موازنة الجزائر 2022.. نهاية "كابوس" التقشف
بزيادة قدرها 12 مليار دولار عن 2021، تستعد الجزائر لدخول عام 2022 بموازنة "خالية من التقشف" للمرة الأولى منذ 2018.
أرقام ومؤشرات كشفت عنها الحكومة الجزائرية تضمنت تفاصيل ثاني موازنة في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، والأولى لرئيس وزرائه الجديد أيمن بن عبد الرحمن الذي يشغل أيضا منصب وزير المالية، بتوليفة خبرة كان يبحث عنها تبون المختص أصلا في الاقتصاد لإنقاذ اقتصاد بلاده الذي قال عنه في وقت سابق إنه ورثه "منهارا" بشكل "شبيه بالاقتصاد الألماني بعد الحرب العالمية الثانية".
- الجزائر تخلع جلباب "الدعم" لأول مرة منذ استقلالها.. عبء ثقيل
- مع تصاعد مخاوف الغاز في أوروبا.. الجزائر "تنقذ" شتاء القارة العجوز
وبعد مخطط عمل الحكومة الجديدة، برز مشروع موازنة 2022 المعروض للإثراء والنقاش في الغرفة الثانية من البرلمان الجزائري (المجلس الشعبي الوطني) قبل المصادقة عليها.
موازنة أنهت سنوات التقشف المتواصلة خصوصاً منذ 2018، إذ طرحت حكومة بن عبد الرحمن مشروع موازنة "واعد"، قال إنه يضمن "الاستغلال الأمثل للموارد وتوسيع للوعاء الضريبي والتحكم في النفقات لتحسين الاستدامة المالية".
74 مليار دولار
وبحسب المؤشرات الواردة في مشروع موازنة الجزائر لعام 2022 التي حصلت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، فقد رصدت الجزائر موازنة ضخمة قدرت 9858 مليار دينار جزائري، وهو ما يعادل 74 مليار دولار، بزيادة قدرها 12 مليار دولار مقارنة بموازنة 2021 التي كانت بـ62 مليار دولار.
وراهنت الحكومة الجزائرية في إعداد موازنة 2022 على سعر مرجعي للنفط قدره 45 دولارا كسعر مرجعي لبرميل النفط الخام و50 دولارا أمريكياً كسعر السوق لبرميل النفط الخام، مقابل 40 دولارا للبرميل في موازنة 2021.
عجز ضخم
في مقابل ذلك، مشروع قانون المالية لعام 2022 في الجزائر عجزا "تاريخياً" وغير مسبوق، تم تقديره بنحو 4100 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 30 مليار دولار.
وأرجعت الحكومة الجزائرية ذلك إلى ارتفاع النفقات مقارنة بالإيرادات، حيث أشارت إلى أن الإيرادات الإجمالية ستبلغ 5683 مليار دينار أي 43 مليار دولار أمريكي، مقابل نفقات كلية تصل إلى 74 مليار دولار.
ولم يسبق أن تجاوز عجز الموازنة العامة في الجزائر سقف 22 مليار دولار رغم كل الأزمات المالية التي مر بها، فيما يرجعه الخبراء الاقتصاديون إلى أحد تداعيات جائحة كورونا، وتعطل المشاريع التنموية وتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السوق الجزائرية.
وعكس ما كان متوقعاً، حافظت حكومة الجزائر على موازنة ضخمة للدعم الاجتماعي، حيث رصدت لها قيمة وصلت إلى 1942 مليار دينار جزائري، ما يعادل 14.6 مليار دولار.
تراجع النمو
وتوقعت موازنة الجزائر 2022 أن تصل نسبة نمو الاقتصاد إلى حدود 3.3 % مقابل 3.8 % كانت متوقعة في موازنة 2021، في مقابل توقعات باستقرار نمو قطاع المحروقات إلى 4 %، و4.5 % بالنسبة للزراعة و4.1 % لقطاع الصناعة.
المشروع ذاته، توقع أيضا زيادة في عائدات المحروقات العام المقبل تصل إلى 27.9 مليار دولار مقابل 23.21 مليار دولار في موازنة 2021، بينما توقع انخفاضاً في واردات الجزائر بنسبة 5.4 % عن 2021، على أن تصل إلى نحو 31.5 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة الجزائرية إيرادات إجمالية مع نهاية العام الحالي تصل إلى 37 مليار دولار، بينها 33 مليار دولار عائدات نفطية.
ركود اقتصادي
رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، وخلال عرضه مشروع قانون المالية العامة 2021 (الموازنة العامة) أمام اللجنة المالية للبرلمان أقر بوجود الركود الاقتصادي في بلاده، وعدّد أسبابه.
وذكر بأن تداعيات الركود الاقتصادي العالمي لعام 2020 أدى إلى تباطؤ أدى تباطؤ النمو الاقتصادي الجزائري، مضيفاً إلى ذلك "انخفاض الادخار العمومي وتقلص احتياطات الصرف وارتفاع الدين العمومي الداخلي وانخفاض قيمة الدينار مقابل اليورو والدولار بخلاف الزيادة الطفيفة في معدل البطالة".
وتحدث بن عبد الرحمن على الإجراءات التي تم اتخاذها التي قال إنها "تسمح للنشاط الاقتصادي بالعودة التدريجية إلى مستويات تسمح بتغطية الخسائر المسجلة عام 2020، وكذا التخفيف من اختلالات الحسابات الداخلية والخارجية للدولة مع استمرار دعم الدولة والحفاظ على المكاسب الاجتماعية للمواطنين من الصحة والتعليم والقدرة الشرائية).
كما قدم رئيس الوزراء الجزائري مؤشرات خاصة بالعام الحالي، وكشف عن انتعاش نمو الاقتصاد الجزائري بنسبة وصلت إلى 4.4 %، مع تسجيل انخفاض لسعر الدينار الجزائري مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 6.1 %، وكذا تحقيق فائض في الميزان التجاري قدره + 2.35 مليار دولار أمريكي، فيما صعد التضخم إلى نسبة 4.9 %.
وأوضح أن الأحكام التشريعية المقترحة في مشروع موازنة 2022 تتضمن "إصلاح الضريبة على الدخل الاجمالي، وتخفيف الضغط الجبائي على الأسر والأجور المتوسطة والضعيفة، وتحسين مردودية الإيرادات الجبائية لفئات الدخل الأخرى غير الأجور والرواتب".
وحدد ذلك "من خلال تعزيز التدرج التصاعدي للضريبة على الدخل الاجمالي، وإعادة إدراج إجمالية الضريبة المؤسسة على الدخل الإجمال، وتوسيع الوعاء الضريبي للضريبة على الدخل الإجمالي وتخفيض الضغط الجبائي فيما يتعلق بفرض الضريبة على الدخل الاجمالي على فوائض القيمة الناتجة عن التنازل عن العقارات".
وفيما يتعلق بالضريبة على أرباح الشركات، فقد تحدث رئيس الوزراء الجزائري عن عدة تدابير من شأنها تبسيط النظام الجبائي وخفض الضغط الضريبي عن طريق تقليل الاختلافات بين النتيجة المحاسبية والنتيجة الجبائية مما سيؤدي إلى إدماج ضريبي أمثل.
مشروع موازنة الجزائر للعام المقبل، تطرق أيضا لمجال دعم الاستثمار وتشجيع الإنتاج الوطني ومساعدة الأسر، حيث اقترح "توسيع الإعفاءات الجبائية الممنوحة للشركات الناشئة، وفتح حساب تخصيص خاص تحت عنوان (صندوق تخصيص الرسوم الموجهة إلى المؤسسات السمعية البصرية) لدعم مؤسسات السمعي البصري".