الزعتر والشيح أسلحة جزائرية ضد كورونا.. واختصاصي: هنا يكمن الخطر
هل باتت فعلا "الوقاية خير من قنطار علاج في زمن كورونا"؟ قد يؤدي ذلك إلى إجابات "متناقضة" عندما يتعلق الأمر بـ"عدو مجهول".
وانتشرت في الجزائر منذ تفشي جائحة كورونا في البلاد نهاية فبراير/شباط 2020، ظاهرة "الأدوية المنزلية" لمجابهة انتقال عدوى كورونا، لتزداد بشكل غريب تغول "دلتا كورونا" التي رفعت الإصابات اليومية فوق عتبة 1500 إصابة يومية، وحتى حالات الوفيات.
- "دلتا كورونا" تتوغل في الجزائر.. إغلاق المساجد بـ35 محافظة
- آخرهم كريم بوسالم.. كورونا يخطف 5 إعلاميين في الجزائر خلال شهر
يقول اختصاصيون إن الأرقام الرسمية المعلن عنها "بعيدة عن الواقع" وتحدثوا عن إصابات يومية تفوق 30 ألف إصابة يومية وأكثر من 300 حالة وفاة بشكل يومي.
في المقابل، يحمل اختصاصيون المسؤولية للجزائريين على "الاستهتار" بتدابير التباعد الاجتماعي خلال الفترة الماضية، ومشددين على أنها السبب وراء الأعداد القياسية للإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ما فرض حالة ضغط رهيب على المستشفيات و"الجيش الأبيض".
الوقاية بالأعشاب
"العين الإخبارية" وقفت على ظاهرة متصاعدة عند كثير من العائلات الجزائرية وهي الاعتماد على الأعشاب للوقاية من فيروس كورونا و"حتى الشفاء منه".
"قرنفل، زعتر، زعتر بري، نعناع، ليمون" كلها باتت "وصفات إلزامية لمجابهة العدو المجهول" في عدد كبير من محافظات الجزائر.
بداية ذلك كانت من أحد محلات بيع الأعشاب في العاصمة الجزائرية وتحديدا في منطقة "ساحة الشهداء" بقلب العاصمة، كان محله مكتظاً بالزبائن في غير موسم المناسبات مثل رمضان والأعياد الدينية والأعراس كما هو سائد بالجزائر، وهي مواسم ازدهار تجارتهم.
"العين الإخبارية" اقتربت من سيد علي، صاحب متجر متوسط لبيع الأعشاب، لتسأله عن سر هذا الإقبال الكبير، حتى نجد الإجابة عند سيدة دخلت المحل تبحث عن "الزعتر والقرنفل والنعناع"، ليجيبها صاحب المحل بأنها نفذت من محله.
قبل أن ترد الزبونة بالقول "أينما أذهب لا أجد هذه الأعشاب، ما الذي يحدث؟"، هنا رد "سيد علي" قائلا إن إقبال الجزائريين على هذه الأعشاب تضاعف بشكل كبير مع زيادة تفشي جائحة كورونا، حتى أن أسعارها تضاعفت من قبل "سماسرة الأزمات"، لتنتقل هذه الأعشاب إلى "خانة الندرة" وباتت "عملة صعبة في زمن كورونا".
خرجنا من المحل بتساؤلات جديدة: "هل حقاً هذه الأعشاب مفيدة لمرضى فيروس كورونا؟ وهل تقي حقيقة من هذا الفيروس اللعين"؟، ووجدنا في المقابل عبر منصات التواصل "وصفات عشبية" للوقاية من كورونا أو "القضاء عليها".
كان من بينها "غلي القرنفل مع النعناع واستنشاق البخار لأنه يقتل الفيروس في الجسم"، وأخرى تقول "خلط النعناع مع الزعتر والزعتر البري فهو أقوى سلاح ضد كورونا"، ووصفة ثالثة تتحدث عن أهمية الليمون مع شاي الأعشاب، قبل أن نفاجأ بارتفاع سعر الليمون في الأسواق والذي وصل إلى 500 دينار (3.71 دولار).
الشيح قاتل كورونا
لم يتوقف بحث "العين الإخبارية" عن سر هذه العادة المجتمعية الجديدة في الجزائر، وراحت تبحث عن إجابات عند عائلات جزائرية، خصوصاً تلك التي أصيبت بفيروس كورونا.
اتصلنا بالسيدة مسعودة من ولاية باتنة شرقي الجزائر التي كانت إحدى المصابات بفيروس كورونا منذ عدة أسابيع، سيدة يفوق عمرها 70 عاماً.
سألناها عن حالتها الصحية الآن، وكيف تجاوزت الخطر وهي المصابة بارتفاع ضغط الدم، فكان ردها مباشرة بـ"الشيح".
السيدة مسعودة قالت لـ"العين الإخبارية" إنها "لم تذهب للطبيب مطلقاً بعد تأكدها من إصابتها بالفيروس وبداية أعراضه"، وبأنها سارعت إلى قطف عشبة "الشيح البري" التي تنمو بالمنطقة، لتستعمله "دواء ضد كورونا".
تحدثت عن طرق استعماله، من غليه وشربه، وكذا استنشاق بخاره، وتقطيره واستعمال مائه في "الغرغرة والمضمضة" لأنه "ينظف الرئتين" كما قالت.
السيدة الجزائرية ألحت في حديثها مع "العين الإخبارية" بأن "الشيح" وبقية الأعشاب مثل "القرنفل والزعتر" أنقذتها من موت محتم، وبأنها واظبت على شربها واستغلال فوائدها لصحة الإنسان خصوصاً بالنسبة للرئة.
حالات مشابهة أخرى صادفتها "العين الإخبارية" عبر منصات التواصل وهي تروي قصص "نجاتها من كورونا بالأعشاب"، لتتحول تلك الأعشاب إلى "منافس شرس لكل اللقاحات المنتجة ضد فيروس كورونا".
خطر حقيقي
أخصائيون جزائريون لم ينكروا أهمية تلك الأعشاب لصحة الإنسان، ومنهم من حرص على نصح مرضاهم باعتمادها إلى جانب الوصفات الطبية من أدوية صيدلانية، معتبرين أنها "عامل مهم في زيادة مناعة الجسم".
إلا أن "العين الإخبارية" حاولت البحث عن إجابة علمية دقيقة عن مدى صحة الوصفات العشبية التي يستعملها كثير من الجزائريين ضد فيروس كورونا، وهل هي مفيدة فعلا؟ أم أن لها مخاطر على صحة الإنسان؟
الدكتور بقاط بركاني، رئيس "عمادة الأطباء الجزائريين"، حذر من خطورة "المبالغة" في استعمال هذه الأعشاب، متهماً في السياق مواقع التواصل بـ"تكثيف الشائعات التي بات يصدقها كثير من الجزائريين أكثر من الحقائق العلمية" كما قال.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" أشار الأخصائي الجزائري إلى أن ما يحصل "هو ردة فعل الجزائريين على هذا المرض الذي لا يملك أحد حتى الآن أي دواء له، وهم يستعملون هذه الأعشاب كوقاية من كورونا، كما أن اللقاح ليس في متناول الجميع حتى الآن".
وأضاف قائلا: "بعد تزايد الإصابات اليومية تزايدت مخاوف الجزائريين، وأصبح أغلبهم يبحث عن حلول عاجلة".
وأكد الدكتور بقاط بركاني بأن "كثيرا من الجزائريين يبالغون في استعمال الأعشاب لجهلهم بخطرها وكذا بأهمية اللقاح المتوفر ضد فيروس كورونا".
وكشف عن طبيعة الخطر الذي قد يصيب مستعملي تلك الأعشاب، وأشار إلى أن خطرها يكمن في "حالات مزجها وغليها"، موضحاً ذلك بالقول: "مزج تلك الأعشاب أكبر خطر على صحة الإنسان، فهي تصيب مباشرة الكلى وتؤدي إلى سدها واختلال وظائفها، كما أنها تتسبب في سد الشرايين الدموية وشرايين القلب وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة أو إلى أمراض مزمنة".
وأرجع الأخصائي أسباب اعتماد الجزائريين على الأعشاب وقاية أو شفاء من كورونا بحسب اعتقادهم إلى ظاهرة أخرى وهي "ظاهرة انعدام الثقة في الوصفات الطبية وفي اللقاحات".
وكشف عن "تشكيك كثير من الجزائريين في نجاعة اللقاحات لأنهم انساقوا وراء شائعات نشرت عبر مواقع التواصل، ومنهم من يعتبر بأن اللقاح انتاج محلي".
aXA6IDE4LjE4OC4xMTAuMTUwIA== جزيرة ام اند امز