رئيس حزب جزائري لـ"العين الإخبارية": الإسلام السياسي تجاوزه الزمن
كشف رئيس حزب "صوت الشعب" الجزائري عن الأسباب الحقيقية التي عجلت بنهاية مشروع "الإسلام السياسي" في الجزائر.
وفي مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية" قدّم لمين عصماني رئيس حزب "صوت الشعب" قراءة تحليلية لأسباب فشل من أسماهم بـ"الإسلامويين"، في إشارة إلى التيارات الإخوانية التي مُنيت بانتكاسة غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت العام الماضي.
- رئيس حزب جزائري لـ"العين الإخبارية": يد تبون الممدودة "استوعبت الخطر"
- مؤتمرات أحزاب الجزائر.. تغييرات جذرية أم للواجهة؟
و"الإسلاميون" هو مصطلح دارج في الأدبيات السياسية الجزائرية منذ تسعينيات القرن الماضي، ويقصد به "المتاجرون بالدين".
عصماني كشف أيضا وحصرياً لـ"العين الإخبارية" عن حقيقة وتفاصيل مشروع "لم الشمل" الذي ينوي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون طرحه في الفترة المقبلة.
كما تطرق إلى مضمون لقائه الأخير مع الرئيس الجزائري، وأثنى على التوجه الاقتصادي للحكومة الجزائرية، لكنه حذر في المقابل ممن وصفهم بـ"المثبطين"، بالإضافة إلى وقف حزبه من الوضع السياسي العام في البلاد، وتداعيات الأزمة الأوكرانية على الجزائر.
حزب "صوت الشعب" تأسس عام 2019، حقق مفاجأة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو/حزيران 2021، بحصده 3 مقاعد نيابية، ويقوده الأكاديمي الدكتور لمين عصماني، وهو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "العين الإخبارية" مع لمين عصماني رئيس حزب "صوت الشعب" الجزائري.
مشروع "لم الشمل"
* مشروع الرئيس تبون "لم الشمل".. ما هي قراءتكم لهذا المشروع السياسي؟
الجزائر تعيش الكثير من التحديات، ولم الشمل كانت قراءة رئيس الجمهورية هي جبهة صمود وطنية، قد نختلف في طريق تسيير الوطن وبعض القضايا، ولكن عندما يتعلق الأمر بأمن وسيادة الوطن والوحدة الترابية والدفاع عن البلاد فهذا يقتضي أن يكون قاسما ثابتا غير متغير في العملية السياسية.
الرئيس تبون طلب من الأحزاب السياسية أن تكون كجبهة داخلية دفاعاً عن الدولة كمؤسسات، وأعطينا وجهة نظرنا، ورأينا بأن وجهة نظر الرئيس بأن يجتمع مع كل الأحزاب السياسية العشرة الأولى في البرلمان والمجالس المحلية، ومن خلال تصوراتهم تكون أول أرضية لمشروع تمهيدي، ومن ثم يكون هناك لقاء جامع مع الأحزاب والمجتمع المدني وبعض النقابات، ويكون لقاء جامعاً لتحضير مسودة، ويكون أيضا نقاشا نهائيا مع الأطراف.
* هل المشروع أعد بالفعل؟ ولم الشمل مع من؟
الرئيس أعطى الفرصة للأحزاب لكي تثري المشروع وتساهم في صياغته، ولا يوجد مشروع مكتوب وينتظر الصياغة أو لإبداء النقد أو التقويم، وإنما المسودة لم تكن إلا عنوانا ترك للطبقة السياسية أن تثريها، وهذا دور الأحزاب السياسية في إثرائها وإبداء آرائها من بعض المشاكل في البلاد، وهذه في اعتقادي طريقة أكاديمية جديدة التزمت بها الرئاسة مع الطبقة السياسية.
أما مع من؟ ففي نظري أنه سيكون مع كل الجزائريين والجزائريات، وتصور حزبنا أن يكون هناك حوار جاد ومسؤول وبدون إقصاء مع كل الجزائريين، لأن الجزائر كما حررها الجميع، فإنا دورنا نحن جيل الاستقلال بناؤها، ونحن على أبواب الاحتفال بالذكرى الـ60 للاستقلال أن نكون مهندسي التنمية المحلية والوطنية برؤية جديدة.
الوضع السياسي والاقتصادي
* ما هي قراءتكم للوضع السياسي بالجزائر خصوصا أنه يأتي بعد حراك شعبي؟
بعد حراك شعبي كان حضارياً، نعيش الآن انتقالا ديمقراطياً، فيه إيجابيات وفيه سلبيات وهناك بعض المسائل المعطلة.
الرئيس تبون التزم بتجديد المؤسسات والذهاب لخارطة سياسية جديدة، خاصة أن الأحزاب عاشت نوعا من الإفلاس السياسي، ونوعا من التصحر السياسي، لأنه يجب علينا أن نلقن أنفسنا على العمل السياسي خطاباً وقولا وفعلا، وهذه تحتاج إلى استثمار في الموارد البشرية، وعلى الأحزاب السياسية أن تساهم في تكوين المورد البشري المؤهل من أجل اقتراح حلول وحلحلة المشاكل التي يعيشها الوطن.
والأحزاب هي فعلا آلة انتخابية مناسبة يجب أن تنتقل إلى العمل الدؤوب والتكوين السياسي في تكريس روح المواطنة، وأن يكون أداؤها داخل المؤسسات المنتخبة في المستوى، ومن ثم تقوية مؤسسات الدولة، والآن نعيش فعلا تجديد مؤسسات الدولة.
ولكن من حيث العمل والمردود السياسيين، ومن حيث الانتقال الديمقراطي الذي ينتج المورد البشري فهي ليست بالريتم (الإيقاع) الذي كان مأمولا، وهو ما يوجب تقويم وتصويب الأمور.
لأن الانتخابات أفرزت تقريباً نفس الخارطة السياسية، ما عدا حزب "صوت الشعب" الذي دخل كقوة سياسية جديدة، وبقية الأحزاب عاشت على إمكانيات الدولة، وفي حزبنا اعتمدنا على إمكانيات منضالينا.
وباعتباري دكتور مختص في العلوم السياسية والقانون يمكن القول إنه في الجزائر توجد حركات ولا وتوجد أحزاب سياسية، أما الحزب السياسي الحقيقي بمواصفات عالمية فأكون صريحاً لا يزال غير موجود بالجزائر، وفي المشهد السياسي يجب أن ينخرط المجتمع الجزائري الذي صنع الحراك ويصنع حراك صندوق.
* بماذا تفسرون إذا ظاهرة السبات الحزبي بعد الانتخابات؟
يجب التفريق بين النضال السياسي والتوظيف السياسي، نحن في الجزائر نعيش الحالة الثانية، أما النضال فهو الدائم والثابت، والتوظيف كأنه الذهاب إلى انتخابات للحصول على مناصب عمل مالية فقط، ونشاطنا دائم دون توقف منذ النشأة.
ونفور المواطن من المشاركة داخل هذه المؤسسات الحزبية إن صح تسميتها بالمؤسسات، فإن هذا ما جعل قيادات الأحزاب كأنها تستيقظ تحت الطلب.
* وما تقييم حزبكم للوضع الاقتصادي في الجزائر؟
دعني أقول إن الطابع الاقتصادي هو الذي تغلب على السياسي، وهناك توجهات على أعلى مستوى من خلال المصادقة على قانون الاستثمار والذهاب فعلا إلى توجه اقتصادي حقيقي، لأننا عبرنا في الحزب عن أن هناك قوى تريد أن تفرمل وتعطل أي مسار إقلاع حقيقي للجزائر الاقتصادية تحديدا.
"الإسلام السياسي"
* بماذا تفسرون تراجع ما يسمى بـ"الإسلام السياسي" في الجزائر؟
بالعودة إلى كرونولوجية (الميقاتية أو التسلسل الزمني) الأحزاب، فإن للتيارات الإسلامية (الإخوانية) خطاب مستهلك تجاوزه الزمان، يجب بث روح التجديد والتكيف مع المتغيرات، إذا كنت ثابتاً في الخطاب ولا تتكيف مع المتغيرات التي يعيشها حركية المجتمع ستجد نفسك خارج مجال التغطية.
وظاهرة "الإسلام السياسوي" هي ظاهرة عالمية بدأت تتقلص، انظر ما جرى للنهضة في تونس، وفي تركيا ومصر، وفي نظري فإن المتغيرات الدولية لعبت دورا في تقليص مجال تراجعهم في بعض الدول.
ودعنا نقول أيضا حتى الخطاب فقد تجاوزه الزمان، وهذا الخطاب أصبح الشعب الجزائري تحديدا، خاصة أنه عاش خلال فترة التسعينيات هذه التجربة، فإن طرقهم في التعبئة والتجنيد أصبحت غير مجدية، واستنتج الشعب الجزائري بأنه بحاجة لدولة عصرية وتقدمية من حيث العصرنة والاقتصاد الرقمي وتحسين مستوى معيشته.
الجزائريون رأوا عبر شبكات التواصل أن الدول تتقدم وأصبح لديها اقتصاد قوي وتحسن مستوى معيشتها، علينا أن نخرج من ذلك الخطاب العقائدي والديني، والديانة هي ممارسة الفرد داخل المجتمع.
في اعتقادي أن الإسلاميين (الإخوان) لم يستطيعوا مواكبة هذه التغيرات بخطاب قديم، في حين أن المجتمع يبحث عن تحسين مستوى معيشته واقتصاد قوي، وتلك الخطب الرنانة والأفكار الإسلاموية وعصر الأيديولوجيات قد ولى، والمجتمع بحاجة إلى مدارس تواكب خصوصيات هذا الشباب.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز