الجزائر 2021.. عام رحيل بوتفليقة و"التغيير الناعم"
يصف الجزائريون 2021 بأنه عام التغيير الناعم لما تبقى من واجهة نظام بوتفليقة السابق عبر تجديد المجالس المنتخبة ومعها قوانين اللعبة السياسية.
وبعد أن بدأت مرحلة التغيير "الجذري" في 2020 بخطوات متثاقلة بفعل مطبّات جائحة كورونا، أنهت الجزائر عام 2021 بـ"شوط التغيير السياسي" ومعه تفكيك ما يعرف بـ"ألغام النظام السابق".
ألغام سياسية تتضمن برلمانا ومجالس محلية، ليتبقى الشوط الثاني والمتمثل في "التغيير الاقتصادي" الذي سيكون عنوان المرحلة المقبلة اعتبارا من 2022، كما وعد رئيس البلاد عبدالمجيد تبون.
ولم يتوقف اجتثاث إرث النظام السابق في 2021 عند قلاعه وخارطته السياسية، بل رحل رئيسه عبدالعزيز بوتفليقة بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً وراءه تساؤلات أقربها لـ"الألغاز المعقدة" عن مرحلة دقيقة ومفصلية في تاريخ الجزائر، كما يرى كثير من المراقبين.
وترصد "العين الإخبارية" ضمن مجموعة متنوعة من تقارير الحصاد والتي تبرز أهم الأحداث في جميع الدول حول العالم، مرحلة التغيير في الجزائر خلال عام 2012 بعد مرحلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
مجالس منتخبة جديدة
شهد العام 2021 انتخابات بارزة في الجزائر، أولها الانتخابات التشريعية في 12 يونيو/حزيران، ثم أعقبتها بعد 5 أشهر انتخابات تجديد المجالس المحلية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
ولم تُجر تلك الانتخابات إلا بعد تغيير القانون المنظم لها والموروث عن عهد النظام السابق الذي أنهى قواعد اللعبة القديمة بـ"حذف أوراق" المحاصصة السرية وتدخل المال الفاسد في السياسة وشراء الذمم والقوائم الانتخابية.
وبعد حل البرلمان للمرة الثانية في تاريخ البلاد، جرت انتخابات نيابية مبكرة أفرزت خارطة سياسية جديدة مليئة بالمفاجآت وإن أبقت الأحزاب الداعمة للنظام السابق في المشهد الجديد، مع بروز متغيرات "ثقيلة" بالمعادلة السياسية أبرزها "المستقلون" الذين باتوا "القوة السياسية الثانية" بالبلاد، وهي نتيجة تاريخية لم تحدث من قبل.
مشهد تكررت وتثبتت نسخته في الانتخابات المحلية وتأكد معها انتهاء عهد الأغلبية المطلقة لما كان يعرف بـ"أحزاب النظام"، فلم يعد للسلطة الجزائرية في 2021 أحزاب تسير في فلكها "ظاهرياً على الأقل" وفق قراءات المراقبين.
لكن اللغم الوحيد الذي عجزت السلطة الجزائرية عن تفكيكه هو "العزوف الشعبي" عن الانتخابات؛ إذ سجلت الانتخابات النيابية "أدنى نسبة مشاركة" في تاريخ التصويت، وإن تجاوزت هذه "العقدة" في "المحليات".
إلا أن المتابعين للشأن السياسي الجزائري، يرون أن "مقاطعة وعزوف" أكثر من 16 مليون ناخب للاستحقاقات الانتخابية يبقى "اختبار الثقة" الوحيد أمام سلطة جديدة تقول إن أولويتها "الخروج بمؤسسات شرعية".
رحيل بوتفليقة
فجر 18 سبتمبر/أيلول الماضي، كان موعدا لنهاية "المشوار الحياتي" للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة بعد صراع طويل مع المرض دام 8 سنوات عن عمر ناهز 84 عاماً.
بوتفليقة الذي رحل بما له وما عليه، ترك خلفه أسرارا غامضة عن كل فترة قضاها في حكم الجزائر من 1999 إلى 2019، وهو الذي تربع على كرسي الرئاسة بـ"الإجماع" وغادره على كرسي متحرك بـ"الإجماع" أيضا، لكن الرافض لبقائه.
أقيمت له مراسم تشييع رسمية وعسكرية تقدمها رئيس البلاد عبدالمجيد تبون، وأعلن الحداد الرسمي لـ3 أيام حزناً على رحيله.
ومن غرائب السياسة أن تكون تلك المراسم الحزينة والرحيل الهادئ و"الاعتراف الرسمي الضمني" بأن بوتفليقة لم "يكن إلا ضحية محيطه" بحسب متابعين، لم تكن كذلك في "مراسم ترحيل" إرثه "قولا وفعلا".
ومن التصريحات الرسمية التي كشفت عن بعض خبابا ممارسات النظام السابق إلى تغيير قلاعه المؤسساتية، استمرت محاكمات رموز نظامه، ومعه طفت مفاجأة غير متوقعة تمثلت في "التفاوض" معهم لاسترجاع الأموال المنهوبة.
وكل ذلك فتح باب التساؤلات إن كان الأمر مرتبطاً بـ"عفى الله عما سلف مقابل إعادة مليارات الدولارات المخزنة داخل البلاد وخارجها".
وتشاء الأقدار أيضا، أن يلحق في الشهر ذاته، من خلف بوتفليقة، الرئيس المؤقت السابق عبدالقادر بن صالح، الذي توفي في 22 سبتمبر/أيلول.
ومع رحيل الرئيسين السابقين، وتجديد المجالس المنتخبة، طوت الجزائر صفحة متناقضة في ضيائها وقتامتها، وانتقلت لمرحلة جديدة تغيرت فيها معايير الحكم المقبل عليها، ودخلت معها عوامل محلية وإقليمية وحتى دولية ستحدد "ماهية الجزائر المقبلة".