جريمة تهز الجزائر.. شاب سافر للمساعدة في إطفاء الحرائق فقتلوه وحرقوه
هي جريمة بشعة اهتزت لها الجزائر، الخميس، في عز حالة الهلع والحزن التي تعيشها البلاد جراء حرائق الغابات التي خلفت مقتل العشرات، راح ضحيتها شاب انتقل خصيصا لإخماد النيران فقتلوه، ظناً منهم بأنه من أشعلها.
ولم تكن صدمة الرأي العام في الجزائر من طريقة تنفيذ الجريمة فقط، بل في مكانها وزمانها، خاصة أن ضحيتها شاب قدم من محافظة أخرى للمساعدة في إخماد حرائق الغابات بمحافظة تيزيوزو، فكانت نهايته "القتل حرقاً".
- "الحرائق بفعل فاعل".. رئيس وزراء الجزائر يكشف امتلاك أدلة
- حرائق غابات الجزائر.. ارتفاع الضحايا إلى 65 بينهم 28 عسكريا
ولم يكن للجزائريين، الخميس، حديث آخر عبر مواقع التواصل إلى جريمة قتل الشاب جمال بن إسماعيل في محافظة تيزيوزو من قبل مجموعة، بعد أن تضاربت الأنباء حوله، بين غريب أو غامض.
وبحسب الروايات المتداولة في مواقع التواصل ووسائل الإعلام المحلية فقد قام مجموعة من سكان منطقة تيزيوزو بالاعتداء على الشاب جمال بن إسماعيل الذي قدم من محافظة عين الدفلى (وسط).
ووفق الروايات المتوفرة، فقد قامت تلك المجموعة الغاضبة بضرب الشاب ثم قتله قبل أن يقوموا بحرقه، وتوثيق جريمتهم في مقطع فيديو.
وفي الوقت الذي تبقى فيه دوافع المجرمين غامضة، إلا أن بعض وسائل الإعلام المحلي تحدثت عن "اعتقاد تلك المجموعة بأن الشاب جمال مشتبه فيه بحرق الغابات التي اندلعت في منطقة تيزيوزو".
إلا أن رواد مواقع التواصل سارعوا لنفي أي شبهة عن المغدور جمال بن إسماعيل، وكشفوا حقيقته ومن يكون، وظهر بأنه فنان موسيقي ومغنٍ وكاتب أغاني وعازف على عدد من الآلات الموسيقية ورسام، ومتطوع أيضا في جمعيات خيرية، ويُعرف في الوسط الفني المحلي بـ"جيمي"، وينحدر من منطقة "مليانة" التابعة لمحافظة عين الدفلى.
وأظهر النشطاء أغنيات أداها الفنان المغدور للجزائر من كلماته وألحانه، عبر فيها عن عشقه لبلاده وارتباطه بها.
وبحسب الإعلام المحلي الذي انتقل إلى منزل عائلة الفنان المغدور، قدم أصدقائه شهادات عنه، أكدوا خلالها بأنه جمع المال وأبلغ عائلته وأصدقائه بأنه متوجها إلى مدينة تيزيوزو لتقديم يد العون لأهلها في إخماد حرائق الغابات.
كما تداول رواد مواقع التواصل فيديوهات للشاب الضحية وهو يدلي بتصريح لإحدى القنوات المحلية الإلكترونية، أكد خلالها قدومه إلى محافظة تيزوزو للمساعدة في إطفاء الحرائق ومساعدة إخوانه بالمنطقة.
والد الشاب المغدور أكد في تصريحات إعلامية بأن ابنه "توفي شهيدا" ودعا أهل مدينته لـ"الفخر به" معتبرا أنه "بات واحدا من شهداء الجزائر".
كما دعا إلى تجنب الفتنة، واستبعد في المقابل أن يكون أهل منطقة القبائل وراء جريمة قتله، وطالب بتجنب الفتنة في هذه الظروف الصعبة، مؤكدا أن ما حدث لابنه "جريمة منعزلة لا تمثل منطقة".
كما سارع أهالي منطقة تيزيوزو إلى نشر بيانات وفيديوهات استنكار وتبرؤ من جريمة قتل الشاب، ودعوا إلى محاسبة الجناة، كما أكدوا بأن من قاموا بالجريمة "الأطراف نفسها التي تقف وراء جريمة حرائق الغابات بهدف إحداث فتنة بين الجزائريين".
تحقيق عاجل
ومساء الخميس، أصدرت وزارة العدل الجزائرية بياناً أعلنت خلاله فتح تحقيق عاجل في ملابسات جريمة قتل الشاب جمال بن إسماعيل، وكشفت فيه تفاصيل جديدة بخصوص الجريمة، مشددة "أنها لن تمر دون عقاب".
وبحسب البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، قررت وزارة العدل الجزائرية فتح تحقيق في ظروف ملابسات قضية حرق وقتل المواطن جمال بن إسماعيل بمنطقة "ناثران" في ولاية تيزيوزو لكشف هوية الفاعلين.
وكشفت عن تعرض عناصر الشرطة لإصابات متفاوتة خلال عملية تدخلهم لحماية الضحية وإنقاذه.
وتعهدت وزارة العدل الجزائرية بتقديم الفاعلين أمام القضاء "لنيل جزائهم وفضحهم أمام الرأي العام"، وبأن "هذه الجريمة البشعة لن تمر دون عقاب" و"كشف كل الحقائق للرأي العام".
القصاص
في هذه الأثناء، شددت "اللجنة الوزارية للفتوى الحكومية" بالجزائر على "عدم جواز القصاص في جميع الشرائع حتى للمجرم الذي تثبت إدانته"، وبأنه "لا يجوز للمجتمع أو الأفراد أن يعاقبوا شخصاً دون اللجوء إلى القانون".
وأكدت اللجنة الحكومية في تصريحات إعلامية بأن حادث حرق وقتل شاب مشتبه فيه في إضرام النيران بولاية تيزوزو "أمر لا يجوز"، مشددة أنها "حادثة تؤدي إلى الانفلات".
واعتبرت بأن القصاص من المجرمين "من حق الجهات المخولة، ومن يحددها قاضٍ صاحب خبرة يحدد طبيعة العقوبة".
واتهمت لجنة الفتوى الحكومية أطرافاً لم تسمها بالوقوف وراء جريمة قتل الشاب جمال، واعتبرت في المقابل بأن هدفها من الحرائق كان "الوصول إلى خلق الفتنة والانقسام والشعارات المتطرفة والعصبية".