مؤتمرات أحزاب الجزائر.. تغييرات جذرية أم للواجهة؟
بين الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة تستعد أكبر الأحزاب السياسية بالجزائر لانتخابات قيادات جديدة لها.
انتخابات أشار خبراء في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" إلى أنها "إما أن لا تتجاوز كسر السبات الحزبي لتغيير واجهاتها السياسية فقط، وإما أنها قد تكون بداية لتغييرات جذرية تتماشى مع المتغيرات الحاصلة بقواعد اللعبة في المشهد السياسي الجزائري".
- تبون يجري مشاورات سياسية موسعة مع الأحزاب
- "لم الشمل" في الجزائر.. ترقب لمشروع "غامض" يثير الجدل بشأن الإخوان
ومن بين تلك المتغيرات التي ذكرها الخبراء "تغير طريقة تعامل السلطة مع التشكيلات السياسية، حيث إنها لم تعد ورقة لتلوين شرعيتها (السلطة) كما كانت في العهود السابقة"، في مقابل تخلي السلطة الحالية عن "نظام المحاصصة السري".
بالإضافة إلى عامل "العزوف الشعبي عن الممارسة السياسية"، والتي عدها الخبراء "استقالة شعبية من العمل السياسي انتقلت عدواها إلى الأحزاب التي لا تنشط إلا بالمواعيد الانتخابية أو خلال مؤتمراتها الرسمية".
وبين كل ذلك، اتفق الخبراء على أن الأحزاب السياسية بالجزائر التي تنتظرها انتخابات داخلية لاختيار قيادات جديدة لها ستجد نفسها أمام "حتمية تغيير خطاباتها وتكتيكاتها أكثر من واجهاتها"، مرجعين ذلك إلى أن المشهد السياسي بالجزائر "لم يعد قابلا القسمة على ثنائية المحاصصة والشعبوية".
مؤتمرات حزبية
ويرى الخبراء أن المرحلة القادمة مقبلة على مواعيد سياسية هامة في كبرى الأحزاب الجزائرية التي تستعد لـ"عمليات الانتقال السلس للسلطة بداخلها"، ومعظمها تعيش حالة من الغليان أو ورثت أزمات وضعتها في مواقف صعبة أمام السلطة والرأي العام.
"حزب جبهة التحرير" الحاصل على الأغلبية بمقاعد البرلمان الجزائري من أكثر الأحزاب الجزائرية التي بدأت التحضير مبكرا لعقد مؤتمرها الـ11 قبل نهاية العام الحالي، لاختيار قيادة جديدة، وسط احتدام الصراع بين أنصار الأمين العام الحالي أبو فضل بعجي وخصومه المحسوبين على "الحرس القديم".
والحزب المعروف اختصارا بـ"الأفالان" رغم بقاء تصدره للبرلمان، إلا أنه عرف منذ 2019 هزات عدة على خلفية دعمه ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، دخل بعدها في صراعات داخلية، وخسر "الأغلبية المطلقة" التي كان يحتركها بالمجالس المنتخبة لعقدين.
كذلك، يترقب حزب "جبهة القوى الاشتراكية" الذي يعد أقدم حزب معارض بالجزائر لعقد مؤتمره لانتخاب قيادة جديدة، وهو المؤتمر الذي تقول قيادته الحالية إنه يسعى لـ"إعادة التوازن للحزب".
ومنذ رحيل زعيمه التاريخي حسين آيت أحمد في 2016، دخل حزب "الأفافاس" في صراعات على من "يملك أحقية تمثيل إرث زعيمه الراحل".
في المقابل، يبدو حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض "أكثر بعدا" عن الخلافات الداخلية، خصوصا بعد أن قرر رئيسه الحالي محسن بلعباس عدم الترشح لعهدة جديدة.
التوازن الحزبي
وفي قراءته لطبيعة المشهد السياسي المقبل بالجزائر على ضوء انتخاب قيادات جديدة بأكبر الأحزاب، أوضح الناشط السياسي حبيب براهمية أن "العمل السياسي عبر الأحزاب اليوم يمر بالكثير من المشاكل سواء من جانب السلطة ومن جانب الأحزاب السياسية بحد ذاتها".
الناشط السياسي يرى أن "إغلاق وسائل الإعلام أمام الأحزاب منعها من التعامل مع المواطن وتقديم برامجها السياسية، حتى إن عددا من الأحزاب لم تعد تقدم أي برنامج أو مشروع مجتمعي، وذلك الحزب أصبح فقط تلك المؤسسة التي تجمع عددا من المرشحين يوم الانتخابات، ورأينا كيف أن بعض هذه الأحزاب فازت بهذه الطريقة".
واستطرد قائلا: "تنظيم المجتمع يحتاج حقيقة لأن تكون هناك أحزاب سياسية تحمل مشروعاً وطنياً متوازنا على كل مناطق الوطن، وليس مشاريع جهوية".
ويعتقد حبيب براهمية بأن "وجود أحزاب متوازنة في برامجها السياسية موجود بالساحة السياسية الجزائرية، لكن ليس بالقدر الكافي، أما هل تتأقلم هذه الأحزاب مع الأوضاع الحالية أم نعاتب السلطة التي دفعتها لأن تسير في هذا الطريق فلا أملك جواباً مباشرا لهذا الأمر، والأكيد أن هناك أحزابا تقول أن الهدف ليس الفوز بالانتخابات وإنما تنظيم المجتمع واقتراح أفكار وحلول ومشاريع، ومحاولة توعية المواطن حول فكرة الحزب السياسي، وأكثر من ذلك حول فكرة الدولة".
"الفراغ الرهيب"
أما المحلل السياسي العربي زواق فيرى في حديث مع "العين الإخبارية" أن "قيادات معظم الأحزاب السياسية في الجزائر تُفرض ولا تُجدد".
ويعتقد بأن "هذه الظاهرة تشمل الأحزاب التي كانت تمثل السلطة، وكل المؤشرات توحي بأن الأمين العام الحالي لحزب جبهة التحرير سيبقى بعد المؤتمر".
ويرى مراقبون بأن معظم الأحزاب الجزائرية المحسوبة على الموالاة أو المعارضة أو "المدعية للمعارضة" ورثت صراعات لأسباب مختلفة تعقد من فكرة إحداث تغيير جذري بها.
وإن كانت هذه الأحزاب قادرة على تغيير خطاباتها السياسية، علق المحلل السياسي بالقول: "النظام السابق دمّر الحياة السياسية بالكامل، حتى الأحزاب التي تسمي نفسها معارضة مثل حزب العمال فإن لويزة حنون تقوده منذ أكثر من 30 سنة، وهو سلوك غير ديمقراطي، والمرحلة التي وصلنا إليها لا توجد طبقة سياسية، ونحن نعيش مرحلة فراغ رهيب".
مشاكل عميقة
وإن كانت هذه الأحزاب تتجه لضخ دماء جديدة، أوضح المحلل السياسي الدكتور عامر رخيلة أن "المشكل ليس مشكلة أشخاص أو تغيير القيادات بل هي مشكلة ذهنية".
وقال في حديث مع "العين الإخبارية" إن "الشيء السائد الآن في الأحزاب التي تسعى للوصول إلى السلطة لا علاقة لها بالسلطة التنفيذية، تصاب بالسبات العميق بعد الانتخابات، وهذا ما يتعارض مع الأساليب الحزبية، بل هو خلية نحل تعمل بشكل منتظم ودائم، والأحزاب الآن آخر اهتماماتها الآن كسب أنصار جدد، وتكوين مناضليها".
ويعتقد بأن "المسألة الأساسية ليست في تغيير القيادات الحزبية بل في تغيير مناهج العمل السياسي".
aXA6IDMuMTM4LjExOC4xOTQg جزيرة ام اند امز