم هي أهم حلقة في الأعمال الإرهابية خاصة وأنها توفر للإرهابيين الأموال والمؤونة وتجند في صفوفها عناصر جديدة".
يذكر أن وزارة الدفاع الجزائرية أعلنت بداية هذا الأسبوع عن قضاء الجيش الجزائري على 90 إرهابيا في مناطق مختلفة من البلاد، وكذا توقيف 73 عنصر دعم وإسناد للجماعات الإرهابية منذ شهر فبراير/شباط الماضي إلى غاية هذا الشهر، يضاف إلى هذا حجز كميات معتبرة من أسلحة منها المتطورة وكميات أكبر من الذخيرة.