بالفيديو.. "بني عاد" الجزائرية.. ثاني أكبر مغارة في العالم
تراث طبيعي يزاوج بين الإبهار والسحر في مغارة "بني عاد" الواقعة في أعالي جبال عين فزة، بولاية تلمسان بالجزائر.
تراث طبيعي يزاوج بين الإبهار والسحر في مغارة "بني عاد" الواقعة في أعالي جبال عين فزة، بولاية تلمسان (500 كيلومتر غرب الجزائر العاصمة).
ومغارة "بني عاد" يتوافد عليها أكثر من 27 ألف سائح من داخل الجزائر وخارجها، ويتجاوز العدد في فصل الصيف ثمانية آلاف سائح، من أجل الاستمتاع بتحفة طبيعية أبدع الخالق في تصويرها، إلى درجة لا يكاد الزائر يسمع أصوات الناس الذين تعج بهم المغارة، من شدة دهشتهم بهذا الجمال الرباني.
يذكر خبراء الجيولوجيا أن مغارة "بني عاد'" اكتُشفت في القرن الثاني قبل الميلاد، من قبل الأمازيغ الذين سكنوا المنطقة في ذلك التاريخ، حيث جعلوها حصنا منيعا ضد الغزوات في تلك الفترة.
صُنفت مغارة "بني عاد" ثاني أكبر وأغرب مغارة في العالم، والأولى والأجمل في شمال إفريقيا، وأهم ما يميزها أيضا هو طولها الذي يتجاوز 750 مترا، وعرضها الذي يزيد عن 20 مترا، وبعمق 57 مترا، مما سمح بتشكيل تجاويف وحجرات أعطت منحوتات طبيعية، ومن الغريب أيضا في هذه المغارة، أن طول الصواعد والنوازل يزداد بواحد سنتيمتر كل مائة عام.
أما عن أصل تسميتها "بني عاد"، فيذكر خبراء التاريخ، أنه يعود إلى "قوم عاد الرُّحَّل"، في حين يذكر البعض أن أساطير تتحدث عن قوم سكنوا المغارة، لكنهم يغادرونها في كل مرة ثم يعودون إليها، لهذا سميت مغارة "بني عاد".
كما أثبتت أبحاث التاريخيين والجيولوجيين وجود حياة بالمغارة في الأزمنة الغابرة، حيث تم العثور على مطامير ومزهريات تعود في الغالب للأمازيغ.
وفي سنة 1957، قام الاحتلال الفرنسي بإغلاق الجزء الأول من المغارة بـ 60 م3 من الأسمنت المسلح، وكذا تفجير بوابة المغارة بالديناميت، بعدما اكتشف أن المجاهدين الجزائريين كانوا يستعملونها لنقل الأسلحة سرا من المغرب تجاه الجزائر خلال الثورة التحريرية الجزائرية، كما كانت المغارة مخبأ مهما للثوار الجزائريين في هذه الفترة.
توجد بمغارة "بني عاد" صخور كلسية تكونت بفعل الأمطار المتسربة إلى الجوف، فتحولت قطرات الأمطار المحملة بالكلس مع ثاني أكسيد الكربون وأكسيد الحديد إلى ترسبات كلسية، تظهر في شكل صواعد ونوازل، على شكل سيوف وإبل وشموع ونخيل، كما لا تتجاوز درجة الحرارة داخل المغارة 13 درجة مئوية على طول السنة.
قاعات المغارة
ألهم سحر مغارة "بني عاد" عددا من المؤرخين، مثل "عبد الرحمن بن خلدون"، "بن أبي زرع"، وعددا من الشعراء من بينهم "ابن خفاجة"، "ابن الخميس"، وكلهم مروا على هذا المتحف الطبيعي الذي يفوق عمره 1800 سنة.
حيث توجد داخل مغارة "بني عاد" عدد من القاعات ساحرة تشكل متحفا طبيعيا مختصرا لأزمنة غابرة، ومن بين هذه القاعات، القاعة الرئيسية، وقاعة "قصر الملك" التي تقابلها على اليمين "غرفة الملكة"، حيث عثر بداخلها على أوان فخارية أثبتت أن الإنسان سكن هذه المغارة.
كما توجد "قاعة السيوف العربية"، التي تحتوي على عدد كبير جدا من النوازل الكلسية البيضاء التي تشبه السيوف الناصعة البياض، وتسمى أيضا "قاعة المجاهدين" لأنها كانت المكان الذين يختبئ فيه المجاهدون الجزائريون خلال الثورة التحريرية المجيدة.
ومن بين القاعات الموجودة أيضا داخل المغارة، "قاعة الغابة المقلوبة"، "قاعة الصحراء"، "غابة الصبار"، "الجندي الروماني"، "رأس الفيلسوف سقراط"، "رأس الأفعى"، و"تمثال الحرية" الذي أكد بعض من الباحثين أن تمثال الحرية في الولايات المتحدة الذي يعتبر نسخة طبق الأصل لتمثال المغارة، قد استُلهم من هذا التمثال الموجود داخل مغارة "بني عاد".
من عجائب مغارة "بني عاد" أيضا، عندما ينقر أي شخص بعود خشبي على الصخور الكلسية، تنبعث إيقاعات موسيقية شبيهة بالموسيقى المعروفة في أعماق القارة الإفريقية.
مغارة "بني عاد" بتلسمان الجزائرية، معجزة طبيعية، أجمع كل زوارها أنها تمزج بين الخيال والواقع، وفي بعض من تفاصيلها، يعجز العقل عن تقبل أن ما يراه حقيقة، فهي مكان أسطوري بامتياز، وصدق من قال: "إن من زار مغارة بني عاد فقد جال العالم".