لقاحات كورونا والنوم.. هل هناك علاقة؟
اضطرابات النوم من أهم سمات وأعراض فيروس كورونا (كوفيد-19)، لكن مؤخرا ربط مختصون بين تأثير الحرمان منه وفاعلية اللقاحات.
منذ أن بدأ وباء "كوفيد-19"، وثق الباحثون في جميع أنحاء العالم زيادة في اضطرابات النوم، إذ أبلغ 2 من كل 3 أمريكيين أنهم ينامون الآن إما أكثر أو أقل من المطلوب.
تضاعف التوتر بسبب الجائحة والروتين المقلوب وقضاء المزيد من الوقت أمام الشاشات وإزالة الحدود بين العمل والحياة الخاصة من بين العوامل التي أسهمت في مشاكل النوم.
وحذر المختصون من تدهور الصحة العقلية والجسدية للكثيرين منذ بدء الجائحة، نتيجة عدم الحصول على عدد ساعات نوم كافية وارتفاع معدل الأرق والتوتر.
ساعات النوم وفاعلية لقاحات كورونا
يؤثر النوم على عدد من عوامل المناعة المختلفة، ويرتبط الحصول على عدد ساعات كافية منه بانخفاض خطر الإصابة بالعدوى واستجابة أفضل للقاح.
والحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد مهم لجهاز المناعة، إذ ثبت أن الحرمان منه يضعف كيفية حماية الجسم لنفسه، حيث تتضاءل خلايا الدم البيضاء (خلايا الجهاز المناعي) التي تنتقل إلى المواقع المصابة في الجسم.
موقع sleepfoundation كشف أن الدراسات التي أجريت على أنواع مختلفة من اللقاحات وجدت أن الحرمان من النوم يمكن أن يقلل من فعاليتها.
ورغم عدم توفر أبحاث حول النوم ولقاحات كورونا، فإن الموقع تحدث عن نتائج دراسات سابقة أجريت على تأثير عدد ساعات النوم على فاعلية اللقاحات، بما في ذلك لقاح الإنفلونزا.
أيضا يمكن أن يقلل الحرمان من النوم من استجابات الأجسام المضادة للقاحات التهاب الكبد A والتهاب الكبد B وH1N1 لإنفلونزا الخنازير.
وقال الموقع: "المرضى الذين يعانون من الحرمان من النوم (أقل من 7 ساعات من النوم في الليلة) لديهم استجابة أقل للجهاز المناعي، ومن المرجح أن يظلوا غير محميين على الرغم من التطعيم بلقاح الإنفلونزا 11 مرة".
بينما تساءل البعض بشكل عكسي عن تأثير اللقاح على مشكلة اضطراب النوم لديهم، وما إذا كان يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أعراضها.
ونقل الموقع المختص عن الدكتور مايكل ثوربي، أستاذ طب الأعصاب في كلية ألبرت أينشتاين للطب ومدير مركز اضطرابات النوم واليقظة في مركز مونتيفيوري الطبي، قوله: "لا يوجد دليل على أنه من المحتمل أن يؤدي لقاح كورونا إلى تفاقم أي اضطراب في النوم".
واستطرد: "أشجع جميع المرضى على التطعيم في أسرع وقت، بل إن تلقيح المرضى الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم أمر مهم، لأنه يرتبط بنتائج أسوأ حال إصابتهم بكورونا".
واختتم الدكتور ثوربي أن "الشعور بالرضا عن التطعيم غالبًا ما يرتبط بنوم أفضل في الليل".
في السياق ذاته، توصلت دراسة جديدة نشرت نتائجها في المجلة الإلكترونية BMJ Nutrition Prevention & Health، إلى أن قلة النوم قد تزيد من فرص الإصابة بفيروس "كوفيد-19".
وفقًا لدراسة، ترتبط اضطرابات النوم والأرق والإرهاق اليومي بزيادة مخاطر الإصابة بالفيروس أو المعاناة من أعراض أكثر حدة لكورونا وفترات تعافي أطول.
ووجدت الدراسة أنه مقابل كل ساعة من النوم الإضافي يقلل عامل الرعاية الصحية من احتمالات الإصابة بكورونا بنسبة 12٪.
وأظهرت الأبحاث السابقة أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، والذين ينامون أقل من 5 ساعات في الليلة، والذين يعانون من ضعف جودة النوم، يبلغون عن معدلات أعلى من أمراض الجهاز التنفسي ونزلات البرد والأمراض ذات الصلة.
كوروناسومنيا.. اضطراب نوم مرتبط بكورونا
نمت اضطرابات النوم بشكل كبير منذ تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، والتي أطلق عليه مسمى "كوروناسومنيا".
قال الدكتور رونالد تشيرفين، مدير مراكز اضطرابات النوم في جامعة ميتشيغان: "لا أعتقد أننا محكوم علينا باضطرابات النوم إلى الأبد، لكنني أقول إننا الآن في وباء الحرمان من النوم"، مع توقعات بأن تتحسن الأمور عندما تخف الجائحة.
بينما قال دون بوسنر، الأستاذ المساعد في الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة ستانفورد: "نحتاج إلى التفكير في وباء الأرق المزمن الذي سيتبع الوباء".
وجدت دراسة حديثة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب النوم أن أكثر من نصف الأمريكيين يعانون من مشاكل في النوم منذ بداية الوباء.
الاستطلاع شمل نحو 2000 بالغ في الولايات المتحدة، وخلص إلى أن 56٪ يواجهون مشكلة في النوم أو البقاء نائمين، وأنهم عندما تمكنوا من النوم كانوا يميلون إلى أن تكون لديهم أحلام "أكثر إزعاجًا".
وعلق مايكل بيرليس، مدير برنامج طب النوم السلوكي في جامعة بنسلفانيا، إنه من الطبيعي أن ينام الناس بشكل سيء وسط التوتر والقلق المتزايد.
حتى بالنسبة لأولئك الذين تم تطعيمهم بالكامل، قد ترتفع مستويات التوتر بسبب الضغط المرتبط بالعمل أو القلق بشأن أفراد الأسرة أو عدم اليقين بشأن متغيرات فيروس كورونا.
مع ذلك، أبدى عدد من خبراء النوم تفاؤل بشأن تحسن الأمور مستقبلا، خاصة مع اتساع رقعة التطعيم ضد الفيروس التاجي.
قال الدكتور أتول مالهوترا، خبير النوم في جامعة كاليفورنيا سان دييغو هيلث: "منذ الأيام الأولى للوباء كان هناك الكثير من الخوف، لكنني لا أعتقد أن هذا سيؤدي إلى ضرر دائم، وستتحسن الأمور لتعود في النهاية إلى طبيعتها".
ينصح الخبراء الناس بممارسة ما يُعرف بـ"النظافة الجيدة للنوم"، وتشمل تجنب الكافيين والكحول والنيكوتين قبل النوم، مع إعادة ضبط إيقاعاتهم اليومية خلال النهار.