"جوكر" الحرس القديم على خزائن الجزائر.. من هو عبد الرحمن راوية وزير المالية الجديد؟
في خطوة لم تكن مفاجأة فقط، بل غير متوقعة، قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إعادة الحرس القديم لوزارة المالية الجزائرية.
والخميس، أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ثاني تعديل حكومي جزئي على حكومة أيمن بن عبد الرحمن منذ يوليو 2021.
- الجزائر.. تبون يعيد حرس المالية القديم ويحتفظ بمنصب رئيس الوزراء
- الجزائر تئد موجة غلاء فاحش بقرارات تاريخية.. تراجع قياسي بالأسعار
وأصدرت الرئاسة الجزائرية بياناً حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أعلنت فيه عن قرار مفاجئ من رئيس البلاد إقالة وزير ماليته أيمن بن عبد الرحمن وإعادة عبد الرحمن راوية إلى الوزارة ذاتها، مع احتفاظه بمنصبه رئيساً للوزراء.
وأوضح البيان أنه "عملا بأحكام المادتين 91 الفقرة 07، و104 من الدستور، وبعد استشارة السيد الوزير الأول (رئيس الوزراء)، عيّن، اليوم الخميس، عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني كلا من: السيد عبد الرحمن راوية، وزيرا للمالية، وصورية مولوجي، وزيرة للثقافة والفنون".
ويرى خبراء اقتصاديون بأن رهان الرئيس الجزائري على أيمن بن عبد الرحمن في منصبين اثنين أهمها وزير المالية إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن منصب رئيس الوزراء "هو منصب تنسيقي وإداري" في الدستور الجزائري، لم يكن منسجماً مع الاستراتيجية الاقتصادية التي حاول تبون بعثها باعتبار تكوينه اقتصادي باحثاً عن حلول لمعضلات اقتصاد الجزائر، التي لم تبدأ فقط مع النظام السابق، بل منذ الانتقال من النظام الاشتراكي إلى نظام اقتصاد السوق مطلع تسعينيات القرن، باعتراف رئيس البلاد في تصريحات إعلامية سابقة العام الماضي.
وكانت مصادر قد أكدت لـ"العين الإخبارية" اعتزام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون القيام بتعديل جزئي على حكومته، خصوصاً بعد الانتقادات التي طالتها من قبل أحزاب سياسية على خلفية موازنة 2022 التي أقرها وزير المالية المقال أيمن بن عبد الرحمن، والذي يشغل أيضا منصب رئيس الوزراء منذ يوليو الماضي، في سابقة هي الأولى من نوعها في الجزائر.
وآخر قرار اتخذه الرئيس الجزائري، الأحد الماضي، كان تعديل موازنة 2022 للمرة الأولى في تاريخ البلاد، عقب إصداره أوامر بإلغاء وتجميد الضرائب على المواد الغذائية والهواتف النقالة والأجهزة الإلكترونية.
وبعد يومين من ذلك، سجلت أسعار المواد الغذائية تراجعا غير مسبوق بأكثر من 50 % وفق ما أكده تجار وخبراء جزائريون، وهو ما فسره خبراء على أنه تصحيح لخطوة كادت أن تزيد من إرهاق القدرة الشرائية للمواطنين، والتي تراجعت بالأساس بنسبة 50 % منذ 2014.
الضرائب تأتي بـ"جوكر" المالية في الجزائر
ويتضح بأن استنجاد الرئيس الجزائري بـ"حرس الخزائن القديم" في منصب وزير المالية – بحسب خبراء الاقتصاد – مرده اعتبارين اثنين، أولهما الضرائب "القاسية" التي تضمنتها موازنة 2022 والتي أثارت انتقادات شعبية وسياسية، وكذا لـ"خبرة ومعرفة" الحرس القديم بأسرار وخبايا تعثر الاقتصاد الجزائري وعجزه عن تفكيك ألغام متوارثة مثل "سوق العملات الصعبة السوداء"، و"إرث النظام السابق".
ويبدو أن إعادة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لوزير المالية السابق عبد الرحمن راوية إلى "أسمى مناصب الخزائن" يحمل في طياته عدة مؤشرات، أبرزها "إصرار رسمي على تفكيك ألغام تمتد لـ3 عقود من "التخبط الاقتصادي".
والثاني تصحيح أخطاء مالية واقتصادية يظهر بأنها لم تتوقف على إجراءات وقرارات، بل إقالات أعادت عبد الرحمن رواية "جوكر" المالية الجزائرية بين نظامين سابق وحالي، فمن هو عبد الرحمن راوية وزير المالية الجزائري "الجديد القديم"، مع الاحتفاظ بتوليفة اقتصادية تجمع بين "فلسفة راوية (الوزير الجديد) وبن عبد الرحمن (الوزير القديم)" من خلال إبقاء الأخير في منصب رئيس للوزراء.
من هو وزير المالية الجزائري الجديد؟
لم يتخصص في الاقتصاد ببداياته العلمية، لكنه اختار "المالية" مشوارا أكاديمياً ومهنياً في "الشوط الثاني" من مساره في هرم الدولة الجزائرية، التي نقلته على رأس أحد أكبر الوزارات السيادية، عاصر خلالها رئيسان "سابق وحالي" وبينهما "تحولات اقتصادية جذرية وزلزال سياسي أعمق" لم يكن هو من "ضحاياه أو من المتورطين فيه" بل حافظ على "ثقة نادرة بين نظامين سابقين وحالي".
هو عبد الرحمن راوية صاحب الـ61 عاما، والذي ولد في 7 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1960 بمحافظة مستغانم الواقعة غربي الجزائر.
سيرة "راوية" تؤكد بأنه ليس مجرد "حرس قديم لخزائن الجزائر"، بل أحد "رجالات ثقة تبون"، ذلك أن الرئيس الحالي للجزائر (عبد المجيد تبون) هو أول من رفعه إلى منصب وزير للمالية حينما تولى (تبون) رئاسة الحكومة الجزائرية نهاية مايو/أيار 2017، ما يعني – وفق خبراء – بأن "التوليفة الكيميائية الاقتصادية" أعادت جمع "تبون وراوية" في سكة "تفكيك الألغام".
وزير المالية الجزائري الجديد والقديم متخرج من كلية العلوم القانونية بجامعة الجزائر العاصمة وحاصل أيضا على "شهادة من المدرسة الوطنية" في منطقة "كليرمون فيران" بفرنسا.
لم يختر "راوية" قطاع العدالة والقانون لبداية مشواره المهني، بل أهلته شهاداته العلمية للولوج إلى قطاع المالية منذ 1985 بعد أن تولى منصب "مدير الدراسات والتشريعات الضريبية" بوزارة المالية من 1990 إلى 1993 بالتزامن مع انتقال الجزائر من النظام الاشتراكي إلى اقتصاد السوق.
تولى أيضا وفي الفترة ذاتها منصب رئيس "مكتب اتفاقيات الضرائب الدولية" ثم نائب مدير اتفاقيات الضرائب الدولية من 1993 إلى عام 2000، ثم "مدير التشريعات الضريبية من 2000 إلى 2003.
سجل عبد الرحمن راوية بعد ذلك "خبرة دولية" بعد أن شغل منصب "خبيرا لصندوق النقد الدولي" في جمهورية الكونجو الديمقراطية من 2003 إلى 2005، ليعود بعدها إلى بلده "مسؤولا عن الدراسة والتلخيص" وهو مكتب تابع لوزارة المالية الجزائرية من 2005 إلى 2006، وبعدها "مديرا عاما للضرائب" من 2006 إلى 2017.
"الضرائب" قد تكون "كلمة السر" في اختيار وإعادة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لوزير المالية الأسبق والجديد عبد الرحمن راوية إلى منصب وزير المالية، لأنه المنصب الذي "عمّر" فيه "رواية" كثيرا.
ويقصد بذلك بحسب خبراء الاقتصاد أن قرار الرئيس الجزائري في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، الأحد الماضي، بإلغاء وتجميد جزء كبير من الضرائب، مرده "معرفة راوية بهوامش وحدود تحرك الحكومة الجزائرية في نطاق الضرائب دون خلق أزمة شعبية في مقابل خلق مورد مالي آخر لخزينة الدولة"، وهي الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة التي سعى عبد المجيد تبون تكريسها والبحث عنها كـ"وصفة دائمة" لمرض الاقتصاد الجزائري.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xNDQg جزيرة ام اند امز