مباحثات إيطالية جزائرية تصدرتها الهجرة غير الشرعية
أجرى وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي مباحثات مكثفة في الجزائر شملت عددا من الملفات أبرزها الحد من الهجرة غير الشرعية
أجرى وزير الداخلية الإيطالي، ماركو مينيتي، مباحثات مكثفة في الجزائر شملت عددا من الملفات الثقيلة، كما يراها المراقبون، أبرزها الحد من الهجرة غير الشرعية.
مينيتي التقى في اليوم الأول من زيارته وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، إضافة إلى الوزير الأول (رئيس الوزراء) الجزائري، أحمد أويحيى، وتطرقت المباحثات حول 3 ملفات بين الجانبين، تتعلق بتطور العلاقات بين البلدين خاصة التعاون الأمني ومحاربة الجريمة العابرة للحدود وتنقل الأشخاص والسلع، بحسب بيان لرئاسة الوزراء الجزائرية.
وإن كان البيان لم يعط تفاصيل أخرى عن الملفات، إلا أن وزير الداخلية الإيطالي كشف عن الأسباب الحقيقية لزيارته إلى الجزائر عقب لقائه نظيره الجزائري، نور الدين بدوي، والتي تتعلق "بتحيين الاتفاق الأمني" الموقع بين الجانبين في 2009، والعمل على ذلك بدءا من تاريخ الزيارة في انتظار توقيعه رسميا شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقال إن "الجزائر وإيطاليا قررتا تحسين اتفاق 2009 من خلال استحداث اتفاق جديد، بما أن الأمور تغيرت خلال السنوات الأخيرة في العالم، وتم اتخاذ قرار حول إنشاء مجموعتي عمل مختلطة خاصة بهذا الاتفاق".
ورغم أن المسؤول الإيطالي وصف التعاون الأمني لبلاده مع الجزائر "بالقوي والممتاز"، إلا أن زياته إلى الجزائر تأتي بعد أيام قليلة فقط من مطالبة حاكم جزيرة سردينيا الإيطالية حكومة بلاده إلى الإسراع "لفتح قنوات اتصال دبلوماسية مع الجزائر لوقف تدفق المهاجرين الجزائريين بطريقة غير شرعية إلى الجزيرة".
وكشفت وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" أن ما لا يقل عن 800 مهاجر غير شرعي من الجزائر وصولا إلى الجزيرة الإيطالية قادمين من الجزائر منذ بداية هذا العام، عبر القوارب التي يصطلح على تسميتها في الجزائر "بقوارب الموت".
كما كشفت الوكالة الإيطالية لمراقبة الحدود "فرونتكس" عن ارتفاع مداخيل مافيا التهريب في الأشهر الأخيرة، مقابل رحلات الهجرة السرية من دول شمال إفريقيا والقادمين أيضا من دول إفريقية أخرى.
وبحسب المتابعين لهذا الملف، فإن هذه المعطيات والأرقام تقف وراء الرغبة الإيطالية في تحيين اتفاقها الأمني مع الجزائر، التي رغم جهودها الكبيرة في الحد من ظاهرة تدفق اللاجئين إلى الجنوب الأوربي، خاصة مع الأعداد الكبيرة التي ألقت عليها القبض قوات خفر السواحل الجزائرية أو من خلال عمليات إنقاذهم، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي أصبحت تواجهها الجزائر وانعكاسات ذلك على الجبهة الاجتماعية، رفع من حدة هجرة الجزائريين غير الشرعية إلى دول أوروبية خاصة إيطاليا وإسبانيا، وهو الملف الذي تحول إلى أزمة "أرهقت حكومات هذه الدول" بحسب وسائل الإعلام الأوروبية.
وكانت الجزائر قد واجهت ضغوطا من دول أوروبية لإعادة عدد من المهاجرين الجزائريين في أوروبا خاصة من ألمانيا، التي طالبت العام الماضي بضرورة العمل مع الجزائر على تسهيل عودة 2300 مهاجر سري، إضافة إلى بلجيكا التي كثفت اتصالاتها مع الحكومة الجزائرية لإعادة 35 ألف جزائري صدرت بحقهم قرارات بالترحيل.
ورغم أن إيطاليا تبقى من أكثر الدول تضررا من التدفق الهائل للمهاجرين، إلا أنها اختارت، بحسب وسائل إعلام إيطالية، العمل على الحد من هذه الظاهرة وفق منظور أمني يرتكز على "علاقاتها المتميزة" مع الجزائر، من خلال توسيع الاتفاق الأمني خاصة ما تعلق منه ببند "الاتجار بالبشر"، الذي تسعى روما لأن يشمل أيضا الهجرة غير الشرعية.
المحلل السياسي الجزائري والعضو في مشروع الاندماج الأرومتوسطي، الدكتور طيبي محمد، قال إن "إيطاليا تعتبر الجبهة الغربية الأساسية في مواجهة التدفق الهائل للمهاجرين من منطقة شمال إفريقيا والساحل الإفريقي، غير أنها وقعت ضحية تضامن غير فعلي من نظرائها الأوربيين في مجابهة هذه الظاهرة".
ويرى طيبي محمد، في اتصال مع بوابة العين الإخبارية "أن هذا السبب هو من يقف وراء طلب إيطاليا تحيين اتفاقها الأمني مع الجزائر، الذي يعتبر أيضا اعترافا ضمنيا بأهمية دور وموقع الجزائر في الحد من هذه الظاهرة".
وأضاف أنه "رغم الأرقام المرعبة التي وصلت إلى جزيرة سردينيا، إلا أن الجزائر أنقذت أوروبا من أضعاف ذلك العدد، سواء القادمين من الجزائر من إفريقيا، خاصة وأن شريطها الساحلي يتعدى 1200 كلم وبعمق 3000 كلم، وهنا تكمن أهمية الدور الجزائري".
وقال "إن أوربا اليوم تجني بشكل أكبر أشواك سياسة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي غير اتفاق برشلونة، وأوروبا تحاول في كل مرة تحميل دول شمال إفريقيا مسؤولية ارتفاع عدد المهاجرين".
وأضاف "لا يوجد في الجزائر اتجار بالبشر وإنما شبكات تهريب للمهاجرين، وهي الشبكات التي تعمل الجزائر كما إيطاليا على محاربتها، ومن هنا ستحاول كل دولة الاستفادة من خبرتهما لتحيين الاتفاق والوصول إلى اتفاق يضمن مصالح البلدين وهذا ما أتوقعه".
يذكر أن تقارير منظمات غير حكومية في الجزائر قد أشار إلى أن الجزائر أحبطت هجرة أكثر 1200 مهاجر إلى إسبانيا وإيطاليا في 2016، كما باشرت السلطات الجزائرية منذ أسابيع في ترحيل جماعي لعدد كبير من المهاجرين الأفارقة يفوق عددهم 100 ألف مهاجر، تقول السلطات الجزائرية إنهم يعتبرون الجزائر منطقة عبور إلى أوروبا.