الجزائر تئد موجة غلاء فاحش بقرارات تاريخية.. تراجع قياسي بالأسعار
بعد نحو شهر ونصف الشهر على دخولها حيز التنفيذ، قررت السلطات الجزائرية إحداث تعديلات كبيرة على موازنة 2022.
تعديلات وصفت بـ"الجريئة والتصحيحية" شملت إلغاء وتجميد ضرائب على سلع، بعد أن شهدت أسعارها ارتفاعاً قياسياً وغير مسبوق، وأحدثت استياء شعبياً، فيما أكدت الجزائر بأنها قرارات تهدف لـ"حماية القدرة الشرائية للمواطنين".
- صنع في الجزائر.. حكاية أول سفينة جزائرية لصيد التونة
- الجزائر أمام اختيار "صعب".. أموال أوروبا أم صداقة روسيا؟
وتفاجأ الجزائريون بقرارات "استثنائية" صدرت عن مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبدالمجيد تبون، أعلن خلالها حزمة من القرارات الاقتصادية التي عدّل بموجبها موازنة 2022، في سابقة لم تشهدها الجزائر من قبل، وسط ترحيب شعبي.
ووفق بيان للرئاسة الجزائرية حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، فقد أمر الرئيس الجزائري بـ"تجميد كل الضرائب والرسوم، حتى إشعار آخر، ولا سيما الرسوم التي تضمنها قانون المالية 2022 على بعض المواد الغذائية".
وكذا "إلغاء كل الضرائب والرسوم، على التجارة الإلكترونية، والهواتف النقالة الفردية، ووسائل الإعلام الآلي الموجهة للاستعمال الفردي، والمؤسسات الناشئة، والاكتفاء بالتعريفات المقنّنة حاليا".
تبون أمر حكومته أيضا باتخاذ إجراءات أخرى استعجالية لـ"تفادي آثار الارتفاع الجنوني للأسعار في الأسواق الدولية على المواطنين، خلال السنة الجارية إلى غاية استقرارها".
مجلس الوزراء اتخذ قرارا آخر هو الأول من نوعه، عندما أعلن أن رئيس البلاد أمر بعقد "اجتماع تنسيقي بين مصالح وزير التجارة وممثلي الأجهزة الأمنية، لضبط استراتيجية مُحكمة للحدّ الفوري من تهريب المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، عبر كامل الحدود الوطنية، التي تكبّد السوق والاقتصاد الوطنيين خسائر كبيرة" بحسب بيان الرئاسة الجزائرية.
كما تقرر أيضا بأن "تتكفل الدولة بتغطية الفارق في الأسعار الخاصة بالمواد الموجهة للمواطنين من قبل الديوان الجزائري المهني للحبوب، وذلك نظرا إلى ارتفاع الأسعار دوليا".
بالإضافة إلى "تشديد المراقبة أكثر على الدعم في قطاع الفلاحة، وتربية المواشي، بما يخدم استقرار الأسعار لفائدة المواطنين".
كما تقرر أيضا "التوقيف النهائي لتصدير النفايات الحديدية، بدءا من نهاية مارس/أذار المقبل، وتوجيهها نحو السوق الوطنية لدعم الصناعة، ريثما يتم ضبط السوق، وفق دراسة عميقة للصادرات والواردات في هذا المجال".
ولامتصاص البطالة، أعلن مجلس الوزراء الجزائري رفع القيود عن 15 مشروعاً استثمارياً جديدا، ودخول 44 مشروعاً آخر حيّز الاستغلال، وهو ما يعني "خلق 2680 منصب شغل جديدا، في قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة والخدمات، على أن يصل عدد المناصب المستحدثة برفع القيود عن 647 مشروعاً، إلى 43 ألف منصب".
تراجع الأسعار
وبعد أكثر من شهر عن الارتفاع الجنوني في معظم أسعار المواد الاستهلاكية، سجلت الجزائر في اليومين الأخيرين تراجعاً كبيرا في أسعار معظم السلع والمواد في أسواق الجملة والتجزئة والمحلات التجارية بنحو 50%، وفق ما أكده عدد من التجار لـ"العين الإخبارية".
وجاء ذلك عقب قرار سلطات البلاد إلغاء وتجميد الضرائب عن معظم المواد والمنتوجات التي تضمنتها موازنة 2022، والتي تسببت في استياء شعبي، رافقه تحذيرات خبراء من احتمال انهيار القدرة الشرائية للمواطنين جراء الارتفاع القياسي في مختلف الأسعار.
ووفق ما أكده تجار لـ"العين الإخبارية"، فقد تراجعت أسعار الحبوب والمعكرونة والكسكسي بنحو 50 %، فيما قررت السلطات الجزائرية إنزال فرق الرقابة لمنع أي مضاربة في الأسعار، وإلزام التجار بخفض الأسعار عقب قرار تجميد وإلغاء الضرائب.
وأجمع الخبراء الاقتصاديون على أن خطوة مجلس الوزراء الجزائري "صائبة وضروربة" و"عملية تصحيحية" لموازنة 2022، معتبرين في السياق بأن الموازنة لم تأخذ بالاعتبار "تراجع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري" والتي انخفضت أصلا منذ 2014 بنحو 50 %.
وبحسب المؤشرات الواردة في مشروع موازنة الجزائر لعام 2022 والتي حصلت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، فقد رصدت الجزائر موازنة ضخمة قدرت 9858 مليار دينار جزائري، وهو ما يعادل 74 مليار دولار، بزيادة قدرها 12 مليار دولار مقارنة بموازنة 2021 التي كانت بـ62 مليار دولار.
وراهنت الحكومة الجزائرية في إعداد موازنة 2022 على سعر مرجعي للنفط قدره 45 دولارا كسعر مرجعي لبرميل النفط الخام و50 دولارا أمريكياً كسعر السوق لبرميل النفط الخام، مقابل 40 دولارا للبرميل في موازنة 2021.