بعد 3 أشهر من استدعائه.. سفير الجزائر يعود إلى فرنسا
قررت الجزائر، الأربعاء، إعادة سفيرها إلى باريس بعد 3 أشهر من سحبه، اعتراضا على تصريحات مثيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأكدت الرئاسة الجزائرية في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، استقبال الرئيس عبد المجيد تبون، لسفير البلاد لدى فرنسا محمد عنتر داود.
- الجزائر وفرنسا في 2021.. سحابة تصريحات وتأشيرات تُمطر توترات
- الجزائر تكشف أسباب استدعاء سفيرها من فرنسا
وأشارت إلى أن عودة السفير الجزائري لمواصلة أداء مهامه بباريس، ابتداء من يوم غد الخميس 6 يناير.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استدعت الجزائر سفيرها لدى باريس، احتجاجاً على تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثارت "غضباً رسمياً وشعبياً" في الجزائر.
وكشفت الرئاسة الجزائرية، عن أسباب قرارها المفاجئ باستدعاء سفيرها لدى باريس، وربطته بتصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي.
ووفق بيان لها، فقد كانت أسباب استدعاء سفير الجزائر لدى فرنسا بالتصريحات المنسوبة للرئيس الفرنسي التي اتهم فيها السلطات الجزائرية بـ"كن الضغينة لفرنسا"، فيما اتهمت الجزائر ماكرون بـ"التدخل في شؤونها الداخلية".
وبحسب البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، فقد أكد أن سبب استدعاء السفير من فرنسا للتشاور "جاء على خلفية ما تداولته وسائل إعلام فرنسية لتصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي ولم يجر تكذيبها، وجاء فيها التدخل بالشأن الداخلي للجزائر".
وشددت الرئاسة الجزائرية على رفضها "أي تدخل في شؤونها الداخلية"، ووصفت تصريحات ماكرون بـ"غير المسؤولة".
وقالت إن تصريحات الرئيس ماكرون تحمل مساسا "غير مقبول" بذكرى شهداء فترة الاستعمار، مشيرة إلى أن جرائم فرنسا الاستعمارية بالبلاد لا تعد ولا تحصى، وتعتبر إبادة للشعب الجزائري.
مؤشرات التقارب
وتأتي خطوة التهدئة الجزائرية مع باريس، عقب قرار فرنسا، نهاية الشهر الماضي، فتح أرشيفها المتعلق بالقضايا القانونية وتحقيقات الشرطة في الجزائر خلال حرب الأخيرة ضد الاستعمار الفرنسي.
ويسمح مرسوم لوزارة الثقافة الفرنسية، بالاطلاع على كل "المحفوظات العامة التي تم إنشاؤها في إطار القضايا المتعلقة بالأحداث التي وقعت خلال الحرب الجزائرية بين الأول من نوفمبر/تشرين ثاني 1954 و31 ديسمبر/كانون الأول 1966".
ويشمل ذلك "الوثائق المتعلقة بالقضايا المرفوعة أمام المحاكم وتنفيذ قرارات المحاكم"، و"الوثائق المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دوائر الضابطة العدلية".
وتضمن تلك الوثائق "الموجودة في دار المحفوظات الوطنية ودار المحفوظات الوطنية لأراضي ما وراء البحار ودار المحفوظات للمحافظات ودائرة المحفوظات التابعة لمديرية الشرطة ودائرة المحفوظات التابعة لوزارة الجيوش وفي إدارة المحفوظات بوزارة أوروبا والشؤون الخارجية "، بحسب المرسوم.
وهي الخطوة التي انقسم إزائها المراقبون في الجزائر، بين من اعتبرها "عربون تهدئة مع الجزائر"، فيما عده آخرون "ورقة ابتزاز" فرنسي للجزائر لـ"كشف أسرار قد لا ترقى للطرف الجزائري".
كما جاء قرار الرئيس الجزائري بإعادة سفير بلاده إلى فرنسا بعد نحو شهر من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، التقى خلالها نظيره رمطان لعمامرة والرئيس عبد المجيد تبون.
وعقب استقباله، أعلن وزير الخارجية الفرنسي عن "رغبة باريس في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر".
لودريان في تصريحات لوسائل الإعلام الحكومية الجزائرية، كشف أيضا عن نقله للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "رغبة بلاده في العمل من أجل إذابة الجليد وسوء التفاهم الحاصل بين بلدينا".
وأضاف أن لقائه مع تبون "كان مهما"، مشيرا إلى أن زيارته تهدف إلى "تعزيز الثقة بين بلدينا في كنف السيادة الكاملة لكل بلد".
وأثنى وزير الخارجية الفرنسي على العلاقات التاريخية التي تربط بلاده مع الجزائر، وأشار إلى ذلك بالقول: "الجزائر وفرنسا لديهما روابط عميقة تنشطها العلاقات الإنسانية بين البلدين".
وكشف لودريان عن جانب من مباحثاته مع الرئيس الجزائري، قائلا: "خلال حديثي مع الرئيس الجزائري ركزنا على تعاون تترجمه انطلاقة حوار فعلي بيننا كشركاء في ملفات تتعلق بأمن البلدين".
ونبه لودريان إلى التحديات الأمنية التي تواجه البلدين، مشددا على أن "الجزائر وفرنسا تواجهان تحديات كبيرة إقليمياً ودولياً بخصوص الإرهاب في الساحل والهجرة غير الشرعية والقضايا الاقتصادية".
كما بحث وزير الخارجية الفرنسي مع المسؤولين الجزائريين الأزمة في مالي، مؤكدا أن "الجزائر تلعب دورا مهماً في ملف المصالحة المالية"، معربا في السياق عن امتنانه لـ"التزام الجزائر بإرساء دعائم المصالحة في مالي".
وزيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر هي الأولى منذ تصاعد الأزمة بين البلدين على خلفية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي عدتها الجزائر "استفزازية" واتبعتها بخطوات تصعيدية ضد باريس.
أزمة معقدة
وشهدت العلاقات الجزائرية – الفرنسية في الأشهر الأخيرة تصعيدا غير مسبوق وصل حد استدعاء الجزائر سفيرها لدى باريس، وغلق مجالها الجوي في وجه الطيران العسكري الفرنسي المتجه للساحل.
خطوات "عقابية" كما سماها المتابعون، جاءت عقب التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكتوبر/تشرين الماضي، وأثارت غضباً جزائرياً "غير مألوف" بتداعياته في العلاقات المعقدة والحساسة أصلا بين البلدين.
وأوردت صحيفة "لوموند" الفرنسية تصريحات منسوبة لماكرون وصف فيها النظام الجزائري بـ"العسكري".
كما اعتبر ماكرون أن الجزائر قامت بعد استقلالها في 1962 على "إرث من الماضي" حافظ عليه "النظام السياسي العسكري".
وتحدث ماكرون، حسب الصحيفة، عن "تاريخ رسمي أعيدت كتابته بالكامل.. ولا يستند إلى حقائق" بل إلى "خطاب يقوم على كراهية فرنسا".
كما تعقدت الأزمة بين البلدين عقب القرار المفاجئ الذي صدر عن وزارة الداخلية الفرنسية بتخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى "النصف" وطالبت الجزائر ودول المغرب العربي بـ"استلام مواطنيها المتواجدين بطرق غير شرعية على الأراضي الفرنسية".
واعتبرت الجزائر الخطوة الفرنسية "غير لائقة وصدرت دون تشاور معها"، فيما وصف الرئيس الجزائري عدد الجزائريين الذين قالت فرنسا إنها يتواجدون بطرق غير شرعية بـ"كذبة القرن الكبرى".
غير أن العاصمتان تبادلتا رسائل تقارب لكسر الجليد في علاقاتهما، بدأت من تصريح تبون عندما أكد أن علاقات بلاده مع باريس يجب أن "تعود إلى طبيعتها".
لكنه اشترط في المقابل ما قال إنه على الطرف الفرنسي أن "يفهم بأن سياسة الند للند ليس استفزازا لفرنسا"، مشددا في السياق على أن الأمر متعلق بـ"صيانة سيادة وطن استشهد من أجله 5 ملايين و630 ألف شهيد".
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز