الجزائري عبد اللطيف ولد عبد الله لـ"العين الإخبارية": تأثرت بنجيب محفوظ والبوكر تعترف بجودة الرواية لا الأسماء
أكد الكاتب الجزائري عبد اللطيف ولد عبد الله بأن جائزة البوكر العربية مكسب حقيقي له، وبأنها "لا تعترف بالأسماء، بل بجودة العمل".
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، وصف الروائي الجزائري الشاب ترشيح روايته "عين حمورابي" في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية بـ"فأل الخير".
كما كشف عن واحد من الأسرار التي أدخلته عالم الكتابة من أوسع أبوابه، ولم يكن ذلك إلا "قصة حب فاشلة" جعلت منه واحدا من أشهر الروائيين الجزائريين والعرب.
عبد اللطيف كان صريحاً جدا في أجوبته، حيث تحدث أيضا عن ميوله للكتابة أكثر من تخصصه في الهندسة المعمارية بشكل سبب له "متاعب مالية" حتى إنه وصف علاقته بالمجالين وكأنه "متزوج من امرأتين وكلاهما تطالبان بكل طاقتي وأنا لا أستطيع إرضاءهما معا بنفس الطريقة، لكنه يعتبر في الوقت ذاته بأن عالم الكتابة يبقى رأس ماله الذي لا يمنحه القوة.
وعبد اللطيف ولد عبد الله من كتاب الجيل الجديد في الجزائر، يبلغ من العمر 33 عاماً، وينحدر من ولاية معسكر الواقعة غرب الجزائر، لكنه يقيم في محافظة مستغانم.
وبعد أن نشر عددا من المقالات والنصوص في مواقع عربية، دعم عبد اللطيف مشواره برواية "خارج السيطرة" التي حصدت الجائزة الثانية لـ"علي معاشي" عام 2018، كما صدر له في العام ذاته رواية "التبرج"، وآخرها كانت "عين حمورابي" عام 2020 الصادرة عن دار "ميم" للنشر.
روايتك "عين حمورابي" دخلت للمرة الأولى قائمة البوكر الطويلة مع مواطنيك سارة النمس وعمارة لخوص.. كيف تنظر إلى هذه المرحلة من مشوارك؟
أهم شيء يمكن أن تضيفه جائزة مرموقة هو أن تُعرّفك للجمهور مع إمكانية ترجمة عملك إلى لغة أجنبية تمنحه نفساً جديدا وقُرّاء من ثقافة مختلفة كلياً.
وصولي إلى القائمة الطويلة مكسب حقيقي لي ككاتب، لأن إسمي بدأ يتردد في الأوساط الأدبية وهذا فأل خير.
ما توقعاتك لنتائج القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في ظل المنافسة القوية؟
ليس لي توقعات، لأني لم أقرأ الأعمال المرشحة، هذا لأنها غير متوفرة في بلدي ولا يمكن طلبها بسهولة وقد يستغرق وصولها أسابيع طويلة.
ولنفترض أن لي توقعات، فلن تكون ذا فائدة، فالكثير من الأسماء التي لم تخطر على بال أحد هي موجودة في القائمة الطويلة، وهذا مكسب حقيقي للجائزة لأنها لا تعترف بالأسماء بل بجودة العمل.
ماذا يمكن أن تقول عن رواية "عين حمورابي"؟
وحيد حمراس يعود من ألمانيا بعد اغتراب دام لسنوات إلى الجزائر ويقوم بالعمل مع فرقة التنقيب عن الآثار للكشف عن مدينة أثرية قديمة تقع في قرية على الحدود مع بلد مجاور حيث الألغام والأسلاك الشائكة.
تحدث أثناء ذلك جرائم قتل وأحداث أخرى متعلقة بالمكان الأثري، كل ذلك سيخلق عداء واضطراباً لدى السكان الأصليين الذين هم عينة من شعوب العالم المقهورة.
صدر لك قبل ذلك عملان روائيان وهما "خارج السيطرة" و"التبرج".. ماذا عنهما؟
"خارج السيطرة" صدرت عن منشورات "ضفاف لبنان" و"الاختلاف الجزائر" عام 2006، وهي رواية بوليسية تقع أحداثها بين مدينتي معسكر ووهران (غرب الجزائر).
أما الرواية الثانية فهي رواية سيكولوجية نفسية تدور أغلب أحداثها في مستشفى حكومي، صدرت عن نفس الدارين عام 2018.
هل أنت من أنصار مزج كتابة الروايات بين اللغة الفصحى واللغة المحكية أو العامية؟
الكتابة باللغة العامية يزعجني كثيرا، لا أقرأ الروايات المكتوبة بالعامية وقد لاحظت أن كتاباً عرب بدأوا ينحون نحو المزج بين العامية والفصحى أو الكتابة بالعامية مباشرة وهذا يجعلهم غارقين في المحلية والاستسهال.
من جمهورك المستهدف في أعمالك الروائية؟
عندما أكتب أفكر في قارئ مثلي، وهذا يجعلني أتساءل عن مدى الشبه بيني وبين قراء آخرين.
تنتمي إلى الجيل الجديد من الروائيين في الجزائر.. كيف دخلت عالم الكتابة؟
لم أعد أذكر السبب الذي دفعني للكتابة أول مرة، لكنني أستطيع العودة إلى الماضي واسترجاع بعض ذكريات الجامعة حيث كنت أملك مذكرة بدأت لأول مرة أدوّن فيها أفكاري، وقد كانت كلها تدور حول حب حقيقي عشته في مرحلة الثانوية واستمر تأثيره إلى الآن.
ولكنني لم أعد أكتب عن الحب، كما أن لغتي لم تعد مزيجاً من الطلاسم غير المفهومة، صرت أكتب بطريقة جيدة ويمكنني أن أصف ما أرغب في وصفه بيسر.
ولكن الشيء الأكيد الذي منحني القوة للكتابة هو الشجاعة، فلولا الشجاعة لما استطعت اختراق حاجز الخوف والخجل من أن أكشف حقيقتي كإنسان هش وضعيف يحتاج للآخر، فالاعتراف بالفشل والعجز يزيل بعض العبء عن الروح.
تخصصك العلمي "هندسة معمارية" لكنك اخترت الكتابة.. كيف؟ ولماذا؟
كلاهما عمل إبداعي لكنني أملك حرية أكبر في الكتابة، أعمل مهندساً في النهار وأكتب في الليل، أعيش عالمين متوازيين، وفي هذا التنوع متعة لأنه يخرجني من الروتين الممل.
إلا أنني صرت أميل للكتابة أكثر وأحيانا على حساب العمل وهذا قد شكل لي متاعب مالية، الآن بدأت أحاول التوفيق بينهما ولكن دون جدوى.
أشعر وكأنني متزوج من امرأتين وكلاهما تطالبان بكل طاقتي وأنا لا أستطيع إرضاءهما معا بنفس الطريقة، لذلك أركز كثيرا على الكتابة فهي تمنحني نشوة لا مثيل لها، أما العمل فاقتصرت على بعض المعاملات فقط التي لا تتطلب جهدا كبيرا لكي أكون بكامل قوتي في الليل.
ما قراءتك للمشهد الأدبي والثقافي بالجزائر؟
هناك جيل جديد من الشباب يقرأ ويكتب بعدة لغات بالإضافة إلى العربية والفرنسية والإنجليزية، هناك من يقرأ بخمس لغات وأحيانا أكثر.
هؤلاء وجدوا ضالتهم في التكنولوجيا لأنها منحتهم حرية إبداعية وفضاءات للتعبير عن أفكارهم لم تمنحها لهم حكوماتنا.
ولكن في العموم، المشهد الثقافي في الجزائر بدأ ينتعش في السنوات الأخيرة فهناك نشاطات فكرية في كل المجالات في جميع أقطار البلد، أنا متفائل جدا وأتمنى أن لا أكون واهماً.
كيف تنظر إلى واقع الرواية في الجزائر؟
الرواية الجزائرية، وأفضل أن أقول "المغاربية" بحكم اشتراكنا في رقعة جغرافية واحدة ويجمعنا تاريخ طويل من الكفاح ضد القوى الخارجية منذ عهد قديم، لها تاريخ طويل عكس ما يظن البعض، فما يكتب باللغة الفرنسية حقق رواجاً في المغرب العربي وفي العالم الغربي على حد سواء.
فعلى سبيل المثال ياسمينة خضرا جزائري ويكتب باللغتين الفرنسية والعربية ولكنه اشتهر كونه كاتباً فرنسيا كالكثير من كتابنا اللامعين، وياسمينا خضرا أكثر الكتاب العرب قراءة في العالم.
هذا التنوع اللغوي يزيد من الثراء الفكري والتفتح على الآخر ولكن الكثيرين يريدون من الأدب المغاربي إما أن يكون عربياً أو أجنبيا وهذا خطأ.
بمن تأثرت من الروائيين الجزائريين أو العرب أو العالميين؟
تأثرت بالكثير من الكتاب اللامعين ولكن من بين من علقت نصوصهم بذاكرتي يوجد رشيد بوجدرة صاحب رواية" الحلزون العنيد"،و المغربيان الطاهر بن جلون مغربي وعبد الفتاح كيليطو مغربي والمصري نجيب محفوظ وبالخصوص روايته "بداية ونهاية".
هل نالت تجربتك في كتابة الروايات حظها من المتابعة النقدية؟
للأسف لا.. ولكن المصيبة إذا عمّت خفّت، فأنا لست وحدي في هذا الوضع المتأزم ثقافياً، أؤمن بأن كل كتابة جيدة ستجد طريقها إلى قلوب القراء وهذا يغنيني عن كل شيء.